تألق الإبداع الفني المغربي، بكل بهائه في " معرض المنزل والأثاث " بباريس، الذي يعتبر موعدا دوليا مرجعيا في عالم الهندسة و التصميم والديكور . ففي قلب هذا المعرض الضخم (أزيد من 100 ألف متر مربع) الذي أقيمت أروقته في منتزه العروض ( فيلبينت ) ، وجد المصممون والمبدعون المغاربة رهن إشارتهم عشرات الأروقة لإبراز ليس فقط خبرتهم وإنما أيضا ثراء وتنوع التراث الأصيل و المعاصر للمملكة في مجالات الديكور و الحلي و الأزياء والمنتجات المجالية . وليست هذه المرة الأولى التي يشارك فيها المغرب في هذا المعرض، الذي يحظى بتقدير محترفي فن العيش و الديكور الداخلي والتصميم ، كما أن دار الصانع ،وهي المؤسسة العمومية المكلفة بالترويج للصناعة التقليدية المغربية دأبت في كل مرة على وضع أروقة رهن إشارة مبدعين مغاربة لتمكينهم من الاشتغال وإبراز مواهبهم وغنى وتنوع الموروث الثقافي والحضاري للمملكة في مجالات الديكور والتصميم ومختلف فنون العيش الأخرى . ولم تخالف نسخة 2019 القاعدة ، إذ تم بعناية فائقة انتقاء عشرات العلامات التجارية المغربية للمشاركة في هذا المعرض الذي يقام مرتين في السنة ( من 6 إلى 10 شتنبر و من 17 إلى 21 يناير القادم ) . وباعتبار هذه العلامات التجارية التي تنتمي لعدة مدن وجهات مغربية تعد سفيرات فن العيش المغربي على الصعيد الدولي،فإنها أبرزت عبر منتجاتها تنوع وثراء الصناعة التقليدية المغربية ( السيراميك، منتجات نحاسية وجلدية ومواد تجميل و عطور …) وأكدت أمال أودرهيري عارضة مشروع (أيو ) ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء ، إنه "بفضل دعم دار الصانع ، التي تمنح إعانة تصل نسبتها إلى 80 في المائة لإنجاح مشاركتنا، نتمكن من حضور هذا النوع من المعارض ". وقالت إن مشروع ( أيو ) وهي الكلمة التي تعني " الأم" بالأمازيغية هو ثمرة للإرادة والإصرار على ضمان استدامة الخبرة المغربية في إبداع الزرابي الأمازيغية و هي الخبرة التي بدأت تندثر للأسف . وأضافت أن ( أيو ) هي مبادرة لاستكشاف و حماية والنهوض بالتقاليد الألفية للمنسوجات الأمازيغية للأطلس المغربي ، في احترام للأخلاقيات الإنسانية والبيئية . وتجلى حب الصناعة التقليدية المغربية كذلك في ( دار مفتاح ) التي كانت تمثل المغرب لأول مرة في البينالي الدولي حرف الفن و الإبداع، الذي أقيم في ماي الماضي في القصر الكبير بباريس . و جسدت ( دار مفتاح ) التي يوجد مقرها في أكادير ، و تشارك بصفة مستقلة في هذا المعرض حلم شقيقين هما إلياس و عادل باستدامة الخبرة العريقة لفن صناعة النحاس عبر إعادة إنتاج طلائعي لهذا الإرث . ويتم إبداع المنتجات النحاسية بتقنية رفيعة الدقة و تتميز بمزج مستمر بين التقاليد و الاستدامة و الابتكار . وعبرت الشابة مونية مفتاح إحدى مؤسسات هذه الدار ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء عن فخرها ب " التمكن من تمثيل المغرب في هذا الحدث الدولي وأن تكون ضمن سفراء المغرب في التميز عبر العالم " مشيرة إلى أن "هذه هي مشاركتنا الأولى في هذا المعرض و نحن جد فخورين بانعكاساتها الإيجابية " . وقالت " نحن جد سعداء بحضورنا لأول مرة في هذا المعرض لأننا استقبلنا ( أرشيستورم ) أكبر وكالة فرنسية للهندسة والمعروفة على الصعيد الدولي والتي جلبت لنا ثلاثين مهندسا جاؤوا لاستكشاف قطع فنية استثنائية وكنا محظوظين بأن نكون جزء من هذا الاختيار". ومن جهتها أكدت نادية نويل المؤسسة بمعية فانيسا دي مينو للعلامة التجارية المغربية ( شعبي شيك ) التي تسافر ليس فقط بالصناعة التقليدية وإنما أيضا بالخبرة المغربية في جميع أنحاء العالم ، إن " حب وصيانة والمحافظىة على الصناعة التقليدية المغربية ليس شأنا يخص المغاربة فقط ". وساهمت هاتين العاشقتين للمغرب و المقيمتين في مراكش منذ عشرات السنين ، في إضفاء لمسة عصرية على الصناعة التقليدية المغربية لتصبح " أكثر جمالية وأناقة " . وأوضحت نادية نويل ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنها تحاول رفقة شريكتها بذل قصارى جهودهما من أجل تصدير الحرف المغربية نحو جميع أنحاء العالم. " وتابعت إن "منتجاتنا مصنوعة يدويا . نحن نقوم بتصميم الموديلات التي تصدر لجميع أنحاء العالم. و نستفيد من هذا المعرض ، بمساعدة دار الصانع لتقديم مجموعاتنا الجديدة. ". و تحضر علامات مغربية أخرى في هذا المعرض، الذي يشكل مناسبة لإبراز منتجاتها وتسويقها وكذا لاستكشاف فرص جديدة للتصدير . ويتعلق الأمر على الخصوص ب ( ناطيرا ) العلامة المتخصصة في ابتكار وتصنيع الحقائب الجلدية و ( بالوما ستيلا ) المتخصصة في الحلي و ( أرتينوو للصناعة التقليدية ) التي تنشط في مجال الديكور المصنوع يدويا و ( بازار الجنوب ) من مراكش الذي يعد أحد أقدم صناع الزرابي المغربية والمنسوجات البربرية التي تصدر لمختلف دول العالم . كما شاركت في دورة شتنبر من هذا المعرض علامة ( أمال ) المتخصصة في ابتكار وصنع الأثاث من المواد النباتية المحلية و ( بوطانيكا مراكش ) المتخصصة في مواد التجميل و الأطلس الجديد ( ديكورات عصرية وكلاسيكية ) وأبرز جهاد جابوري المسؤول بدار الصانع ،في تصريح مماثل ، أن "معرض المنزل والأثاث " جزء من طقوس دار الصانع التي تسهر على ترويج وتموقع الصناعة التقليدية المغربية داخل المملكة وعلى الصعيد الدولي ". وقال" شاركنا في هذه الدورة عبر 14 عارضا يعملون في قطاعات مختلفة خاصة الديكور و الزرابي و الأثاث والحلي ومنتجات أخرى"، مضيفا أن دار الصانع " ولكونها اعتادت على هذا النوع من المعارض شرعت بعناية في انتقاء عارضين يكونون في مستوى هذا التظاهرة ذات الصيت العالمي " . وأضاف جبوري أن هذه المشاركة تشكل أيضا لدار الصانع مناسبة لاستكشاف توجهات ومستجدات سوق الصناعات والحرف اليدوية والترويج للصناعة التقليدية الوطنية. وإذا كان معرض " المنزل والأثاث " قد مكن المصممين والمبدعين المغاربة من عرض إبداعاتهم وإبراز مهاراتهم وما راكمه الصانع التقليدي المغربي من خبرة وتجارب عبر قرون فإنه شكل أيضا فضاء لعقد لقاءات تواصلية من أجل استكشاف فرص جديدة للتصدير والعمل على فتح آفاق جديدة للمنتج التقليدي الوطني .