قال إدريس بنهيمة رئيس مجموعة الخطوط الملكية المغربية ، إن إدارة المجموعة تبحث عن إرساء حوار اجتماعي حقيقي وبناء ومتوازن سمته الاحترام مع ربابنتها، ولا يقوم على التهديد الدائم. وشدد بنهيمة، الذي عقد مساعدوه يوم الثلاثاء الماضي، اجتماعا مع ممثلي الربابنة لإيجاد مخرج إيجابي لحركة الإضراب التي يشنها هؤلاء، على ضرورة إعادة التوازن إلى علاقات القوة بين الإدارة وربابنتها حتى يحل حوار قائم على الثقة، محل الحوار القائم حاليا على التهديد والنزاع. وقال بنهيمة "إن النزاع الذي نعيشه اليوم سيتوقف بمجرد أن يدرك الربابنة أن الإضراب لم يعد أداة للحوار الاجتماعي، وأنه لم تعد لديهم إمكانية شل حركة الخطوط الملكية المغربية بل يتعين عليهم أن يبذلوا جهودا لإرساء حوار بناء". وأعرب بنهيمة عن اندهاشه لتصرف ممثلي الربابنة، الذين يرفضون بشكل ممنهج كافة مقترحات ومحاولات إدارة الخطوط الملكية المغربية، الرامية إلى إيجاد مخرج إيجابي لهذا النزاع الاجتماعي، موضحا أن "الربابنة لم يتمكنوا بعد من وضع الثقة في إدارتهم وتجاوز مناخ النزاع والوضع غير الصحي داخل المؤسسة". وأكد أن هذا الوضع غير السليم ومناخ النزاع يتجاوزان نطاق المطالب الراهنة، التي تستحيل تلبيتها اقتصاديا، والتي غالبا "ما تخفي مطالب غير معلنة"، قبل أن يشير إلى أن الكرة أضحت في ملعب الربابنة، الذين يتعين عليهم إيجاد ممثلين قادرين على المضي قدما باتجاه حوار إيجابي وبناء. ويخيم التوتر على العلاقة بين إدارة الخطوط الملكية المغربية وربابنتها زاد في استفحاله خوض إضرابين هامين في شهر يوليوز الماضي، ما دفع بالشركة إلى اللجوء إلى اكتراء طائرات لتأمين رحلاتها خلال هذه الفترة التي تشهد حركة مكثفة للنقل الجوي. ويطالب الربابنة، على الخصوص، بما يسمونه "مغربة وظيفة قائد" الرحلة والرفع من الأجور بنسبة 3 في المائة. وقوبلت المقترحات، التي تقدمت بها الإدارة خلال اجتماع الثلاثاء الماضي، استجابة لهذه المطالب، بالرفض التام من قبل ممثلي الربابنة، على غرار المقترحات الأخرى التي كانت قد تقدمت بها منذ بدء الإضراب. وبخصوص المطالب المتعلقة ب "مغربة وظيفة قائد"، أكد بنهيمة أنه لا يوجد أجانب داخل مجموعة الخطوط الملكية المغربية في هذا المنصب باستثناء شخص واحد يشتغل بالمؤسسة منذ 23 سنة وهو ابن مدير سابق بالشركة. وأشار بنهيمة، في الوقت نفسه، إلى أن أجانب يشغلون هذا المنصب في فروع الشركة، مثل "أطلس بلو"، الشركة ذات التكلفة المنخفضة (لو كوست) التابعة للمجموعة (13 بطائرات من طراز بوينغ و17 بطائرات إيرباص)، مقترحا فتح هذه المناصب في وجه مساعدي ربابنة الخطوط الملكية المغربية، الذين لديهم رصيد كاف من ساعات الطيران ليشغلوا وظيفة "قائد"، ولكن في إطار القانون الأساسي وشبكة الأجور ل "أطلس بلو"، قبل أن يعودوا إلى الخطوط الملكية المغربية حين يصبح منصب قائد متوفرا. وأوضح بنهيمة، أنه تم رفض هذا المقترح من قبل ممثلي الربابنة، الذين يشترطون أن يشتغل مساعدو الربابنة لحساب شركة التكلفة المنخفضة للمجموعة بامتيازات وأجر الخطوط الملكية المغربية نفسها، "وهو أمر غير مطابق لما يجري به العمل في شركة ذات التكلفة المنخفضة كأطلس بلو". وقال لقد "اقترحنا فتح مناصب "قائد" بشكل مؤقت، في وجه مساعدي ربابنة الخطوط الملكية المغربية، وماداموا يشتغلون لحساب "أطلس بلو"، فيتعين عليهم الالتزام بالقانون الأساسي وبشبكة أجور "أطلس بلو". من جانب آخر، ذكر رئيس مجموعة الخطوط الملكية المغربية أن الربابنة يطالبون برفع الأجور إسوة بمستخدميها على الأرض، في حين أن المساواة بين شبكة أجور العاملين جوا والعاملين أرضا لم تطرح أبدا . وأشار في هذا السياق إلى أن ممثلي الربابنة رفضوا مرة أخرى المقترح المتعلق بوضع نظام جزافي لساعات الطيران، وهو الإجراء الذي من شأنه أن يرفع أجورهم بنسبة 2.2 بالمائة ويخول للشركة تحسين دقة مواعيد الرحلات. وقال بنهيمة إن "الربابنة يعتبرون أن الأمر لا يتعلق برفع الأجور، لأن الشركة ستحسن مستوى دقة مواعيد الرحلات وستسترجع بالتالي هذه الأموال من منافذ أخرى". وذكر بنهيمة بأن وزير التجهيز والنقل كريم غلاب كان قد صرح بأن ربابنة الخطوط الملكية المغربية يتقاضون راتبا شهري صافيا قدره 87 ألف درهم، وهو المبلغ الذي احتج عليه شخصيا رئيس الجمعية المغربية لربابنة الطيران. وأضاف بنهيمة أنه حث الربابنة، منذ بدء الإضراب، على الإبقاء على الحوار الاجتماعي داخل الخطوط الملكية المغربية دون ضجة إعلامية، "أنا آسف لكونهم لم ينصتوا إلي وقد كنا مجبرين على تصحيح عدد من المغالطات وردت في تصريحات ممثلي الربابنة. الذين نفوا أن يكونوا قد طالبوا بالرفع من الأجور، في حين أن هذا المطلب مدرج ضمن الرسائل الموجهة إلى الإدارة. والأخطر من ذلك، أن المتحدثة باسمهم سمحت لنفسها بالكذب بشأن المعالجة الضريبية لأجور الربابنة. ولذلك فهي تخضع حاليا لإجراءات تأديبية". كما أكد بنهيمة بهذا الخصوص أنه خلال الأشهر ال 12 الأخيرة، فإن الراتب الشهري الصافي للربابنة، بمن فيهم الذين يشغلون وظيفتي قائد ومساعد ربان تفوق بقليل 87 ألف درهم. ولتسوية المطالب الأخرى، التي تم تقليصها إلى 10 في الدفتر المطلبي الأخير، لكن مع 60 مطلبا آخر خفيا في وثيقة أخرى، قال بنهيمة إنه اقترح على الربابنة وضع قانون داخلي يضمن حقوق ومكتسبات الموظفين ويدرس المقترحات الجديدة للربابنة. وأوضح أن هذا القانون الداخلي سيمكن الشركة من الالتزام بالقانون وإحداث قطيعة مع " نمط تسيير ضعيف الفعالية"، ويهم بروتوكولات الاتفاقيات الموقعة خلال الحركات الاجتماعية السابقة، مذكرا بأن الربابنة لم يستجيبوا قط لهذا المطلب. وإجمالا - يقول بنهيمة - فإن حركة الإضراب عرفت انخراطا واسعا لربابنة الخطوط الملكية المغربية، موضحا أنه على الرغم من هذا الإضراب، فإن "حركة النقل الجوي الوطني تسير بشكل عادي"، بفضل اكتراء طائرات من أوروبا لنقل المسافرين في فترة الإضراب. وأكد أن الإضراب فشل في محاولاته شل نشاط الخطوط الملكية المغربية، موضحا أن الزمن قد تغير وأن الوقت قد حان لكي يقتنع ممثلو الربابنة بهذا الوضع ويعملوا على تغيير وسائل عملهم وأنماط حوارهم الاجتماعي. وأضاف " لقد أصبحت حركة إضراب الربابنة اليوم أمرا عاديا ونستطيع مواجهتها مثل أي مؤسسة يخوض عمالها إضرابا"، مشيرا إلى أن الربابنة لم يعد بمقدورهم ارتهان النقل الجوي الوطني أو المسافرين أو إدارة المجموعة.