سنة كاملة كانت كافية لتمتين العلاقة التي ربطت( م- ف)، و( ط – ش)، وجعلتهما يفكران في خوض مغامرة الهروب، أو الانفراد على الأقل بجسديهما بعيدا عن أعين الفضوليين. ولكن هل كانت أربعة أيام من الاختفاء كافية لتحقيق هذه الرغبة الجنونية؟ وهل فكرا في العواقب، في مجتمع له ثقافة معينة وعادات وتقاليد؟ كل ما كان يهم الحبيبان، هو اللقاء، مهما تطلب من ثمن. لكن ماذا قالت ( م - ف) في محضر أقوالها أمام الضابطة القضائية ؟ و ماهي الحقيقة بالضبط؟ وأين اختفى الحب حينما كان اللقاء حميميا، والأحلام تداعب الحبيبين بعش دافئ جميل ؟ هذا ما سنعرفه من خلال أطوار هذه المحاكمة، التي دارت فصولها بمحكمة الاستئناف خلال شهر اكتو برمن سنة 2010. تصريحات الضحية والمتهم عند الاستماع للضحية أكدت أنها سمعت صوتا قرب نافذة الغرفة التي تنام فيها، فلما فتحتها لتتعرف على صاحب الصوت، وجدت أمامها المتهم الذي قام بوضع يده على فمها، تم شرع في جرها إلى الخارج تحت التهديد بالقتل، ومباشرة قادها إلى احد المنازل المهجورة حيث مكثا هناك لمدة ثلاثة أيام دون أن يلمسها، لكنه كان يهددها ويعدها في الوقت ذاته بالزواج.. كما أكدت في محضر أقوالها، أن المتهم اختطفها حوالي الساعة الواحدة ليلا، وانه خلال مدة أربعة أيام، كان يناولها الخبز والحليب فقط، وبعد انتهاء هذه المدة، ركبا سيارة أجرة رفقة شخص ثالث، وتوجهوا إلى مدينة حطان، وأنها لم تطلب النجدة من السائق، لكون المتهم كان يهددها وأنها كانت خائفة منه. أما المتهم فقد صرح بأنه تربطه بالمشتكية علاقة حب وود منذ سنة تقريبا، كانا يلتقيان خلالها في احد المنازل، وانه كان يمارس معها الجنس بشكل سطحي. وبتاريخ الواقعة، اتفقا على الالتقاء بالمنزل المذكور، وان الضحية هي التي طلبت منه أن يمكثا كل تلك المدة، سيما أنها أحست أن أباها يمكن أن يكون في حالة غضب، وانه بلا شك يبحث عنها في كل مكان. وطلب منها الذهاب إلى المنزل، لكنها رفضت واقترحت عليه الهروب... وعند استنطاقه من طرف الوكيل العام للملك، أنكر واقعة الاختطاف، مؤكدا على العلاقة التي تربطه بها وهي علاقة غرام وحب..وانه مارس معها الجنس بطريقة سطحية وبرضاها... إدانة المتهم بعد ثبوت المنسوب إليه أوضح دفاع الطرف المدني، بان موكلته قاصر ومعدومة الإرادة، وان الأفعال المنسوبة للمتهم، ثابتة في حقه والتمس إدانته وفق فضول المتابعة، وبأدائه تعويضا مدنيا قدره 000.00. 30 درهم. كما التمس الوكيل العام الإدانة وفق فصول المتابعة. وبعد كلمة دفاع المتهم، الذي أكد بان المشتكية القاصر كانت رفقة موكله برضاها التام، وان واقعة الاختطاف غير قائمة، والتمس تبعا لذلك البراءة ولعدم الاختصاص في المطالب المدنية. وحيث توبع المتهم( ط –ش)، من اجل جناية استعمال العنف واختطاف قاصر يقل سنها عن ثمان عشرة سنة بدون عنف طبقا للفصلين 471 و484 من القانون الجنائي . وحيث أنكر المتهم في سائر مراحل الدعوى، جناية استعمال العنف والاختطاف..مؤكدا على العلاقة الغرامية التي تربطه بالمشتكية منذ سنة، وأنهما كانا يلتقيان من حين لآخر، وأنها رافقته برضاها إلى المنزل المهجور، كما طالبها بالرجوع إلى منزلها، لكنها أصرت على مرافقته وهددته بالانتحار. وحيث انه بالنظر إلى علو النافذة وقصر قامة المشتكية والمتهم، فان فرضية الاختطاف مستحيلة في هذه الحالة، وهو ما يجعل تصريحات المشتكية غير مرتكزة على أي أساس. وبعد أن قررت المحكمة منح المتهم ظروف التخفيف وقررت تمتيعه بها، وتطبيقا للفصول من 1 إلى 14 ومن 254 إلى 260 ومن 286 إلى 372 ومن 384 الى 395 ومن 416 الى 456 من قانون المسطرة الجنائية، والفصلين 55 و147 من القانون الجنائي وفصلي المتابعة، فان غرفة الجنايات لدى محكمة الاستئناف بخريبكة، تصدر حكمها وذلك بعدم مؤاخذة المتهم مما نسب إليه من جناية استعمال العنف واختطاف قاصر، وبمؤاخذته من اجل الباقي والحكم عليه بثلاثة أشهر حبسا موقوف التنفيذ وبتحميله الصائر في الأدنى، وبأداء تعويض عن الحق المدني قدره خمسة آلاف درهم، وبتحميله الصائر والإجبار في الأدنى.