اختتمت الجمعة فعاليات الدورة 15 للمهرجان الدولي "مغرب الحكايات"، الذي نظمته جمعية لقاءات للتربية والثقافة بشراكة مع ولاية جهة الرباطسلاالقنيطرة، بالفضاء التاريخي الأوداية بالرباط. وكان جهور الرباط على موعد مع اختتام مهرجان "مغرب الحكايات"، الذي دام سبع ليال، كلها سرد لحكايات من المشرق والمغرب، تحت تيمة "الغابة في المتخيل الإنسان العالمي"، إذ تشكل قاسما مشتركا في التراث المحكي لأغلب الشعوب، رغم تباينها عرقيا ولغويا وتباعدها جغرافيا. وكان الكاتب العام لوزارة الثقافة عبر عن سعادته بحضور هذا الحفل المتميز، ونوه بالمجهودات التي تبذلها جمعية لقاءات للتربية والثقافة في شخص مديرتها نجيمة طاي طاي وباقي الأعضاء، مؤكدا على استمرارية هذا الملتقى الدولي ليصل الى دورته الخامسة عشر هذه السنة، وهو مجهود يجب تتمينه وتشجيعه واحتضانه، لأنه يحتفي بالموروث الثقافي اللامادي وخاصة الشفهي منه. وما ميز هذه التظاهرة الثقافية التي تربط الماضي بالحاضر، هو جلسات الحكي المروية على لسان "شيوخ الكلام"، تبرز تقارب الشعوب في ما بينها بخصوص موضوع الغابة في الموروث الثقافي الشفوي للبلدان المشاركة. ولتنويع المواضيع التي تعرف بأدب الغابة وتجلياتها كلاما وسمعا، كان الجمهور على موعد مع ندوة علمية حول موضوع " الغابة في المتخيل الشعبي المشترك للإنسانية"، بمشاركة أساتذة باحثين متخصصين في التراث الثقافي اللامادي، إضافة إلى مقهى الحكاية يقوم فيه الحكواتيون بجرد حكايات الغابة قصد توثيقها ونشرها، وأوراش تطبيقية عن دور الحكاية في التهذيب والفنون الدرامية والتشكيلية، بموازاة مع الحكايات أيضا، نظم معرض للتراث اللامادي للدول المشاركة حتى يطلع الجمهور على ما تزخر به هذه الدول من عادات وطقوس، وأدوات ومصنوعات تقليدية ترتبط بالحياة عموما وبالثقافة الغابوية بشكل خاص.
وعن هذه الدورة وجديدها وأهدافها، قالت نجيمة طاي طاي غزالي، مديرة المهرجان والخبيرة الدولية في التراث الثقافي اللامادي، إن الحكاية تشكل جزءا أساسيا من التراث اللامادي للشعوب، الذي يضم الحكايات، والأساطير، وقصص البطولات والخوارق التي روجها الرحالون والمغامرون والمستكشفون بعد عودتهم من رحلاتهم في أقاصي بقاع الدنيا في كل الأزمان، ومن ثم فإن الحكايات قد صيغت وأعيدت صياغتها كلما انتقلت من لغة لأخرى ومن مجال ثقافي لآخر ومن شعب لآخر، وفي كل مرة يتم تطعيمها بعناصر دلالية ورمزية مستوحاة من الأرضية الثقافية للحكواتيين والمتلقين. وأضافت مديرة المهرجان، أن الحكايات التي روج لها الرحالة والمغامرون، تتضمن أحداثا تاريخية، كما تتضمن أحداثا مبتدعة ومتخيلة ومقاطع لشخصيات خارقة وعجيبة ، ومن ثم فان العجائبي يشكل سمة أساسية ولازمة متكررة في معظم الحكايات وخاصة تلك التي تدور أحداثها في الغابات المظلمة والأدغال الموحشة. وعن استمرارية هذا الملتقى الدولي تقول مديرته ورئيسة جمعية لقاءات للتربية والثقافة " لقد انصب اهتمام جمعية لقاءات للتربية والثقافات منذ تأسيسها على الإسهام في الحقل الثقافي الوطني، وذلك بتنظيم المهرجان الدولي "مغرب الحكايات"، قصد تشجيع الاعتناء بالموروث الشفهي المغربي بصفة خاصة والعالمي بصفة عامة. ولتحقيق هذه الأهداف تسهر الجمعية المعتمدة لدى منظمة اليونيسكو، على الانفتاح على مختلف الثقافات محليا وجهويا وعالميا .
ويهدف المهرجان الدولي مغرب الحكايات، الذي يحتفل بالموروث الشفهي والكلمة الموزونة بامتياز، لإعادة الاعتبار لصناع الكلمة من محترفين وهاوين، ويسهر عليه خبراء ومهتمون بمجال التراث والثقافة والتربية، اعتبارا لكون الثقافة قاطرة للتنمية الشاملة في البلاد، إلى جانب الاقتصاد والسياحة، ويمكن أن تلعب دورا كبيرا في التقارب بين الشعوب. وحظي مهرجان "مغرب الحكايات" بالرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وشارك فيه رواة وباحثون وفنانون وفرق تراثية محلية ودولية، كما شارك فيه مؤسسات تعليمية وجمعيات وطنية ودولية. يذكر أن المهرجان "مغرب الحكايات" نظمته جمعية لقاءات للتربية والثقافات، بمدن الرباطسلا، تمارة، القنيطرة والخميسات، بشراكة مع ولاية الرباطسلاالقنيطرة وبدعم من وزارة الثقافة والاتصال، واستضافت الدورة 15 للمهرجان الصين كضيفة شرف، إلى جانب أكثر من 30 دولة من إفريقيا وآسيا والدول المغاربية والعربية ومن أمريكا اللاتينية وأوروبا ومن الدول الاسكندنافية.