فجرت ثورة الياسمين التونسية نقاشا سياسيا حادا في العالم العربي والغربي حول احتمالات ومخاطر انتقال هذه الثورة إلى باقي الدول، خاصة المغاربية ومن ضمنها المغرب، فطرف يتحدث عن فرضية الاستبعاد وطرف آخر يصر على كل الاحتمالات بما فيها ثورة دموية. ومن الآراء الوازنة تلك الصادرة عن الأمير هشام بن عبد الله العلوي، ابن عم الملك محمد السادس الذي قال في العدد الأخير لمجلة 'نوفيل أوبسرفاتور' (أسبوعية) الفرنسية ان 'صدى ثورة تونس يخيف جميع الأنظمة العربية الدكتاتورية وتأثيرها سيكون ضخما في حالة إرساء ديمقراطية حقيقية'. وأضاف ان تونس ستكون 'مثالا للعالم العربي وخاصة منطقة المغرب العربي'، ملاحظا أن المطالب الاجتماعية والسياسية ستنفجر. وبحسب الامير مولاي هشام فالمشكلة الرئيسية في الجزائر ولاسيما المغرب، هي الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، الأمر الذي يجعل، في حالة تكرار السيناريو التونسي، تولد مواجهات خطيرة والانتهاء بنظام شعبوي، كما قال. ويعتبر هشام بن عبد الله الملقب ب'الأمير الأحمر' بسبب أفكاره المطالبة بالإصلاح الديمقراطي، أن 'ثورة الياسمين تحذير للأنظمة العربية التي يجب أن تتحرك من خلال تبني انفتاح سياسي قادر أن ينتهي بتعددية سياسية حقيقية'. وفي تصريحات لجريدة 'أخبار اليوم' المغربية، يرى عمر بندوردو، وهو أستاذ العلوم السياسية، أنه يجب أولاً 'وضع خطاطة لتشريح كل نظام سياسي عربي ومقارنته بنظام آخر. في تونس كانت الديكتاتورية تسود والرشوة والمحسوبية، بالمقارنة مع المغرب نجد هناك آفات اجتماعية التي يجب تفاديها لتجنب ما وقع في تونس'. وفي مقال في جريدة لوموند، كتبت الصحافي الفرنسي بيير تيكوا الذي له مؤلفات حول زين العابدين بن علي وملك المغرب محمد السادس أن ثورة الياسمين مرشحة للانتقال الى دول المغرب العربي-الأمازيغي الأخرى وإن كانت المميزات مختلفة كثيرا خاصة في المغرب حيث توجد الأحزاب في الواجهة وليست الملكية. ويؤكد أن 'ثورة الياسمين أكدت أن بزوغ الديمقراطية في المغرب العربي قد يكون سريعا أكثر بكثير مما يعتقده القادة الحاليون'. ويرى أبو بكر الجامعي في مقابلة نشرتها مجلة 'نوفيل أوبسرفاتور' أن النظام المغربي 'يبني حزبه الأصالة والمعاصرة على شاكلة الاتحاد الدستوري التونسي'. ولا يستبعد في حالة استمرار الوضع كما هو عليه اليوم من تضييق فضاءات التعبير واحتكار مختلف القطاعات وتراجع النخبة، وقوع ثورات قد تكون دموية في المغرب. وفي الوقت نفسه، تشهد مواقع الشباب المغربي في فيسبوك أو المدونات الشخصية في شبكة الإنترنت بنقاش عميق بين المؤيد لسيناريو شبيه بتونس وبين الذي يعتبر ذلك مستبعدا للغاية. ويبقى اللافت في الأمر أنه حتى الأمس القريب، كان الجميع يتحدثون عن إصلاح المؤسسات، ولكن الآن البعض يتحدث عن سيناريو تونسي في المغرب. القدس العربي