على إيقاعات دقات الطبول و"القراقب"، ونغمات آلة "الكمبري"، التي غابت عن أجواء مدينة الصويرة، بسبب جائحة كورونا، سافر زوار موكادور وسكانها، ليلة السبت في ثنايا الفن الكناوي بأحاسيس ملؤها الفرح والانصهار في أناشيد روحانية، ضمن سهرة فنية أقامتها جمعية "يرمى كناوة" والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة احتفالا بإدراج كناوة ضمن قائمة اليونسكو للتراث الثقافي اللامادي. 78 معلم كناوي من ضمن أزيد من 100 فنان، من معلمين ومقدمات، وأصحاب القراقب، وحاملو الأعلام والمبخرات، أعادوا البهجة إلى مدينة الرياح، في سهرة صوفية خالصة، ستنقلها شاشة القناة الأولى خلال شهر دجنبر المقبل، وحرصوا على إظهار ثراء وروعة هذه الثقافة، من خلال استعراض طقوس الفن الكناوي المكونة من أربعة أجزاء، وهي العدة، ولاد بامبارا، والنقشة، والفتوح، حيث تختلط الممارسات الإفريقية العريقة، والتأثيرات العربية الإسلامية، والتمظهرات الثقافية الأمازيغية الأصيلة. استهلت الليلة الكناوية فعالياتها بطقس "العادة"، وهي بمثابة إعلان عام عن الشروع في إقامة الليلة، فيما كان القسم الثاني مخصصا لطقس "النقشة"، وتوظف فيه آلة "القراقب" إلى جانب الهجهوج ويكون فيه الرقص جماعيا، واختتم كبار المعلمين ومن بينهم حميد القصري، وعمر حياة، ولمعلم باقبو وغيرهم الحفل في وصلة ملحمية نالت تفاعل معها الحضور. وعبرت نائلة التازي، منتجة مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، ومؤسسة جمعية "يرمى كناوة"، عن اعتزازها بالاحتفال أخيرا بتصنيف فن كناوة ضمن قائمة اليونيسكو للتراث الثقافي اللامادي، بمشاركة 78 معلم كناوي من مختلف المدن المغربية، معتبرة في تصريح ل"الصحراء المغربية" أن الحفل المذكور يعد فرصة لعودة الروح إلى كناوة بعد سنتين من الغياب، بسبب جائحة كورونا، ومبادرة أيضا لمنح دفعة جديدة للفن الكناوي، الذي قدم الكثير سواء للجمهور أو للتراث الموسيقي بصفة عامة، منذ انطلاق مهرجان كناوة سنة 1998. وبدوره اعتبر لمعلم الكناوي عبد السلام عليكان، رئيس جمعية "يرمى كناوة"، أن الحفل المذكور، لقاء لتجديد الوصل بعد غياب، وفرصة للتأكيد على أن كناوة فن قائم الذات، استطاع الوصول إلى العالمية، لما يحمله من بساطة وخصوصية لا تخضع في غالب الأحيان للقواعد الموسيقية. وعن اختيار "يرمى كناوة" تكريم مجموعة من المعلمين الكناويين بالمناسبة من خلال إحياء 7 ليلات احتضنتها عدد من المراكز الثقافية بالصويرة، قال عليكان في حوار مع "الصحراء المغربية" ننشر تفاصيله في الصفحة الفنية، "لم نرغب في أن تمر هذه المناسبة دون تكريم أسماء فنية أعطت الكثير لهذا الفن، غيبت جائحة كورونا بعضهم، فيما لم نشأ أيضا أن يقتصر الاحتفاء على المتوفين فقط، بل اخترنا أن يشمل الأحياء منهم أيضا، كعربون محبة واعتراف بمساهمة كبار المعلمين الكناويين في نشر الثقافة الكناوية المغربية خارج المغرب".