روان العدوان، سيدة اردنية، مؤهلها العلمي بكالوريوس فنون جميلة، من جامعة اليرموك الأردنية في العام 1995م، وعملت في متحف الأردن كمساعد أمين متحف وهي مديرة جاليري للفنون، ولديها خبرة عملية مدة اربع عشرة سنة فيما يخص قطاع الفنون الجميلة والعلاقات العامة وإدارة الفعاليات والأنشطة الثقافية. روان فنانة تشكيلية، ونجمة متالقة في سماء الأردن، شخصية، مثقفة، ومنفتحة ومتحررة اجتماعيا، ولكنها تحترم عادات شعبها وتقاليده، ذات شخصية محافظة، لكنها جذابة، رائعة الجمال، ومتألقة، عينيها سوداوتين، وحالكتي السواد كشعرها، احساسها رقيق ومرهف، حديثها شيق وممتع، تأسرك بكلماتها المختارة والمنمقة، في مقتبل العمر، طولها فارع نوعا ما، وهي ليست بالطويلة ولا بالقصيرة، جسمها متناسق، لا تتجاوز الثلاثون عاما، الابتسامة، ترتسم على شفتيها دائما، ياسرك حديثها الممتع والشيق والعذب، ناشطة اجتماعية، على الساحة الأردنية، في مجال حقوق الانسان والمرأة، اقامت العديد من المعارض الفنية في الساحة الاردنية، وكذلك، في الساحة العربية والدولية، التقيتها عندما كنت في زيارة خاصة لمدينة عمان الأردنية، كنت اسير يومها، مع شقيقتي في احد شوارع العاصمة الأردنية، يومها كان الجو ماطرا، عندما صادفتها شقيقتي، وقدمتني لها، وقدمتها لي، على اساس، انها من صديقتها العزيزات عليها، منذ ايام دراستهما الجامعية معا. وكان اللقاء بينهما حارا، لذا دعتها شقيقتي ، لشرب كأس من الشاي الدافيء، في ذلك الجو البارد، في احد مقاهي عمان الراقية، لمعرفة ما استجد عليها من اخبار، بعد غيابهما عن بعض. انتهزت فرصة هذا اللقاء بينهما، واقحمت نفسي بينهما، ودار حديث مطول بيننا جميعا، يتعلق بالفن، وبالكثير من الأمور الاجتماعية في الأردن الشقيق، وفي نهاية الحوار، استاذنت الفنانة روان العدوان، فيما اذا قمت بنشر حواري هذا معها، على الشبكة العنكبوتية، لم تمانع بذلك، على أن تقرأه مسبقا، وتطالعه قبل نشره، وتضع لمساتها الأخيرة عليه، فلم امانع أنا ايضا. كان الحديث مطولا ومتشعبا، تناول اكثر ما تناول، موهبتها الفنية، وبعض القضايا الاجتماعية، وحاولت تلخيص الحوار الذي دار بيننا، بما ارتيأته مناسبا للنشر، وبطريقتي الخاصة. كان سؤالي الاول لها، كمدخل لفتح حديث معها، عن سنها، وفيما اذا كانت لم تتجاوز الثلاثون عاما؟؟؟ طبعا، لم اكن اتوقع منها جوابا على مثل هذا السؤال الصعب، كعادة السيدات غالبا، عند طرح مثل هذا السؤال عليهن، والذي غالبا ما يرفضن الاجابة عليه. قالت: وضحكة كبيرة تعلو وجهها المشرق دائما، لا ابدا، قد يكون تقديريك صحيحا، ولكن يظهر شكلي الخارجي ومظهري، لا يوحي لك بعمري الحقيقي، فانا تقريبا كما تفضلت، وانا متزوجة، ولدي ابن وابنه، بعدهما اطفالا صغارا، وها انا أمامك كما تراني، مفعمة بالحيوية والنشاط. قلت: طيب مدام روان، كم لوحة فنية، رسمت لحد الآن تقريبا؟؟؟ وكم معرضا اقمت، وفي اي الدول؟؟؟؟ قالت ببديهة سريعة: العمل الفني يا سيدي الفاضل، لا يقاس بعدد اللوحات. قلت: صحيح، النوعية والكمية والعمر الفني لك، وخلافه من الأمور، التي لها اهمية خاصة ايضا، تابعت وقلت لها: طبعا انت فنانة تجريدية، صح؟؟؟؟ قالت: فنانة تشكيلية وليس تجريدية. قلت:وما هو الفرق بين الأثنين ؟؟ لأنني لست بفنان مثلك حقيقة، حتى اميز بينهما. قالت: دعني اوضح لك معلومات عن الفن بشكل عام، كونك تجهله حقا، وانت لست فنانا مثلي، تابعت حديثها وقالت:الفن التجريدي مدرسة من مدارس الفنون، وهو اسلوب يبتعد عن تصوير اي شكل معروف، اي رفض نقل الواقع، والاتجاه الى الاحاسيس والمشاعر، والتجريدية نوعين:التجريدية التعبيرية، وصاحبها الفنان الروسي كاندنسكي، حيث جعل التصوير مماثلا للموسيقى، والتجريدية الهندسية، وصاحبها موندريان، حيث جعل المستطيل والمربع، اساس للتصميم، سواء كان في فن العمارة او التصوير، اما الفنون التشكيلية، فهي النحت والخزف والرسم والتصوير والجرافيك، هذا ملخص بسيط اردت ان اوضحه لك. قلت: كم معرضا اقمت لحد الآن؟؟؟ واين؟؟ قالت: أقمت اربع معارض شخصية، والكثير من المعارض الجماعية، في خارج الاردن، في ايطاليا والنمسا ودبي والجزائر واليمن وشرم الشيخ اي في مصر. قلت: وهل لديك هوايات اخرى غير الفنون وجنونه؟؟؟؟ قالت:اهوى لوحاتي الفنية في الأساس. قلت: وهل معارضك، تحمل رسالة خاصة اجتماعية او سياسية او خلافه؟؟؟ قالت: بالطبع، تحمل رؤيا جمالية، واصعب شيء فيها، هو المضمون الجمالي. قلت:يعني تكاد تكون لوحاتك، تعبير تجريدي فني جمالي، ليس اكثر من ذلك، اليس لها طابع انساني ايضا؟؟؟؟ قالت:بالطبع، لها طابع انساني وثقافي، فمعرضي الاخير، الذي اقمته في دولة النمسا، عبرت فيه عن ثقافة وحياة قبائل عربية بدوية، عاشت في البادية الشرقية الشمالية من الاردن، كانت تعيش قبل الفي عام قبل الميلاد. وكان مستوحى من نقوش ورسومات القبائل الصفوية، وسميت بهذا الاسم، نسبة الى ارض الصفا، وهي الارض الصخرية، الشديدة الصلابة. قلت: أليس لك علاقة بالأدب والكتابة وخلافه؟؟؟؟ وهل لك نشاطات في مجال حقوق المراة؟؟؟ قالت: كوني فنانة تشكيلية، فهذا انتصار للمراة، وكنت دائما وابدا، من المدافعات عن قضاياها وحقوقها..من خلال نشاطات ومشاركات مختلفة، فانا اعمل على تغيير نظرة المجتمع للمراة في شتى المجالات، فالمراة مديرة بالفطرة، والقادرة على ادارة شؤون الأسرة، قادرة ايضا على ادارة اية اعمال اخرى. قلت:ما هي نظرة المجتمع الأردني للمرأة الاردنية؟؟؟ قالت:تختلف من منطقة الى اخرى، فمثلا في محافظة العاصمة عمان، المراة فاهمة لحقوقها وواجباتها اكثر من المراة التي تعيش في الريف، فنظرة المجتمع هناك للمراة، نظرة دونية، وبخلاف ذلك، فانت تعلم ان مجتمعنا، مجتمع ذكوري، فأنا اريد للمراة ان تكون لها شخصية مستقلة، فهي قادرة على اتخاذ القرار، ومن دون مساعدة من أحد، وعلى الحكومة، ان تعمل على ان يكون لها تمثيل اكبر، في شتى المجالات الاجتماعية. قلت: هل انت مع نيل المراة الاردنية لحقوقها كاملة، اسوة بالرجل؟؟؟ قالت: هذا يرجع الى ثقافة المجتمع الذي نعيش فيه، ومن هنا، يجب على الحكومة، ان تعي دور الثقافة، وان تعطيها اهمية اكبر، وان لا تكون ذات اهتمام ثانوي عندها، كون نشر الثقافة، تعمل على تغيير فكر مجتمع باكمله ...ولكن، لا يمكننا التغيير، والقائمين على الثقافة من الغير مثقفين. كما القائم على رسم لوحة فنية، وهو ليس بفنان. قلت:هل المرأة الاردنية متقدمة على المراة العربية الأخرى في رأيك، ام انها اقل منها في استقلالية شخصيتها؟؟؟ قالت: اعتقد ان وضع المراة في كافة الدول العربية، متشابه تقريبا، وفئة قليلة من النساء اللواتي استطعن ان يثبتن وجودهن في المجتمع العربي. قلت:البعض يقول ان المراة دورها في البيت، للطبخ وتربية الاولاد، وطاعة الزوج وخدمته، هل انت مع هذا القول؟؟؟ قالت:طبعا، انا ضد هذه المقولة، فالدور مشترك، بين الرجل والمراة، واهم شيء بينهما، هو التفاهم، مع ان الرجل في مجتمعنا العربي، وان كان قد وصل على قدر من الثقافة والتعليم، الا انه يعتقد ذلك ايضا. قلت:هل انت مع مقولة الفن للفن، ام لخدمة المجتمع؟؟؟ قالت:هذا يرجع الى شخصية الفنان، فانا اؤمن ان الفن قد وجد، كي يخدم المجتمع والانسان، فالفن، موجه الى الانسان، ولكل فنان رسالة، للتعبير عن طموحاته واحلامه وهمومه ؟؟؟؟ وعن الدفاع عن القضايا الانسانية، فمثلا الفنان الشهير بيكاسو، رفع من مستوى الثقافة العالمية، وخصوصا، ثقافة بلده، فعندما رسم لوحته المشهورة (الغورنيغا)، عبر عن معاناة الناس هناك، نتيجة للحرب الاهلية، التي كانت انذاك، فالفنان، سفير لبلده اينما كان. قلت:هل لك نشاطات كتابية وادبية وشعرية معينة وخلافه؟؟؟ قالت:لا، ولكنني اتذوق الشعر.....فروحي شاعرة وكاتبة. قلت: هل تعتقدي أن شعبنا العربي متذوق للفن بانواعه؟؟؟؟ قالت: اعتقد أن فئة قليلة منه فقط. قلت:سمعت ان لك تجربة انتخابية برلمانية في الاردن، ما هي؟؟؟ وهل ما زلت تودين خوض انتخابات قادمة وباسم من؟؟؟ قالت:كان لي تجربة سابقة في منطقة الشونة الجنوبية.....ولم يحالفني الحظ، كون المجتمع هناك، مجتمع ذكوري، والمراة مسيرة، وليست مخيرة، لذلك لم افلح معهم . قلت:هل كنت تودين تمثيل المرأة الاردنية في هذه الانتخابات؟؟؟ قالت: نعم، وكنت اود مساعدتها لو انتخبنني، في نيل حقوقها عن طريق الطلب في تغيير التشريعات والقوانين، بالاضافة الى تمكينها سياسيا واقتصاديا. قلت:هل المرأة الاردنية قطعت شوطا كبير في تحقيق ذاتها؟؟؟ ونيل حقوقها؟؟ ام ليس بعد؟ وامامها طريق طويل. قالت:ليس بعد، وامامها مشوار طويل. قلت: من في رايك، رائدات العمل النسوي في الاردن الآن؟؟؟؟؟؟؟ قالت: كل النساء المدافعات عن حقوق المراة هن رائدات، واللواتي تعملن لنصرة المراة كذلك. قلت: من هن رموزهن؟؟؟؟ قالت: أخض بالذكر، جلالة الملكة رانيا العبد الله، حيث تعمل دائما على تحسين مستوى المراة الاردنية في كافة الميادين. قلت: وعلى النطاق الجماهيري والشعبي؟؟؟ قالت: هناك وجدان الساكت واسمى خضر وتوجان فيصل طبعا. قلت: هل انت مع فرض أو منع لبس الحجاب والنقاب على المراة الاردنية؟؟؟ وكيف تنظري لهذا الأمر؟؟؟ قالت: دينيا، يفرض على كل مسلمة لبس الحجاب، ولكن انا اؤمن ان يكون لبس الحجاب بمحض ارادة المرأة، وحسب رغبتها، وليس بالاكراه، كي تحافظ عليه، وعلى كل حال، اللي بترتاح للبس الحجاب تلبسه، بس بصراحة، انا ضد لبس النقاب، لانه مش فرض، والحجاب كفاية، وفي ناس اساءوا للنقاب، وذلك بسوء استخدامه، فالافضل، ان يكون الوجه مكشوف، حتى لا يحدث لبس. قلت: أود أن تقراي هذا الموضوع، وهو لزميلة لبنانية، اعتقد أنه سوف ينال تقيرك واعجابك؟ كونك فنانة تشكيلية، وهذا المقال يتكلم عن الفن. قالت: دعني اقرأه، ارجو اعطاءه لي. (ناولتها الموضوع) ، وباشرت بقراءته بعينيها لنفسها، ثم ما لبثت ان رفعت صوتها بالقراءة لأتابع معها: ......................................وصلت لصورة رائعة أخرى، ما عدت أستطيع أن أخبركم عنها لعظمتها، والعبقرية التي تحتويها!!! يا سلام عليك يا نانسي عجرم!!! أبدعتيها مظبوط، بأغنيتك الرائعة: (شخبط شخابيط ولخبط لخابيط)، مع انه نحن نقول عنها خرابيش دجاج، اللوحة كل ما فيها، ألوان ممزوجة، بس حقيقة، ألوان متداخلة ببعض، الشيء الغريب الذي لفت انتباهي واستوقفني، عدد الناس الواقفة حواليها، كأنه يا عيني، هذه لوحة (الموناليزا)، للفنان الكبير (دافنشي)، والناس يتأملوا فيها بشغف، وهو(أقصد الفنان الكبير سامي)، عم يشرح ويشرح للمشاهدين، والمشاهدين منسجمين، وتشعر بهم، وهم في تأمل عميق للوحة، وقال شو!!!! في الأخير، أنا فهمت منه، بأن هذا المزيج بالألوان، هو يمثل صراع الحضارات، أنا حقيقة في تلك اللحظة، انحنيت إعجابا واحتراما !!!! قال شو!!! صراع حضارات ؟؟؟ عن هذه الخرابيش، تقدمت، وقلت لنفسي، استفسر كيف يعني صراع الحضارات الموجود في الصورة؟؟ اشرح لي رجاء يا أستاذ سامي، كيف يتجسد صراع الحضارات بهذه الصورة؟؟؟ قال، يعني كل لون، يرمز الى شعب معين، مثلا اللون الأصفر، يرمز للشعب الصيني، واللون الأحمر، يرمز للهنود الحمر، واللون الأسود، هم الزنوج السود، واللون الأبيض، هو للشعوب البيضاء، يا سلام على هيك توضيح وشرح رائع!!!! بحق وحقيقة!!! تعبير ولا أروع منه!!! والعظمة، ليس كل واحد يستطيع، أن يخلط الألوان ويمزجها، لأنه هذا فن بحد ذاته، وبعد ذلك، قال لي، يا عزيزتي أيضا، الفن التجريدي، لا أحد يستطيع أن يراه بالعين المجردة، لهذا السبب، اسمه فن تجريدي؟ يعني المعنى، في قلب الشاعر، هاد الفن نلمسه ونحس به، ويدخل باللاشعور، ونشعر به بالقلب والروح، ليس فقط بالعين المجردة!!! يعني نصيحة مني، إذا حبيتوا مرة تشاهدوا نوع، من أنواع المعارض المشابهة، أهم شي، يجب أن تحضروا معكم، إحساسكم، ولازم يكون هذا الإحساس، عالي جدا، بكل قدراتكم..................................الخ. حتى قرأته كله، وقالت لي، وابتسامة عريضة تعلو وجهها، بعد ان انتهت من قراءته: (حقيقة، انه موضوع شيق وممتع جدا، وحلو كتير كتير، هذا موضوع جميل جدا، والكاتبة اسلوبها الساخر حلو كتير ايضا، وآمل من الجميع قراءته). انتهى حواري معها عند هذا الحد، وكان حوارا شيقا وصريحا وممتعا حقا. آثرت وضع عنوان المقال، اللذي قرأته الفنانة روان في ذيل الحوار، لمن يرغب قراءته على الشبكة العنكبوتية، لوجود ترابط كبير بين حواري وهذا المقال، وان من باب النقد البناء للفن، والمقال بعنوان : شخبيط لخبيط، والفن التجريدي بقلم هالة حيدر.