أجمعت الكتل البرلمانية سواء من الأغلبية أو المعارضة بمجلس النواب المغربي أول أمس الجمعة، خلال جلسة عامة خصصت للتصويت على القانون التنظيمي المتعلق "بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي"، على أن المجلس الذي ينص عليه الدستور وتأخر لأزيد من 17 سنة، يعد واحدا من الإصلاحات السياسية والدستورية الأساسية التي يعرفها المغرب. وانتقد بعض النواب عدم مناقشة المشروع من طرف مكونات الرأي العام في البلاد قبل إحالته إلى البرلمان، خاصة أن دستورا اعتمد عام 1992 هو الذي نص على تأسيس المجلس. وعبرت الكتل البرلمانية عن أملها أن يكون المجلس الاقتصادي والاجتماعي مؤسسة دستورية تكرس الحوار الوطني. وزادت قائلة "إن توفر المغرب على عدد من المجالس والهيئات والمؤسسات ذات الطابع الاستشاري، التي تختلف من حيث أسسها القانونية ومرتكزاتها الهيكلية، وربما من حيث أهدافها وميادين تدخلها، أصبح يطرح ضرورة إيجاد تصور شمولي لعمل كل هذه المؤسسات"، مؤكدة الحاجة إلى تجاوز الحالة التي وصلت إليها بعض المجالس الاستشارية التي ظلت جامدة أو فشلت في مهامها بشكل نهائي. إلى ذلك، اعتبرت الكتل أن إنشاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي تعزيز لعمل البرلمان، وأشارت إلى أنها لا ترى أي تداخل بين اختصاصات المجلس واختصاصات البرلمان، وذكرت أن البرلمان بغرفتيه له وظيفة تشريعية، أما المجلس الاقتصادي والاجتماعي فله وظيفة استشارية يقدمها لكل من البرلمان والحكومة في القضايا ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي، كما يهتم بتعميق النقاش والحوار في المواضيع ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي والتنموي والبيئي. يشار إلى أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي يختص بإبداء رأيه في مشاريع ومقترحات القوانين التي تضع إطارا للأهداف الأساسية للدولة في الميادين الاقتصادية والتكوين، وفي مشاريع مخططات التنمية، ومشاريع الاستراتيجيات المتعلقة بالسياسة العامة للدولة في الميادين المذكورة، وكل هذه المشاريع تحال إليه وجوبا من قبل الحكومة أو مجلس النواب أو مجلس المستشارين، كل فيما يخصه. كما يمكن لهذه الجهات استشارة المجلس بخصوص مشاريع ومقترحات القوانين المتعلقة بالتكوين أو ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي، لا سيما الرامية منها إلى تنظيم العلاقات بين الأجراء والمشغلين، وإلى سن أنظمة للتغطية الاجتماعية، وكل قضية ذات طابع اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي أو بيئي. وبشأن طريقة تشكيل تركيب المجلس، اعتمد مشروع القانون التنظيمي بالقاعدة الأكثر تداولا في التشريعات الأجنبية المماثلة، التي تجعل من المجلس الاقتصادي والاجتماعي إطارا مؤسساتيا لتمثيل الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية الأساسية، وتم تحديدها في المشروع اعتبارا لأهمية حجم الاستثمارات في هذه الأنشطة، وعلى هذا الأساس، حدد أعضاء المجلس، بالإضافة إلى رئيسه المعين، في 99 عضوا يعينون لولاية مدتها خمس سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة، ويتكون أعضاء المجلس من فئة الخبراء، سيما المختصين منهم في مجالات التنمية الاجتماعية والتكوين والشغل والتنمية المستدامة، وفئة ممثلي النقابات الأكثر تمثيلا، وفئة الهيئات والجمعيات المهنية، وفئة الجمعيات النشيطة في مجال الاقتصاد الاجتماعي وعمل منظمات المجتمع المدني، ثم فئة الشخصيات التي تمثل المؤسسات والهيئات. ويتم تعيين الخبراء من طرف الملك، أما التعيينات الأخرى فتتم مناصفة من طرف رئيس الوزراء من جهة، ورئيسي مجلسي البرلمان من جهة أخرى، وذلك باقتراح من النقابات وأرباب العمل والمقاولات.