شكلت قضية الموجة المتصاعدة للشعبوية، أمس الخميس بمراكش، محورا أساسيا للجلسة العامة الأولى للدورة الثامنة للمؤتمر السنوي "حوارات أطلسية"، الذي ينظمه مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد حول موضوع "الجنوب في عصر الاضطرابات". وأرجعت ماريا أوغينيا دي أفيلا، وزيرة الشؤون الخارجية السابقة بالسلفادور، خلال هذه الجلسة العامة، هذه الموجة الشعبوية إلى "أزمة الثقة بين المواطنين وصناع القرار". من جهته، اعتبر إغناسيو والكير، وزير الخارجية الشيلي السابق، أن الشعبوية "قد ولدت لكون قوى السوق لم تعد تشتغل لفائدة المصالح السياسية والاقتصادية للمواطنين، وذلك بغض النظر عن وجود قوى مضادة في إطار الدستور التي تمكن من تجنب أي انحراف". من جانبه، أشار باولو بورتاس، وزير الشؤون الخارجية البرتغالي الأسبق، إلى أن الثورة الرقمية من بين الأسباب الأساسية لصعود الشعبوية التي يعتبرها "مرضا غربيا وليس مرضا لأقصى اليمين"، لأن "الشعبوية متواجدة لدى اليمين واليسار". وأبرز بورتاس، الذي انتقد بحدة "الارتباط المباشر بين الشعبوية والديمقراطية الرقمية"، أن النشر المكثف للرسائل الكاذبة على شبكات التواصل الاجتماعي، مع ما مجموعه 5.4 مليار حساب مزيف على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، يمثل عنصرا "مدمرا". وأشار إلى "المعتدلين، والمسؤولين الذين تخلوا عن النقاش أمام الشعبويين، دون محاولة القيام بشرح عقلاني لما جلبته الهجرة والتجارة الحرة إلى العالم"، مضيفا أن استطلاعات الرأي تبرز أن 70 في المائة من الأوروبيين يعتقدون أن الوضع قد تراجع، "لكن المؤشرات تحكي قصة مختلفة". وذكر أن "متوسط أعمار الأوروبيين سيصل إلى 49 عاما في سنة 2040، و20 عاما بالنسبة للأفارقة"، موضحا أن "أوروبا في حاجة إلى الهجرة، وهي قضية لا يمكن الحديث عنها في السياق الحالي". وتعرف الدورة الثامنة للمؤتمر السنوي "حوارات أطلسية"، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مشاركة أزيد من 500 شخصية من 66 جنسية. ويعد الموضوع الذي اختير هذه السنة للمؤتمر امتدادا لموضوع السنة الماضية الذي خصص ل"ديناميات أطلسية .. تجاوز نقاط القطيعة". وجاء هذا الخيار، وفقا للمنظمين، "لما تمليه التحديات المتعددة التي تواجهها بلدان الجنوب في ظل استمرار الصراعات والتهديدات الإرهابية، وارتفاع معدلات البطالة لدى الشباب، والتوسع الحضري السريع، إضافة إلى تداعيات تغيرات المناخ". وجرى قبل افتتاح المؤتمر تقديم التقرير السنوي للدورة السادسة من "تيارات أطلسية"، وهو الإصدار الرئيسي لمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، الذي يحمل عنوان "الجنوب في عصر الاضطرابات". وتماشيا مع موضوع الدورة الثامنة، يسلط تقرير "تيارات أطلسية" الضوء على التحديات التي تواجهها منطقة المحيط الأطلسي بشمالها وجنوبها، من خلال إيصال صوت الجنوب إلى النقاش الجيوسياسي العالمي. ويقدم مركز السياسات من أجل الجنوب، الذي تم إطلاقه سنة 2014 بالرباط، مع 39 باحثا مشاركا من الجنوب والشمال، منظور الجنوب بشأن قضايا البلدان النامية. ويهدف إلى تسهيل القرارات المتعلقة بالسياسات في إطار برامجه الرئيسية الأربعة : الزراعة والبيئة والأمن الغذائي؛ الاقتصاد والتنمية الاجتماعية؛ المواد الخام والتمويل. الجيوسياسية والعلاقات الدولية.