تدخل مظاهرات الغضب المصري يومها السابع, وسط أجواء من التوتر, مع إعلان المحتجين عن إضراب عام اليوم الاثنين, والإعداد لمسيرة "مليونية" تنطلق غدا الثلاثاء من قلب القاهرة, للمطالبة بتنحي الرئيس حسني مبارك. يأتي ذلك بينما بدأ الجيش المصري تعزيز وجوده في ميدان التحرير مستعينا بقوات من الشرطة, التي غابت مؤخرا عن معظم الأنحاء متسببة بحالة من الانفلات الأمني. وقال حسام علي -أحد المتظاهرين في ميدان التحرير- للجزيرة إن حالة من القلق تسود بين المحتشدين بسبب عودة الشرطة للشوارع ومن احتمال تدخل الجيش ضد المظاهرات, مشيرا إلى أن قوات الجيش حاولت طمأنتهم بإعلان أن الهدف من التعزيزات هو تأمين مبنى مجمع التحرير الذي يضم العديد من المصالح والهيئات الحكومية. وقال علي "لدينا أزمة ثقة, ونحن قلقون للغاية من تعاون الجيش والشرطة". وتوقع أن "تجد الجموع القادمة من المحافظات صعوبة في الانضمام للمحتشدين بميدان التحرير". ومن المقرر أن تبدأ أعداد ضخمة من المصريين السفر من المحافظات إلى القاهرة للمشاركة غدا في مظاهرة مليونية تؤكد التصميم على إسقاط النظام. كما تحدث الصحفي إبراهيم الدراوي من ميدان التحرير للجزيرة نت عبر الهاتف عن وجود نحو عشرة آلاف متظاهر في الميدان حاليا, وقال إن العدد يتزايد بصفة مستمرة مع توافد المئات من مناطق مختلفة. وأشار إلى أن دبابات الجيش بدأت لأول مرة تغلق منازل ومطالع جسر السادس من أكتوبر المؤدي إلى ميدان التحرير. وكانت عناصر من الشرطة قد بدأت خلال الساعات القليلة الماضية تعاود الظهور في الشوارع المصرية, بعد اجتماع ضم عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية ووزير الدفاع حسين طنطاوي ووزير الداخلية حبيب العادلي. برلمان شعبي وفي وقت سابق أمس أعلن المحتشدون بميدان التحرير عن تشكيل ما وصفوه ببرلمان شعبي اتخذ عدة قرارات أبرزها تشكيل مجلس رئاسي يضم قاضيين وأحد قادة القوات المسلحة. وعبر المجلس عن رفضه لكافة الإجراءات التي اتخذها مبارك منذ اندلاع الاحتجاجات في 25 يناير/ كانون الثاني, وتحميله المسؤولية عن الفوضى والانفلات الأمني. وقرر البرلمان الشعبي اختيار مجلس لقيادة ما وصفها بالثورة ويضم ممثلا عن الشبان المتظاهرين، ورئيس نادي القضاة السابق المستشار محمود الخضيري, بالإضافة إلى الدكتور محمد البرادعي, ومحمد البلتاجي, وحمدين صباحي, وأيمن نور، وأسامة الغزالي, وجورج إسحق، وأبو العز الحريري. ورفع المحتجون لافتة في ميدان التحرير بالقاهرة تقول "على الجيش أن يختار بين مصر ومبارك" بينما رصد شهود عيان تبادلا للطعام بين جنود الجيش والمتظاهرين. وقد لجأ ائتلاف لقوى مصرية معارضة يضم جماعة الإخوان المسلمين إلى الدبلوماسي المتقاعد محمد البرادعي لتشكيل حكومة وحدة وطنية، والاتصال بالجيش. وقد حث البرادعي أوباما على دعوة مبارك للرحيل, وقال لقناة سي إن إن التلفزيونية "أعمال النهب تنتشر في كل مكان بمصر، والجيش غير قادر على فرض سيطرته على الأمور". وأضاف "مصر تحترق وتتداعى". وذكر أن المطلوب حكومة وحدة وطنية وتعديل الدستور وإجراء انتخابات حرة. وبسؤاله عن رأيه في مدير جهاز المخابرات العامة عمر سليمان الذي عينه مبارك نائبا له بالأمس، قال البرادعي "أنا أحترمه". وذكر أنه ليس على اتصال مع الجيش المصري، غير أنه أشار إلى أنه يريد التواصل مع الجيش قريبا. وشدد البرادعي على ضرورة أن يغادر مبارك البلاد خلال الأيام القليلة المقبلة. وتقول رويترز إن البرادعي خيب آمال المعارضة لقضائه وقتا طويلا أكثر من اللازم في الخارج منذ أن أطلق العام الماضي حملة تدعو للإصلاح السياسي في مصر. الانفلات الأمنيمن جهة ثانية, تواصل لجان شعبية مصرية عمليات حماية المنشآت العامة والخاصة بالتعاون مع عناصر الجيش التي انتشرت في معظم المحافظات, وسط قلق مستمر بسبب عمليات سلب ونهب تزامنت مع هروب أعداد كبيرة من السجناء. وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية أن دوريات الشرطة تنظم حاليا دوريات في جميع دوائر أقسام ومراكز الشرطة "للبحث عن مرتكبي وقائع السلب والنهب والسرقة التي قامت بها العناصر الإجرامية وضبطهم". وقالت مصادر أمنية إن نحو خمسين سجينا قتلوا برصاص حراسهم خلال الهروب من سجن بشمال القاهرة، وإن نحو تسعمائة سجين فروا لكن ألقي القبض على مئات منهم. وأوضح مصدر أمني أن مسلحين اقتحموا سجن أبو زعبل في محافظة القليوبية وحرروا المسجونين، مضيفا أن من بين الهاربين عددا كبيرا من السجناء المحكوم عليهم بالإعدام. ومن ناحية أخرى, أكدت مصادر أمنية للجزيرة أن مهام قوات الأمن تقتصر على حفظ الأمن وعدم الاحتكاك بالمتظاهرين مشيرة إلى أن وزير الداخلية بالحكومة المقالة حبيب العادلي أصدر أوامره تلك أثناء اجتماعه مع قيادات الأمن في قطاع ناصر بمدينة نصر شرق القاهرة. وقد بث التلفزيون المصري صورا للرئيس مبارك وهو يزور مركز عمليات القوات المسلحة وإلى جواره نائبه عمر سليمان ووزير الدفاع حسين طنطاوي ورئيس هيئة الأركان سامي عنان. وقال العميد عاطف سيد في السويس شرقي القاهرة، والتي شهدت بعضا من أسوأ أعمال العنف بين الشرطة والمحتجين، إن الأمن والاستقرار سيعودان في الأيام القليلة القادمة, مشيرا إلى أن الجيش سيسمح بالاحتجاجات. وقال "الجيش ينصت ويحاول المساعدة في إرضاء كل الأطراف". يُشار إلى أن الأيام الستة الماضية من الغضب المصري شهدت مقتل أكثر من مائة شخص فضلا عن آلاف الجرحى, وسط توقعات بارتفاع أعداد القتلى مع توالي أيام الغضب.