تجمع أكثر من مليونيْ مصري في ميدان التحرير وسط القاهرة مع بدء صلاة الجمعة، لينضموا إلى آلاف لم يبرحوه أصلا منذ البارحة، وسط دعوات للعصيان المدني ردا على خطاب ثالث ألقاه الرئيس حسني مبارك، فوّض فيه صلاحياته لنائبه عمر سليمان، لكنه اعتُبر تجاهلا لمطالب المحتجين الذين توجه آلاف منهم إلى قصر العروبة الرئاسي ومبنى الإذاعة والتلفزيون، رغم صدور بيان أكد ضمان الجيش الانتقال إلى مرحلة ديمقراطية. ووصف خطيب الجمعة في ميدان التحرير المحتجين ب "مدافعين أقوياء عن الحرية" ودعاهم إلى أن "يثبتوا" في مواقعهم. ووجه رسالة إلى الجيش "الشريف" ودعاه إلى "الثبات" وتقوى الله، وإلى ألا يخاف من أحد وأن يكون مع الشعب. كما وجه رسالة أخرى إلى الشرطة التي "فرطت في كرامة الشعب" ودعاها إلى أن تضع يدها في يد الشعب، قبل أن يهوي الخطيب أرضا، ويتناول الكلمة خطيب ثان دعا الولاياتالمتحدة وإيران وحزب الله إلى ألا يتدخلوا في "ثورة مصر". وقد أكد خطيب ثالث مطلب المحتجين الرئيسي وهو تنحي مبارك، في رد مباشر على خطاب الرئيس الذي أعلن فيه أمس استمراره في منصبه مع تفويض صلاحياته لنائبه. وقال "إننا باقون هنا" وتوعد بجمعات أخرى إن لم يتنح مبارك ولم يُحاسب المتسببون في الفساد، إلى أن "نحتفل بكرامتنا"، وأقر بأن المحتجين حققوا إنجازات لم يكونوا يتوقعونها مثل إعلان مبارك عدم ترشحه لولاية جديدة. وسيطرت حالة غضب شديد على بعض المعتصمين في ميدان التحرير البارحة بعد سماعهم خطاب مبارك الذي أعلن فيه تفويضه عمر سليمان صلاحياته الرئاسية، وبإلغاء حالة الطوارئ "عندما تسمح الظروف الأمنية"، ووصف لأول مرة من قتلوا في الاحتجاجات ب"الشهداء". وصاح متظاهرون اليوم "يسقط يسقط حسني مبارك"، متجمعين أمام القصر الرئاسي في منطقة مصر الجديدة، حيث رابطت أمامه ست عربات مدرعة على الأقل، بينها ثلاث دبابات. وتوعد أحد المتظاهرين باقتحام القصر بعد صلاة الجمعة. وقال الناشط السياسي محمد عبد الحميد للجزيرة إن الطريق إلى قصر العروبة كان دون حواجز، لكن محيط القصر أحاطه الجيش بأسلاك شائكة مع وجود عشرات من الحرس الجمهوري لحمايته. وتحدث عن مفاوضات بدأها ضباط مع المتظاهرين الذين قبل بعضهم العودة إلى ميدان التحرير، كما طلب العسكر بحجة أنه أكثر أمنا وأنسب للتظاهر، بينما تمسكت مجموعة أخرى بالبقاء. وقال الصحفي أحمد عبد الحافظ إن مجموعة خرجت عفويا من التحرير إلى قصر العروبة، قوبلت بحواجز عسكرية منعت السيارات وسمحت للمارة. وتحدث عن رسائل تطمين وجهها الجيش في الحواجز، لكن كانت هناك أيضا رسائل تحذير من أي "تصرف متهور" مثل الاحتكاك بالحرس الجمهوري. عصيان مدني وقال شهود عيان إن أحد أعضاء "ائتلاف ثورة 25 يناير" قال إن شباب الثورة سيدعون إلى "العصيان المدني العام حتى سقوط النظام". كما توجه نحو عشرة آلاف متظاهر إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون وحاصروه، وشكلوا بؤرة اعتصام جديدة رغم أن المبنى أخلي من معظم العاملين فيه. وفي الإسكندرية احتشد عشرات الآلاف أمام مسجد القائد إبراهيم الذي تحول منذ بدء الاحتجاجات إلى نقطة تجمع للمتظاهرين. وتحدث الصحفي رضا شعبان عن تعزيزات إضافية رصدت للمواقع الحيوية بالمدينة مثل مكتبة الإسكندرية ومديرية الأمن. وقال شهود عيان إن محتجين توجهوا أمس لمقر قيادة المنطقة الشمالية العسكرية بالمدينة، ووجهوا كلامهم للضباط والجنود وطالبوهم بالتعاون في إسقاط مبارك. كما شهدت مدن العريشوأسوان وكوم إمبو وإدفو في محافظة أسوان مظاهرات غاضبة شارك فيها آلاف المحتجين.