.1 ضمانات البحث التمهيدي أ سياق الاعتقال (والأصح الاختطاف) أو شبهة السياق السياق جزء من الحقيقة، ولذلك كان السياق في كثير من الأحيان كاشفا للعورات. في نونبر ,2006 قمنا بإيداع تصريح بتأسيس حزب سياسي لدى الدوائر المختصة بوزارة الداخلية كما هو مقرر في قانون الأحزاب السياسية. وبعد مرور الآجال القانونية دون أن نتوصل بالوصل (أو إشعار المطابقة كما هو وارد في قانون الأحزاب السياسية) أصدرنا بيانا نعلن من خلاله عن تأسيس حزب سياسي اخترنا له اسم حزب الأمة، ثم شرعنا في الترتيب لعقد المؤتمر التأسيسي. وبموازاة مع ذلك تحركنا باتجاهين: أولهما، باتجاه التحسيس الإعلامي للتعريف بقضيتنا، وثانيهما باتجاه القوى الوطنية الديمقراطية باختلاف مرجعياتها الفكرية والسياسية.. على المستوى الأول، حققنا اختراقا إعلاميا مهما جعل قنوات دولية (الجزيرة، العربية، المنار، العالم ...) ووكالات أنباء عالمية (رويترز وغيرها) تقبل علينا وتهتم بأنشطتنا وتقوم بتغطيتها. وعلى المستوى الثاني، تشكلت لجنة وطنية للتضامن مع حزب الأمة، وقد شملت مختلف مكونات الطيف السياسي والحزبي ببلادنا وهذه الأمور لم تعجب الدوائر المختصة في وزارة الداخلية .. فواصلت تلكؤها في تسليمنا إشعار المطابقة.. وحين حاولنا عقد مؤتمرنا بإحدى القاعات، مارسوا ضغطا على أصحاب تلك القاعات، فتوجهنا إلى القوى الوطنية والديمقراطية الصديقة.. تلقينا عرضا من غالبية مكونات لجنة التضامن مع حزب الأمة، واستقر الاختيار على مقر الحزب الاشتراكي الموحد باعتباره المقر القادر على استيعاب عدد المؤتمرين.. الذين بلغ عددهم حوالي 700 مؤتمرة ومؤتمر. ومع عقد المؤتمر في 03 يونيو ,2007 وبالتغطية الإعلامية التي صاحبته، انزعج مهندسو بيت الطاعة السياسية في وزارة الداخلية فدشنوا مخططهم في مواجهتنا: كانت البداية هي إحالة ملف الحزب على القضاء الإداري بهدف إبطاله.. وهي سابقة اولى من نوعها وذلك من جهتين: أولا، أن وزارة الداخلية تدخل في دعوى مع مواطنين أرادوا أن يعملوا في إطار القانون. وثانيا، أنهم بذلك أرادوا منعنا من المشاركة في الانتخابات التشريعية والحال أنهم كانوا يملأون الدنيا ضجيجا بدعوة المواطنين للمشاركة في العملية الانتخابية، بل لقد صرفت أموال وتأسست جمعيات لهذا الغرض.. في حين، كنا نحن جاهزين للمشاركة ولم نكن بحاجة إلى من يقنعنا بذلك.. أليست هذه إحدى مفارقات الزمن السياسي المغربي الراهن؟. كان هذا هو الترتيب الأول.. ولكن كان ترتيبا بئيسا.. كانت ضربة في الماء.. واصلوا ترتيبهم.. إلى أن تم تدبير هذه القضية.. فكانت هذه النازلة .. هذا هو السياق.. وهو كاشف لعورات هذه النازلة.. إنها نازلة تحكي قصة رحلة تحول تأسيس حزب سياسي إلى قصه إرهاب !!.. ولهذا قلت وأؤكد اليوم أن هذه النازلة ما هي إلا صناعة أمنية سياسية لتصفية حساب سياسي. لقد رفضنا الدخول إلى بيت الطاعة السياسية وأردنا أن نكون حزبا صادقا في تعاطيه مع الشأن العام.. وها نحن اليوم نؤدي ثمن هذا الرفض وتكلفة تلك الارادة.. والحمد لله على كل حال. ولهذا أقول لهؤلاء ولغيرهم: إن المغرب بحاجة إلى حلول سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية لا إلى تصريفات وترتيبات أمنية.. البطولة الحقيقية أن نبني الأوطان على قاعدتي الأمن الشامل والعيش الآدمي الكريم، أن نحترم الحقوق والحريات، أن نحل المشاكل لا ان نصفي الحسابات.. إن دولة الحق والقانون ليست مجرد شعارات، بل هي التزامات ملموسة.ولهذه الاعتبارات، فإن المغرب بحاجة إلى أحزاب حقيقية وجادة ومسؤولة لا إلى أحزاب لا تجيد إلا فن التصفيق والموافقة لأن هذا الفن يخدع لكنه مكلف سياسيا واقتصاديا واجتماعيا لاجتماعنا السياسي وغير مفيد له. إن السياق الذي برزت فيه هذه القضية ينقض صدقيتها ويجرح في معقوليتها وواقعيتها. لقد كنا بصدد تأسيس حزب سياسي لتتحول هذه الرحلة إلى دراما إرهابية من إنجاز وإخراج جهات لا تريد لبلادنا أن تقلع وتنتقل ديمقراطيا. وعليه، إنها صناعة أمنية وسياسية لتصفية حساب سياسي وهي لا تمت إلى الحقيقة بصلة. إنها مليئة بالشوائب والشبهات ولذلك لا تصلح أن تكون مستندا لإدانتنا لأن الحدود تدرأ بالشبهات والشك يفسر لصالح المتهم والأصل براءة الذمة. السيد الرئيس المحترم، السادة المستشارون المحترمون، الأحزاب السياسية نوعان: رخوية وفقرية. وحزب الأمة ينتمي إلى فصيلة الأحزاب السياسية الفقرية، ولذلك هو عصي علي التطويع ويرفض إجراء تسوية مع الاستبداد والفساد والتخلف، وهذه هي مشكلته الأولى الأساسية مع مهندسي إعاقة الديمقراطية. أما مشكلته الثانية فهي ظهوره في الوقت الخطأ: وقت إعادة هيكلة الحقل السياسي المغربي، وتأسيس حزب الأمة في هذا الوقت بالذات، وبدفتر تحمل سياسي جدي ومسؤول، هو سبب محنتنا اليوم. وما هذه القضية إلا مجرد تفاصيل، ولكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. وهل يخفي الغربال أشعة الشمس؟ السيد الرئيس المحترم، السادة المستشارون المحترمون، الحدود تدرأ بالشبهات، ولكم أن تستخلصوا من شبهة السياق ما يلزم استخلاصه. ب الإيقاف والتفتيش والحجز .1 لم اعتقل بل تم اختطافي في حوالي الساعة الخامسة من مساء يوم الإثنين 18 فبراير 2008 حيث اعترضتني ثلاث سيارات Passat زيتية، Logan صفراء Citroën 51 رمادية) وحاصروا سيارتي في الشارع ولم يقدموا لي أي أمر اعتقال كتابي صادر عن الوكيل العام بالرباط، كما أنهم لم يقدموا لي أي أمر كتابي لتفتيش المنزل كما لم يقوموا بالإجراءات القانونية الضرورية في عملية الحجز (مخالفة مقتضيات المواد 60 ,59 و 62 من ق.م.ج) تحت طائلة بطلان الإجراء المعيب (المادة 63 من ق.م.ج). ج محضر الضابطة القضائية هناك أربع ملاحظات أساسية: الملاحظة الأولى (إجراءات أولية معيبة): هي أنه بعد اعتقالي (والأصح اختطافي) لم يبلغوني بسبب اعتقالي ولم يخبروني أن أشخاصا آخرين معتقلين بهذا الملف. كما لم يعرضوا علي أي شيء، كما لم يسجلوا هويتي ولا المعلومات المتعلقة بي في السجل الخاص بهذا الغرض، كما لم يعرض علي هذا السجل (مخالفة المادة 67 من ق.م.ج). الملاحظة الثانية (شروط فترة الحراسة النظرية)، قضيت كل فترة الحراسة النظرية في غرفة مظلمة فيها سرير مكسر وبونجة، باستثناء الأوقات التي يتم فيها استنطاقي والتي كانت تستمر لمدة طويلة بدون انقطاع وأحيانا تتم بالليل. لم أكن أستفيد من الاستحمام سوى مرة واحدة وضمن شروط غير لائقة. أما الأكل فقد كان رديئا في الأيام الأولى ليتحسن في الثلاثة أيام الأخيرة شيئا قليلا. الملاحظة الثالثة (يوميات الاستنطاق)، الاستنطاق ابتدأ يوم الثلاثاء 19 فبراير ,2008 وتركز حول هويتي الشخصية والعائلية ومساري التعليمي والمهني. وهذا أخذ وقتا طويلا. ثم تركز حول التجربة السياسية والفكرية التي كنا نمثلها في مرحلة الاخيار الإسلامي وما عرفته من تطورات إلى حدود تأسيس حزب الأمة. يوم الأربعاء 20 فبراير 2008 لم يجر فيه أي استنطاق، وقد علمت فيما بعد أن وزير الداخلية السابق قد نظم ندوة كال لنا فيها التهم. وهنا لابد من التوقف قليلا: لقد انتهك وزير الداخلية السابق قرينة البراءة (مقتضى المادة 1 من ق.م.ج) كما قام بانتهاك سرية التحقيق (مقتضى المادة 15 من ق.م.ج)، هذا فضلا عن انتهاكه لحقل السلطة القضائية. وهو ما يعتبر توجيها صريحا للشرطة القضائية على مسافة يومين من اعتقالنا، وتوجيها لقضاء التحقيق ثانيا ولقضاء الموضوع ثالثا وأخيرا. بل لقد ذهب الناطق الرسمي للحكومة أبعد من ذلك حينما هدد المتشككين في الرواية الرسمية التي قدموها للرأي العام (!). السؤال الأساسي هنا: من أين حصل وزير الداخلية على تلك المعلومات التي أدلى بها وخاصة أن الاستنطاق معي كان في بداياته ولم يتطرق لأي من الوقائع التي ادعاها في ندوته تلك؟؟ السيد الرئيس المحترم / السادة المستشارون المحترمون ألا يستوجب هذا الأمر فتح بحث جدي لمعرفة أمرين: أولهما، هل ما قام به الوزيران يدخل في إطار انتهاك قرينة البراءة وسرية التحقيق كما ندعي أم هو مجر إخبار كما تدعي النيابة العامة؟ وثانيهما، من أين جاء بالمعطيات التي ذكرها في ندوته وخاصة أن الاستنطاق معي كان في بدايته؟ وإذا ثبت أن هناك انتهاكا للقانون فيجب أن يتم ترتيب الآثار القانونية على ذلك. يقول مونتيسكيو: الاستبداد هو خرق القانون، وأعتبر أن الوزيران قد خرقا القانون فهما على حد تعبير مونتيسكيو قد استبدا وعرضا بالتالي حقوقنا وحريتنا للاستباحة. السيد الرئيس المحترم السادة المستشارون المحترمون ألا يقدم كل هذا دليلا على ما قلناه: إن هذه القضية تصريف أمني سياسي لتصفية حساب سياسي مزدوج الهدفين: الأول، تبرير تلكؤهم في إعطائنا الوصل القانوني لأصحاب القرار السياسي تحت ذريعة أنهم كانوا يريدون التأكيد من سلامة نوايانا. والثاني، تأديبنا على استعصائنا ورفضنا الانصياع لتعليمات الداخلية ضدا على القانون. وهذا فضلا عن مفعول هذه القضية على مآل ومصير تأسيس حزب الأمة الذي كان معروضا على القضاء الإداري حينها والذي كان يتجه إلى إنصافنا. الخميس 21 فبراير ,2008 استمر الاستنطاق حول الخط السياسي والفكري للاختيار الإسلامي. وسألوني بعد ذلك فيما إذا كنت أعرف السيد بليرج وعن لقاء عقد بطنجة سنة ,1992 وبحكم أنني لم أكن أعرف السيد بليرج بهذا الاسم فلم أتذكره. وبعد توضيحات إضافية تذكرت الشخص المعني الذي أعرفه باسمه الشخصي وهو عبد القادر. أما عن لقاء طنجة سنة 1992 فقلت أنني لا أتذكر التفاصيل لأنه بالنسبة لي كان لقاء تعارفيا وتعريفيا عابرا وعاديا من ضمن لقاءات كثيرة كنا نعقدها للتعارف والتعريف بالخط الفكري والسياسي للاختيار الإسلامي على طريق التبلور العلني جمعويا أوحزبيا. ثم سألوني عن بعض الأسماء (المختار لقمان ، محمد الشعباوي، عبد الله الرماش). وهذا هو كل ما جرى معي في الاستنطاق، فلم تناقش معي أية وقائع أخرى غير ما ذكرته. يوما الجمعة والسبت 22 و23 فبراير ,2008 كانا يومان عاديان بدون استنطاق. يوم الأحد 24 فبراير ,2008 وفي ساعة متأخرة من الليل جاؤوني وأيقظوني من النوم وذهبوا بي إلى قاعة الاستنطاق وطلبوا مني التوقيع على المحاضر. كنت متعبا فطلبت منهم تأخير التوقيع حتى الصباح، فقالوا: إن لديهم تعليمات وهم مستعجلون، طلبت منهم أن أقرأ المحضر قبل التوقيع عليه، فقالوا: ألا تثق بنا؟ قلت لهم: المسألة ليست مسالة ثقة بل مسألة مسطرة وقانون. فعلا اطلعت على المحضر ويتضمن تسع صفحات وقمت بتصحيحه وبعدها جاؤوني بنسخة مصححة واحدة ليطمئنوني ( !) فاطلعت عليها ووجدتها متطابقة مع ما صرحت به وما قمت بتصحيحه. ثم جاؤوني بنسخ كثيرة ولم أكن أتصور انهم سيدسوا محاضر أخرى وسط المحضر الذي صححته.. وبهذا انتهت هذه المرحلة إلى أن تمت إحالتنا على الوكيل العام (الذي لم أمثل أمامه) والذي أحالنا بدوره على قاضي التحقيق. ملحوظة: الاستنطاق كان يجري معي وأنا معصوب العينين، باستثناء لحظة التوقيع على المحضر. الملاحظة الرابعة: حول مضمون محضر الضابطة القضائية، حيث إن الحكم الابتدائي استند على محضر الضابطة القضائية وشهادة متهم على متهم، أرى من الضروري ابتداء أن أكشف حقيقة هذا المحضر على الرغم من أن المادة 291 لا تعتبره سوى معلومات، والاجتهاد القضائي يرى إمكانية الاستدلال به إذا كانت هناك قرائن تعززه وهو ما لم يعرض أو يناقش معنا في أية مرحلة من مراحل هذه القضية. 1 سأختلف مع أخي الدكتور ماء العينين العبادلة في تشخيص هذه المحاضر، هو اعتبرها مصابة بأنفلونزا المحاضر وهو تشخيص جيد، ولكنني أعتقد أن التشخيص الملائم لهذه المحاضر هو القول بأنها مصابة بداء جنون البقر لأن هناك فلتانا أمنيا (على حد التعبير الفلسطيني) في هذه المحاضر وخطرها متعدي. قصة: سئل الرئيس اليمني علي عبد الله الصالح في حوار مع قناة الجزيرة (برنامج بلا حدود) حول الهجومات التي عرفتها اليمن ضد المصالح الأمريكية، فحينما سئل عن الحالة الأولى، أجاب لقد تبين أنه مجنون، وعن الحالة الثانية التي خصت الهجوم على حاملة الطائرات كول لقد تبين من التحقيق أيضا أنهم مجانين، فقال له الصحفي أحمد منصور: يبدو أن هناك عدوى الجنون باليمن، فأجابه الرئيس علي عبد الله الصالح: الجنون فنون. ومن وحي هذه القصة أقول جنون المحاضر فنون ولله في بعض شرطتنا القضائية شؤون وسجون. 2 إنني أطعن بالزور في هذا المحضر، وهذه بيناتي: أ نص المحضر الذي صححته لم تكن صفحاته تتجاوز تسع صفحات أما النص الذي بين يدي فيتضمن 16 صفحة (بدون وثيقة إذن التفتيش)، وهذا يكشف التدليس الواضح الذي قام به ضباط الشرطة القضائية. ب لم يصححوا الطريقة التي تم بها إيقافي كما وضحت أعلاه، بل حافظوا على روايتهم في النسخ الكثيرة التي دسوا فيها ما أرادوا والتي وقعت عليها. ج لم يقوموا بإدراج معطيات تتعلق بحالتي العائلية (نسيان أحد إخوتي)، ولربما كانت عجلتهم هي من تسبب في عدم الانتباه لهذه التصحيحات، وهذا ما يدل على أن المحاضر كانت جاهزة. د كذلك لم يصححوا تاريخ التوقيع على المحضر وهو 24 فبراير 2008 بدل 20 فبراير .2008 ه البحث التمهيدي كان في مجمله حول المسار السياسي والفكري والتنظيمي من الاختيار إلى حزب الأمة، ولم يتضمن أية وقائع سوى ما ذكرته في يوميات الاستنطاق. و جزء من تصريحاتي تم حذفه (ومنه القصد السياسي المدني السلمي لمشروعنا السياسي) أو تم تحريفه (ومنه حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المشروعة وتوظيف ذلك في الحديث عن اليهود(!). ز اللغة التي صيغ بها المحضر ليست لغتي ولا هي تعكس فحوى تصريحاتي، وعليه: يمكن استدعاء اختصاصيين في النص ليقارنوا بين اللغة التي صيغ بها المحضر واللغة التي أكتب بها من خلال مقالاتي وحواراتي ليدركوا الفرق الشاسع. النص مكتوب بطريقة لا علاقة لي بها، وكنموذج لذلك: لاحظوا الركاكة مثلا في ادعاء النيابة العامة بتأسيسنا جناجا مسلحا مزعومة: تفكير بجدية تم اتفاق ثم تشاور ثم تفعيل (!) ملحوظة: قرار المجلس الأعلى عدد 26 السنة 14 وتاريخ 12/11/1970 مجلة القضاء والقانون عدد 119 ص 508 إنه بالنسبة للتنصيصات الواردة في كل محضر .. فإنه يوثق بحقيقة صدور تلك التصريحات من أصحابها لا بفحوى التصريحات، وعليه فإن قضاة الزجر لما تطرق إليهم الشك في صحة فحوى التصريحات التي أفضت بها الضحية وتلقاها منها المحققون من رجال الدرك وآثروا عليها الإنكار الصريح الذي تمسك عليها به الضنين يكونوا قد استعملوا في مادة لا تقيد فيها الحجة بقيد، سلطتهم التقديرية. هذا بخصوص فحوى التصريحات، فكيف إذا تعلق الأمر بتزوير التصريحات وتحريفها؟ ح اتخذ قرار بمنعنا من مغادرة التراب الوطني يوم 16 فبراير 2008 أي يومين قبل اعتقالنا. وقد صرح وزير الداخلية السابق لمجلة جون أفريك بأنهم لم يكونوا ينوون اعتقالنا في 18 فبراير 2008 ولكن تسرب خبر منعنا من مغادرة التراب الوطني جعلهم يتحركون لاعتقالنا حتى لا تضيع ما أسماه بعض ما يمكن أن يكون مفيدا من أدلة في إدانتنا (خشية اندثار الأدلة). وهكذا يكون التدبير وإلا فلا؟ !!!.. وهذا يبين بوضوح أن الملف تم تجهيزه ولم يتبق سوى اعتقالنا لاستكمال حلقات هذه المسرحية البئيسة، وبالتالي صرحنا أم لم نصرح فالأمر محسوم والترتيبات كانت جاهزة.. مرة أخرى.. واحزناه يا وطني.. واحزناه يا وطني.. نعم.. لقد صار للحزن في حياتنا حياة. ط ندوة وزير الداخلية السابق في 20 فبراير 2008 وما قدمه من معلومات لم تنتهك فقط سرية التحقيق ولا قرينة البراءة، بل كانت توجيها صريحا للضابطة القضائية، إذ كيف حصل على معلومات والبحث التمهيدي معي لازال في بداياته.. فماذا تقولون، السيد الرئيس المحترم السادة المستشارون المحترمون في هذا الأمر؟ أنا لم أقل حتى يقول، هو قال ما ينبغي أن يتضمنه المحضر.. ولهذا فهمت فيما بعد لماذا اقتصروا في البحث التمهيدي على هويتي الشخصية والعائلية ومساري التعليمي والمهني بالإضافة إلى تجربتنا السياسية ومشروعنا الفكري والتنظيمي منذ الاختيار الإسلامي إلى حدود تأسيس حزب الأمة. ي إذا كنت سأسلط الضوء أثناء مناقشة الوقائع حول زيفها وعدم استقامتها لا مع القانون ولا مع منطقه ولا مع منطق السياق ولا مع قناعاتي الفكرية والسياسية، فسأكتفي هنا بثلاثة أمثلة كاشفة لعورات هذا المحضر الجنوني (!) المثال الأول: واقعة ما سمي بماكرو.. لم يكونوا يتوقعون أن الله تعالى سيوفقنا للإتيان بدليل يفضحهم ويفضح زيف وبطلان هذه القضية. المثال الثاني: من المفترض أن كوني أترأس عصابة إجرامية بحسب زعم النيابة العامة يقتضي ان أكون على علم بكل ما تقوم به المجموعة.. هذه المجموعة المفترضة التي أتزعمها تنسق مع مجموعة أخرى مفترضة لا أعرفها.. وبعد تنفيذ العملية المزعومة، يخبرني أحد أعضاء المجموعة يا سبحان الله.. هكذا تتفتق العبقريات، بئس الإخراج، على الأقل إذا كانوا يريدون ظلمنا فليفعلوا ذلك بذكاء لا بمثل هذا البؤس وهذه الرداءة.. خ المثال الثالث: المجموعة المفترضة التي أتزعمها تخطط للاعتداء على مواطن مغربي. وقبيل تنفيذ العملية بيوم أو يومين يطلعني أحد الأعضاء المفترضين للمجموعة المزعومة المفترضة انهم يخططون للاعتداء على مواطن مغربي وكأن الأمر يتعلق بنزهة. ثم بعد التنفيذ المزعوم يتصل نفس الشخص لإخباري بفشل المحاولة (!).. أف لهذه المحاضر! أف لهذه الطريقة في حماية الأمن والذود عن مصالح الوطن العليا !.. ألا بئست المحاضر.. وبئس من يصنع مثل هذه الصناعة الرديئة.. السيد الرئيس المحترم، السادة المستشارون المحترمون هذا غيض من فيض.. ومؤداه نتيجة واحدة هي أن هذا المحضر مزور ولا يمكن الركون إليه. .2 التحقيق التفصيلي تنص المادة 83 من ق.م.ج. على أن التحقيق يكون إلزاميا من ضمن ما يكون فيه إلزاميا في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد أو التي يصل الحد الأقصى للعقوبة المقرر لها ثلاثين سنة. ويعتبر إجراء التحقيق التفصيلي من ضمانات المحاكمة العادلة. وإجراؤه كان سيمنحنا فرصة لتصحيح الاختلالات التي عرفتها القضية منذ بدايتها، ولكن يبدو أن جهات ما كانت مصرة على حرماننا من إجراء التحقيق التفصيلي وذلك حتى لا تنكشف حقيقة هذه القضية، فلا يسمع إلا صوت الرواية الرسمية التي عبر عنها وزير الداخلية السابق في ندوة 20 فبراير ,2008 ندوة الانتهاك الجسيم لقرينة البراءة ولسرية التحقيق، وتحتفظ بالتالي محاضر الضابطة القضائية بقدر من المصداقية لمدة أطول، ولكن مكر اولئك يبور. والسؤال الذي نطرحه أمامكم السيد الرئيس المحترم، السادة المستشارون المحترمون.. أمام إلزامية التحقيق التفصيلي، من كانت له مصلحة في عدم إجرائه؟ ألا يستحق هذا الأمر، كما أمور أخرى، فتح تحقيق أو إجراء بحث لمعرفة الحقيقة وخاصة أن في عدم إجراء التحقيق التفصيلي نقضا لأحد الأركان الأساسية للمحاكمة العادلة وانتهاكا جسيما لحقوق الدفاع. .3 ضمانات المناقشة أمام قضاء الموضوع في المرحلة الابتدائية لم نناقش أدلة بل ناقشنا معلومات لم أتمتع بحقي في العلم بأدلة الإثبات القائمة ضدي ولم أناقشها المحضر إذا كان سليما من حيث الشكل فهو مجرد معلومات فكيف ونحن نطعن فيه بالزور؟ القرائن المعززة للمحضر كما ادعت النيابة العامة في المرحلة الابتدائية لم تعرض علي لمناقشتها وبالتالي، وبمقتضى المادة 287 من ق.م.ج، فإن مقرر الحكم الابتدائي إن لم نقل أنه بدون تعليل، فهو ناقص التعليل (ونقصان التعليل كالعدم سواء) و عليه، أدعو إلى تفعيل مقتضيات المادة 286 من ق.م.ج: أن تصرح المحكمة أنه لم يوضع بين أيديها ما يثبت المنسوب إلينا والحكم ببراءتنا وعدم متابعتنا (المادة 286 من ق.م.ج واضحة: إما الإثبات أو التصريح بالبراءة).