أسدلت التشكيلية المغربية نورة الجناتي ستائر البهجة على معرضها الأخير بالمركب الثقافي سيدي بليوط، ورفعت أخرى على مرأى عيون تطلعت لأزيد من أسبوعين بشغف طفولي إلى لوحاتها المبحرة في وديان الحضارة المغربية بكل تجلياتها، نورة الشابة المغربية أنارت عتمات أزقة المغرب العتيق بلوحات نهلت من أنهر عادات وتقاليد تصارع أمواج التناسي، إنها لوحات فياضة بتوهجات الريشة الحالمة بزخم الماضي والتواقة إلى أن يمتد فينا الجمال والتاريخ دون أن تعتقله قضبان الاندثار. لا تحب نورة أن تبقى سجينة مدرسة واحدة، أو أن تحد من انطلاقتها جدران فصل دراسي تشكيلي يكبل الأنامل ويحرمها من منح الريشة صك الإنعتاق من ربقة بنود الحد من الحريات التعبيرية والتي تبدو في لوحاتها، وكأنها ترفرف بين سهول ومروج وبحار ودروب وأزياء هي في عمقها المكون الأساسي لمغرب الحضارة..تبدو الفنانة التشكيلية نورة وكأنها فراشة تنتقل بين زهرة وأخرى باحثة عن حبوب لقاح تعيد لماضينا رونقه..تشعر أمام لوحاتها وكأنك على دفة جناح طائر يغرد بأكثر من لحن لينسج في الأخير تفاصيل نوتة واحدة تجمع كل هذه اللوحات في عزف سمفوني لمعنى العودة إلى الهوية. يتخذ اللون عند نورة أيضا بعدا ضوئيا، فهو لا يميل إلى القتامة، ولا يرمي بذبذباته إلى العتمة، إنه الضوء الذي يجعلنا نشعر بالسعادة دون أن ندرك كل سر هذا الحبور الذي يجعلك تنبهر بمعنى أن تكون اللوحة شمولية، في تعاطيها مع الحدث واللون والتركيب، فهي لا ترسم فقط وإنما تنسج وتتعامل مع المعدن لتقدم فيسفساء تجعلنا نجزم بأن نورة ترسم لتعيش الجمال الروحي في امتداده التجريبي تارة، وفي واقعيته تارة أخرى، بل وأحيانا في سذاجته الطفولية.. تصر نورة الجناتي على إعطاء نموذج حي لمعنى أن تكون مغربية، امرأة ترسم لتقدم صورة عن ماهية نضال المرأة المغربية التي واجهت الويلات نظير أن تضع اسمها ضمن قائمة النساء الناجحات بالفن، فهي مقاولة حصلت على لقب أصغر مقاولة في استفتاء أجرته الجزيرة القطرية، وهي لا ترى تناقضا بين وظيفتها في تطويع "الألمنيوم"، وتحويل المساحات إلى رونق بديكورات تعيد للمكان رونقه، وبين أن تكون أما لثلاثة أطفال تسهر على رعايتهم بالشكل الذي تسهر فيه على تربية بنات أفكارها المجسدة على اللوحات. تستعد نورة الجناتي لمعرض مواز بالرباط، حيث ستضع ركائز الأصالة المغربية مختزلة في لوحات تجمع بين ما هو حضاري بما هو حرفي.