سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أزمات العالم تهيمن على اختتام أشغال المؤتمر الدولي الثامن "حوارات أطلسية" بمراكش عرف مشاركة مسؤولين سابقين في عالم السياسة والاقتصاد فضلا عن خبراء وشباب
هيمنت مناقشة الحكامة العالمية في النظام مابعد الأمريكي، وزمن التغيير في أمريكا اللاتينية، على جلسات اليوم الأخير من المؤتمر الدولي "حوارات أطلسية"، الذي استضافته مدينة مراكش في دورته الثامنة على مدى ثلاثة أيام، تحت شعار "الجنوب في عصر الاضطرابات"، بمشاركة رؤساء ووزراء سابقين وخبراء وفاعلين سياسيين واقتصاديين ونخبة من القادة الرواد. ثلاثة أيام من النقاش وتداول الأفكار والحوار الهادئ، توجت ببلورة مجموعة من الخلاصات تهم التحديات التي تواجه بلدان حوض الأطلسي والتغيرات التي يعيشها العالم. وتقتضي هذه التحديات، وفق المشاركين تعزيز التعاون بين الشمال والجنوب وبلورة شراكات مربحة لجميع الأطراف. وحسب المشاركين، فإن الحوارات الأطلسية هي فضاء قائم على الحوار والتبادل بين الأجيال من خلال محاولة الوصول إلى انغماس جماعي، من أجل تدليل مجموعة من الصعاب وتأسيس خارطات طريق جديدة أمام مجتمعات الجنوب خاصة في المجتمعات الإفريقية ومجتمعات أمريكا اللاتينية. تعددت محاور النقاش، التي توزعت على 11 جلسة فيما حافظت على خيط ناظم لامس التحديات التي تواجهها منطقة المحيط الأطلسي، بشمالها وجنوبها، مع الحرص على وضع الجنوب في صلب النقاش العالمي، على مختلف الأًصعدة. وركز اليوم الأخير للمؤتمر على دروس مستخلصة من تجارب مختلفة من أجل تنمية جديدة مشتركة قدمها رؤساء سابقون من أميركا اللاتينية، وسؤال عن التغيرات الجديدة لأفق الجنوب، ونقاش حول نظام التجارة القائم على القواعد. وفي هذا الصدد، أوضح هاريندر كوهلي المدير المؤسس والرئيس التنفيذي لمنتدى الأسواق الناشئة، أن هناك تاريخ من الأزمات المالية المتكررة كل 10 سنوات، تصبح أعمق وأكثر تكلفة. من جانبه، دعا ماتياس فيكل، وزير التجارة الخارجية الفرنسي السابق، الى الحاجة لمزيد من آليات التكيف للتعامل مع العولمة. وفي الوقت الذي أشار جميل معوض، الرئيس السابق لجمهورية الإكوادور، إلى أن هناك العديد من الطرق لصنع السياسة، وأن كل دولة أو منطقة لديها نظام يعتقد أنه أكثر ملائمة للحكم، أوضح فيدريكو رامون بويرتا، الرئيس السابق لجمهورية الأرجنتين، أن الأجهزة المحمولة وتنسيق التكنولوجيا، سمحت للناس بالضغط من أجل المزيد من المطالب. وخصصت آخر جلسة لنخبة من القادة الرواد الصاعدين يمثلون إفريقيا والأميركيتين، للتحدث والتعبير عن مخاوفهم وطموحاتهم لمستقبل بلدانهم والحوض الأطلسي. وركزت كلماتهم على صعود الشعبويات في العالم وضرورة الحفاظ على التعددية ومكافحة الفساد، والمشاكل التي يعاني منها الشباب خاصة في الدول النامية، مؤكدين أن الخوف من المستقبل والرغبة في العيش في الاستقرار من ضمن الأسباب التي تدفع هذه الفئة الى هجرة القارة الإفريقية. وتطرق المتدخلون إلى أزمة الديمقراطية داخل البلدان النامية والقضايا المتعلقة التمييز التي تعاني منها المرأة في هذه البلدان. وفي كلمة بالمناسبة، عبر كريم العيناوي رئيس مركز الدراسات من أجل الجنوب الجديد، في اختتام أشغال هدا المؤتمر السنوي، عن افتخاره بتنظيم هذه التظاهرة الدولية ومشاركة القيم التي تم التحدث عنها في بداية هذا المؤتمر، ومناقشة مجموعة من القضايا المهمة كالتعليم وأزمة الديمقراطية ومشاكل التغيرات المناخية وغيرها من المواضيع البالغة الأهمية. وأوضح العيناوي أن المؤتمر شكل فرصة للمشاركين لتسليط الضوء على الرهانات الكبرى الجيو-سياسية والاقتصادية بالحوض الأطلسي، من خلال مناقشة موضوع "الجنوب في عصر الاضطرابات"، الذي يأتي امتدادا لموضوع السنة الماضية الذي خصص ل"ديناميات أطلسية: تجاوز نقاط القطيعة". وتوزع ضيوف المؤتمر إلى دوائر القرار السياسي، وعالم الأعمال (13 في المائة)، والبحث (13 في المائة)، ومراكز التفكير (6 في المائة)، والقطاع العام (15 في المائة)، والمنظمات الدولية (10في المائة)، والمجتمع المدني (11 في المائة)، ووسائل الإعلام (8 في المائة). وتمحورت النقاشات على كيفية تحويل المعوقات التي تمنع اندماج منطقة حوض المتوسط إلى عوامل دفع من أجل إعادة هيكلة الحوار شمال جنوب والحوار بين الدول الأطلسي بشكل متوازن وإيجابي، بما يشمل النقاش الخاص بالولايات المتحدة. وجاء اختيار موضوع هذه السنة، حسب المنظمين، لما تمليه التحديات المتعددة التي تواجهها بلدان الجنوب في ظل استمرار الصراعات والتهديدات الإرهابية، وارتفاع معدلات البطالة لدى الشباب، والتوسع الحضري السريع، إضافة إلى تداعيات تغيرات المناخ. وتهدف الحوارات الأطلسية إلى تشجيع خطاب واضح ووضع حلول مبتكرة، من خلال مناقشة وجهات نظر السياسيين والأكاديميين والمحللين والمراقبين من الشمال والجنوب بروح من الانفتاح والشفافية والإثراء المتبادل. ويسعى هذا الملتقى السنوي منذ إطلاقه سنة 2012، إلى إدماج جنوب المحيط الأطلسي في النقاش الجيوسياسي العالمي، حيث تبنى المؤتمر من اجل ذلك مقاربة تعتمد على إخضاع الإشكالات لمناقشة قائمة على الحقائق والأرقام. وتناولت الدورات السابقة للمؤتمر مواضيع على علاقة بأهدافه، شملت "تغيير الخرائط الذهنية،وإعادة اكتشاف المحيط الأطلسي في الدورة الأولى في 2012، و"المجتمعات الأطلسية، النمو والتغيير والتكيف" في دورته الثانية سنة 2013، و"المعادلة الأطلسية الجديدة: التقارب والتعاون والشراكات" في دورته الثالثة سنة 2014، و"تقييم المخاطر العالمية" في دورته الرابعة سنة 2015، و"تغيير الخرائط الذهنية: استراتيجيات للمحيط الأطلسي في مرحلة انتقالية" في دورته الخامسة سنة 2016، و"أفريقيا في المحيط الأطلسي: زمن العمل" في دورته السادسة سنة 2017، فضلا عن "ديناميات أطلسية: تجاوز نقاط القطيعة" في دورته السابعة سنة 2018. ويهدف مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، وهو مركز أبحاث مغربي، تم تأسيسه سنة 2014 بمدينة الرباط مع 39 باحثا مشاركا من الجنوب والشمال، من خلال "منظور الجنوب بشأن قضايا البلدان النامية"، إلى "تسهيل القرارات المتعلقة بالسياسات في إطار برامجه الرئيسية الأربعة: الزراعة والبيئة والأمن الغذائي، الاقتصاد والتنمية الاجتماعية، المواد الخام والتمويل، والجغرافيا السياسية والعلاقات الدولية".