دفعت السلطات الولائية، اليوم الإثنين، بالمئات من عناصر الأمن العمومي نحو مداشر جماعة لوداية المتاخمة لواد تانسيفت، لتفريق وقفة احتجاجية حاشدة نظمها السكان للتنديد بالتصريح لإحدى المقاولات بإنشاء مقلع للرمال بهذا النهر الذي يعتبر شريان الحياة بالمنطقة. وقال شهود عيان، إن المئات من المواطنين مدعومين بجمعيات المجتمع المدني احتشدوا بشكل سلمي في وقفة احتجاجية منذ الساعة العاشرة صباحا بالمكان المسمى "غابة اللواية" وهي أرض جماعية يستغلها سكان مجموعة من المداشر المترامية على جنبات الوادي في الرعي والزراعة، ورفعوا شعارت منددة بالتصريح لإحدى المقاولات بتحويلها إلى مقلع للرمال مع ما يعنيه ذلك من اجهاز على مورد هام للعيش.
وأوضحت المصادر ذاتها، أن قوات الأمن ضربت طوقا حول معدات المقاولة المذكورة ليتم إطلاق الجرافات إيدانا ببدء الأشغال رغما عن أنف المحتجين الذين واصلوا احتجاجاتهم الى حدود الثانية زوالا قبل أن يقرروا التحرك بعد انصراف سيارت الأمن وقطع الطريق
على الشاحنات التي شرعت في نقل حمولاتها صوب محطة تكسير الأحجار التي شيدتها الشركة المذكورة على ضفة النهر بالقرب من دوار الزاوية الشرادية.
وأضافت المصادر نفسها، أن عناصر الدرك الملكي التي تخلفت عن ركب القوات العمومية التي غادرت عين المكان، سارعت للإتصال بالمسؤولين الأمنيين ليعود "الجيش العرمرم" الذي كان على متن نحو 8 "جيبات" للدرك و15 سيارة للقوات المساعدة، أدراجه ويشرع في تفريق المواطنين بالقوة، وملاحقتهم الى غاية دوار الزاوية الشرادية حيث تم اعتقال شخصين قبل الافراج عنهم.
وقال فاعل مدني في تصريح ل"كش24″، إن مجموعة من الأراضي المتاخمة لوادي تانسيفت على مستوى جماعة الأوداية التابعة لعمالة مراكش، تتعرض إلى استنزاف مفرط من طرف آليات مقالع الرمال ومحطات تكسير الأحجار التي تنشط على ضفتيه بشكل بات يهدد المنطقة بكارثة بيئية حقيقية، مشيرا إلى أن الاستغلال المفرط والغير معقلن للنهر أثر بشكل سلبي على الفرشة الباطنية للمياه الجوفية وتسبب في انجراف الهكتارات من أراضي المزارعين المجاورين للوادي والذين صاروا مهددين بالهجرة والنزوح بعدما جفت آبارهم وتوالت عليهم سنوات الجفاف.
وكانت جمعية التنمية زاوية الشرادي بلوداية، وجهت في بداية هذا الشهر شكاية في الموضوع إلى كل من مدير الديوان الملكي، الوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة المكلفة بالبيئة، وزير الداخلية ورئيس الحكومة، تطالب فيها بالتدخل من أجل رفع هذا الضرر عن السكان وحماية المنطقة من هذا الإستنزاف الذي يهدد بتقويض التوازنات البيئية بالمنطقة ويٌعرض الساكنة للتفقير والتهجير القسري.
وقالت الجمعية، إن هذه الوضعية الكارثية التي تٌخيم على المنطقة بدأت تلقي بضلالها بشكل أكبر على منطقة الزاوية الشرادية الواقعة على ضفاف نهر تانسيفت، بعد الترخيص لشركة تسمى "AGLOMAR" بتحويل أرض مجاورة للوادي يستغلها الساكنة بشكل جماعي إلى مقلع لاستخراج الرمال ومحطة لتكسير الأحجار، حيث سيؤدي هذا الأمر بحسب الشكاية إلى الإجهاز على هاته الأرض التي يستغلها الساكنة في الزراعة والرعي والتي تشكل المصدر الوحيد لعيشهم، قبل أن تمتد الإنعكاسات السلبية لهذا الاستغلال لا محالة لتطال الفرشة الباطنية المنهوكة أصلا بفعل الإستنزاف المفرط لمقالع الرمال المتواجدة على واد نفيس الذي يعد أحد روافد نهر تانسيفت.
وتضيف الشكاية أن عمليات الحفر الواسعة التي تعتزم المقاولة المذكورة القيام بها في الوادي تبقى مصدر تهديد حقيقي للساكنة التي تعيش على ضفتيه سواء على مستوى جماعة الاوداية أو اولاد ادليم، بفعل مخاطر الإنجراف والفياضانات.
وحذرت الجمعية من أن المنطقة مع الأسف باتت مهددة بسيناريو مماثل لذاك الذي تعرضت له ساكنة مجموعة من الدواوير المترامية على ضفاف وادي نفيس، حيث جفت الآبار واندثر الغطاء النباتي واستحالت أراضي المزارعين إلى شبه صحراء قاحلة مما دفع بالعديد منهم إلى الهجرة.