يلتقي، مرة أخرى بمدينة الرياح، موسيقيو العالم مُسْتَضَافينَ من طرف زملائهم "المعلمين" الكناويين المغاربة وذلك في اطار مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة الذي سينعقد هذه السنة في الفترة الممتدة من 22 الى 24 يونيو 2023. المهرجان، كعادته، يَعِدُ بلحظات مُتعةٍ حقيقيةٍ موزعة بين حفلات المزج الموسيقي، والليلات الكناوية الحميمية واللقاءات الموسيقية المرتجلة إضافة الى المناقشات الفكرية الرصينة. بموكبه الافتتاحي التقليدي، وبحفلاته الموسيقية الموزعة بين منصتي ساحة مولاي الحسن وشاطئ المدينة، وبالأمسيات الحميمية الخاصة المقامة بمقرات الزوايا الصوفية وببرج باب مراكش، فضلا عن منتدى حقوق الانسان، يعود المهرجان، أخيرا، لصيغته وشكله الطبيعيين المعتادين. وبعد سنتين من التًوَاري الاضطراري فرضته ظروف الجائحة الصحية، أَصر كل من منظمي المهرجان وجمعية يرمى كناوة على الاحتفاء بمعلمي كناوة وبحدث ترتيب فنهم ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية من طرف منظمة اليونيسكو، عبر تنظيم حفل موسيقي تاريخي جمع أكثر من 115 فنانا. الحفل الذي تم بثه على القناة التلفزية الاولى يوم 25 دجنبر 2021. وفي سنة 2022 تم تنظيم جولة فنية كبرى تحت ايقاع المزج الموسيقي، زار من خلالها "المعلمين" الكناويين، مرفوقين بفنانين عالميين من طينة فاركاتوري وجمال الدين تاكوما وبيرس فاتشيني وأفيشاي كوهين، أربع مدن بالمملكة. هذه السنة، وخلال الفترة الممتدة من 22 الى 24 يونيو المقبل، يعتزم مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة الاحتفاء، من جديد، بغنى وتنوع موسيقى كناوة وكذا بأنماط موسيقية عالمية أخرى. حيث ستمتزج نغمات الكنبري والقراقب المميزين بنبرات موسيقى الجاز بكل تلاوينه وتفرعاته، و بالفلامينكو والريكي والسالسا، وتنصهر مع ايقاعات الطوارق والتاميل. وسيكون محبو المهرجان، إذن، على موعد مع حفلات مميزة تُسْتَهَل بحفل افتتاح استثنائي سيجمع كل من فرقة طبول بوراندي اماكابا وعازف الساكسفون الامريكي جليل الشاو والفنانة المغربية سناء مرحاتي والمعلمين محمد وسعيد كويو. منذ تأسيسه سنة 1998، رسخ مهرجان كناوة وموسيقى العالم إسمه كأحد أهم المواعيد الثقافية على الصعيدين الوطني والقاري. فمن خلال برمجة فنية دقيقة ومتجانسة ومتاحة للجميع، يجذب الحدث كل سنة، الاف الزوار من مختلف بقاع المعمور إضافة الى حضور عدد هائل من الفنانين والمثقفين. فبفضل فلسفته الأصيلة وروح التقاسم والاكتشاف التي تميزه، يشكل المهرجان تجربة فنية وروحية متفردة. المهرجان هو أيضا فرصة للتداول والحوار الجدي والعميق المنظم في اطار المنتدى الفكري الذي يعقد بالموازاة مع الحدث، والذي ستتمحور تيِمَتُهُ الاساسية هذه السنة حول" الهويات المتعددة وسؤال الانتماء". وهو موضوع راهني ملتهب في عالم تتقاذفه توترات هوياتية عميقة، ويطغى عليه شعور متفاقم برفض الاخر، من خلال هذه النقاشات التي سيخوض فيها فنانون ومفكرون ومتدخلون سياسيون وجمعويون ثقافيون من مختلف الافاق والبلدان، سيحاول كل من جهته العمل على محاولة بناء وإعادة تشكيل عالم أكثر اتحادا وتلاحما . وسيتم أيضا تنظيم ورشات موسيقية لفائدة الشباب والكبار بهدف مصاحبتهم للاطلاع على هذا التراث الكناوي المتميز، واكتشاف وتعلم موسيقاه و العوالم المرتبطة به من تاريخ وأدوات وايقاعات. فهو فرصة فريدة سانحة أمام الزوار للانغماس في الثقافة المغربية المتعددة الروافد، ومعرفة المزيد عن الارث الموسيقي الغني للبلاد. ويسعى مهرجان كناوة وموسيقى العالم، إذن، من خلال دورته الجديدة الى الترحيب بعشاق الموسيقى الاوفياء، وبالزوار المغاربة والاجانب، ويتطلع الى اهدائهم طبقا فنيا متميزا وتجربة ثقافية متفردة.