بحضور ما يقارب 500 مشارك، يمثلون أكثر من ستين جنسية، تمت أمس الخميس بمراكش، خلال افتتاح الدورة الثامنة للمؤتمر السنوي “حوارات أطلسية”، مناقشة الرهانات والتحديات الأساسية التي ينبغي للجنوب مواجهتها خلال “عصر الاضطرابات”. وتم هذا النقاش بمناسبة تقديم التقرير السنوي للدورة السادسة من “حوارات أطلسية”، وهو الإصدار الرئيسي لمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، الذي يحمل عنوان “الجنوب في عصر الاضطرابات”؛ والذي يسلط الضوء على التحديات التي تواجهها منطقة المحيط الأطلسي بشمالها وجنوبها. بعد ذلك قدم المشاركون خلال هذه الجلسة، لمحة عامة عن القضايا الاقتصادية والتجارية والجيوسياسية الأساسية الحالية بهدف إبراز التحديات التي تواجهها منطقة المحيط الأطلسي بشمالها وجنوبها. أنابيل غونزاليس، وزيرة التجارة الخارجية السابقة في كوستاريكا، تطرقت إلى تحديات منظمة التجارة العالمية، موضحة أن التجارة العالمية تعيش منذ سنوات حالة اضطراب بسبب التحديات المتعددة التي تواجهها المنظمة، التي تمر من أزمة حقيقية بسبب كثرة القيود التي تفرضها الإدارة الأمريكية وعدم الاستقرار الاقتصادي ودعت، في هذا الصدد، إلى اعتماد حكامة عالمية متجددة، مشددة على ضرورة الوحدة من أجل الحفاظ على النظام التجاري العالمي الذي سيواجه تحديات كبيرة خلال السنوات المقبلة. أما لين إشمايل سانت لوسيا، السفيرة السابقة لدول شرق البحر الكاريبي لدى مملكة بلجيكا والاتحاد الأوروبي، تطرقت إلى تأثير تراجع الريادة الأمريكية في الغرب وانعكاساته على الجنوب، مما يثير المخاوف والانشغالات بين الحلفاء التقليديين. موضحة أن هذه السياسة الحمائية الجديدة للإدارة الأمريكية التي لم تعد ترغب في أن تصبح "دركيا" في العالم، أدت إلى فتح الطريق أمام قوى عالمية أخرى مثل الصين، التي يتوقع أن تملأ الفراغ الذي تركته واشنطن. من جانبها، ركزت نجاة فالو بلقاسم، وزيرة التعليم الفرنسية السابقة، على أهمية التعليم في محاربة الفوارق، وأكدت على مساهمته في تنامي الشعبوية، بل حتى التطرف، في غياب تنمية الحس النقدي، مشددة على ضرورة تلقين الأطفال مبادئ التعليم من أجل التكيف مع العصر، وشددت على مهن الغد التي غالبا ما ستنبني على الذكاء الاصطناعي، مع تنمية الحس النقدي لديهم حتى لا يتم التلاعب بعقولهم، لتكوين مواطنين بعقلية مستنيرة. من جهته، أكد أوليسيلوكا أوكوشا “نيجيريا”، المسؤول السابق بحوارات أطلسية، أن القارة الإفريقية تواجه ظرفية اقتصادية عالمية جديدة تتسم، على الخصوص، بالنمو الكبير للاقتصاد الصيني. وأبرز أن هناك فرصا واعدة بالقارة التي تضم مساحات واسعة من الأراضي الصالحة للزراعة والموارد الطبيعية والمعدنية الضخمة غير المستغلة، داعيا إلى ضرورة وضع سياسات جديدة لضمان نمو الاقتصادات الإفريقية. أما أميناتا توري، رئيسة الوزراء السابقة والرئيسة الحالية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في السنغال، فترى أن الجنوب، وعلى الخصوص، إفريقيا، يمر بفترة من الاضطرابات، لكن القارة السوداء تتوفر على وسائل مواجهتها وتخفيف حدة هذه “العاصفة” بفضل التعاون الوثيق لمواجهة التحديات الأساسية، مؤكدة على ضرورة تبني مقاربة تشاركية بهدف التقليص من الفجوة بين الشمال والجنوب، داعية إلى تشجيع التجارة البينية بإفريقيا التي لا تزال دون مستوى الإمكانات التي تزخر بها القارة والتجارة الإقليمية في أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية. والجدير بالذكر أن اختيار المنظمين لموضوع “الجنوب في عصرالاضطرابات”، جاء بسبب ما “تمليه التحديات المتعددة التي تواجهها بلدان الجنوب في ظل استمرار الصراعات والتهديدات الإرهابية، وارتفاع معدلات البطالة لدى الشباب، والتوسع الحضري السريع، إضافة إلى تداعيات تغيرات المناخ”.