هوية بريس – عابد عبد المنعم كتب الدكتور بنحمزة الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال، على حائطه بالفيسبوك رسالة موجهة إلى الكاتبة مايسة سلامة ناجي، شرح فيها كثيرا من الأمور المتعلقة بالتهم الموجهة إليه والتهم التي يرمى بها، ليختمها بأنه سيتوجه للقضاء لمتابعة مايسة ناجي. وقد افتتحها برسالته بقوله: "لست بحاجة للتأكيد أنني لا أعرفك، وهذا قد يكون تقصيرا مني لأنك ومنذ سنوات صنعتي لك إسما بين المواقع الإلكترونية، واستطعت أن تحصدي إعجاب الآلاف على صفحتك الفيسبوكية، كما كان ظهورك على "اليوتوب" لا يخلو من متابعة كبيرة، صحيح لا أعرفك معرفة شخصية، لكن ساقني حظي أكثر من مرة لكي أطلع على ما تكتبين وهومن صنف السهل الممتنع، قد يكون سطحيا ومباشرا، لكنه ينفذ إلى جوهر الموضوع، وإذا كان الأمر يقتضي شهادة مني، فإنني يمكن أن أقول بأنك تملكين شجاعة تحترم، ليس مهما أنها تستثني بعض القضايا وبعض الأشخاص، أو تنزلق في حديث بلا دليل… لكن عموما ليس مفروضا فيك وأنت كاتبة متطوعة، أن تحيطي بكل القضايا والمواضيع والأشخاص.. فعلى الآخرين أن يقوموا بواجبهم أيضا، وإن كان من واجبك الأدبي أن لا تخوضي في أعراض الناس بلا حجة، لقد شاءت الظروف أن نكتب معا في أحد المواقع الإلكترونية الأجنبية، وتعزز لدي الاقتناع بأنك تستحقين رغم كثير من الملاحظات قدرا معتبرا من التقدير والاحترام. وأضاف الهلالي: "السيدة مايسة..عندما يحقق كاتب قدرا كبيرا من الشهرة، ويكون له آلاف المعجبين -بغض النظر عن قيمة ما يكتب- فإنه من المفترض أن يتصف بكثير من النضج والمسؤولية الأخلاقية اتجاه ذلك الكم الكبير من القراء، فالكاتب هنا يصير صاحب سلطة معنوية، وهي كأي سلطة عندما تكون مطلقة بلاحدود، فإنها على ذات القدر، تكون مفسدة وبلاحدود… لقد آلمني ما تعرضتي له في سنوات مضت من تهجم عليك وعلى ماضيك، وقرأت لك سنة 2013 وأنت تخاطبين المغاربة -بصيغة الجمع-، "اتقوا الله في أختكم مايسة يا مغاربة"، فشعرت بما شعرت به من الظلم والإشاعة ممن يعميهم الحقد عن الاعتراف بالآخر مهما كان مختلفا، يومها كتبتي تقولين: "هتك الأعراض أصبح كشرب الماء، وكلمة عاهرة يقذفها الرجل على المرأة كما يتنفس الهواء، وكلمة "ماشي راجل" تقذفها المرأة على الرجال سواء، والتهم تمطر كمطر غابة الاستواء..". وأضفت في ذات المقال، "كل تلك الصفات والسباب والشتائم التي يضخونها يوميا على صفحات الفايسبوك وعلى مقالاتهم لا يلقون لها بالا سيحملون بها أوزارهم وأوزارا معها، لآخذ من خير ما عملوا وأحملهم أسوء ما عملت."، وكما قال نيتشه "المنحطون في حاجة الى الكذب.. إنه إحدى شروط بقائهم"، وبالطبع لم تكتفي بما كتبتي بل عززتي ذلك بالكثير من الأحاديث النبوية وسور من القرآن الكريم، حتى كاد المقال أن يتحول إلى موعظة تتجاوز تظلمك المشروع، إلى صلاحيته كصرخة أوكدرس في أدب الحوار والنقاش وتدبير الاختلاف…بل وأساسا احترام الاختلاف. السيدة مايسة أستغرب كيف تعطين الدروس للآخرين، وترفضين سلوكاتهم المريضة عندما يتعلق الأمر بالهجوم عليك وبالمس بكرامتك وبقذفك بأبشع النعوت، والافتراء عليك واختلاق الروايات والحكايات عن ماضيك، وفي ذات الوقت لا تطلع على جفنتيك حمرة الخجل، وأنت تخوضين في أعراض الآخرين وتفترين عليهم بالكذب والبهتان، وتختلقين عنهم الحكايات والروايات، وتمسين ذمتهم، ذنبهم الوحيد – وأنا هنا أستعير ما كتبتي في آخر تدوينة لك-، أنهم يجدون في طريقهم، " أعداء النجاح الفاشلون يرون الشخص يكد ويجتهد ليشارك ولوبجزء بسيط في إحداث أثر بحياته.. ينفع به البلاد والعباد.. وإذا بهم يصابون بالمغص لأنهم لا يحققون ذواتهم إلا برؤية الآخرين عاجزين مثلهم، فيتعرضون للشخص في حياته المهنية، في مصداقيته، في مشواره، حتى في سمعته وحياته الشخصية بالكذب والاتهامات. الحسد يجرهم إلى السفالة، لكن أفضل رد هوالارتقاء والاستمرار."…ففي أي صنف ترغبين أن أصنفك، هل في صنف الناجحين؟ أم في صنف أعداء النجاح والسفلة؟…ألا يحق فيك قوله تعالى: { أَتَأْمُرُونَ 0لنَّاسَ بِ0لْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} . السيدة مايسة لقد وصفتي كاتب هذه السطور بأبشع النعوت، واختلقتي عنه زيف الحكايات، بل بلغ بك الأمر -حتى لا أقول الوقاحة- أن تصفيه بمنعدم الرجولة، وأنه كان يتقاضى أجرا كموظف إضافة إلى تعويض البرلمان، وأنه ينتمي إلى عصابة، وأنه "كيفركل"، بل هو مجرد موظف شبح يسيل لعابه على السلطة والدرهم، وهو إضافة إلى ذلك مجرد "شلاهبي" يدعي الثورية، وأنه من المتسلقين المتمقلين عبدة الدرهم، وأنه طلب العمل في البرلمان فرفض طلبه… إلى غير ذلك مما حفل به ذلك الشيء الذي كتبتيه على صفحتك الفيسبوكية وحملتيه على صغره كما هائلا من سقط العبارات وأرذلها، ما يكشف عن معدنك وعن حجم الغل الذي يستقر عميقا في قلبك بلا سبب، وعن القيم التي تنتمين إليها حقا والتي لا تمنعك من الخوض في أعراض الناس وذممهم، على خلاف ما تجتهدين في تسويقه للناس بشعبوية هزيلة تثير الشفقة… جملة فإن جزءا كبيرا مما تكتبينه يستحق أن يكون موضوع تحليل نفسي، أكثر منه موضوعا للسجال العقلاني الراشد، الذي ينشغل بالأفكار والمواضعات والمواقف وليس الأشخاص، خاصة عندما يكون الحديث عنهم بسوء لا يستند على دليل ولا يقوم على أساس، بل منه ما ينم عن جهل، مثل القول بإمكانية الجمع بين أجرة الوظيفة وتعويض البرلمان…! السيدة مايسة سلامة الناجي عذرا لانفعالي الذي منعته قدر ما استطعت، فأنت لا تعرفينني يقينا، لكن يجب أن تعرفي أن "اليقين في كثير من الأحيان، يكون أخطر على الحقيقة من الكذب"، والنجومية لا تصنع بالمس بكرامة الناس والتشهير بهم بلا دليل ولا مبرر، والشهرة لا تعني أن المعني بها على صواب مطلق، فكثير منها لا تعدو أن تكون واحدة من عاهات المجتمع المؤسفة، بل النجومية الحقيقية تصنع بالاحترام التام والكامل للمبادئ والقيم في حيادها المطلق، هذا لا يعني التغاضي عن مظاهر الفساد ومكامنه ووجوهه. لكن لا تعتقدي -بسذاجة تستدعي الحسرة- أن كل رجل أو سيدة لهما موقع سياسي، فإن ذلك دليل على فسادهم، بحيث يمكن عبر الهجوم الممنهج عليهم، أن تمنحي لجمهورك فرجة مجانية تحققين من ورائها "جيمات" جديدة لصفحتك الفيسبوكية، بشكل يرضي نرجسية مفرطة مرفوقة بكثير من تضخم الأنا، وهوما يمنعك حقيقة من الاعتراف بأن السياسة بريئة في ذاتها من لوثة الفساد، فالسياسة في النهاية لا تصنع مفسدين..بل فقط تكشف الناس على حقيقتهم…، هذا هودرس التجربة التاريخية والواقع. السيدة مايسة لقد أخطأت التصويب عندما اعتقدت أنه يمكن أن تحشريني ضمن من يسهل الهجوم عليهم وكنت مجرد حاكي الصدى، وتوقعت أن أكون فرجة بين الخلق، في حين أنني مجرد مواطن بسيط حقا من عمق تربة هذا الوطن، لم أولد وفي فمي ملعقة من ذهب، بل نشأت على شظف العيش، فأنا ابن رجل بسيط كان مقاوما وانتهى به المطاف سائق طاكسي وهو في أرذل العمر، مرورا بعمله ك "مخزني" في القوات المساعدة، وبعد تقاعده عمل كسائق شاحنة لتوزيع الطحين، و"حصاد" في حقول الحبوب والشعير في الأطلس المتوسط، وابن سيدة من أروع خلق الله، تكفلت بسبعة أبناء بعد وفاة الوالد بمعاش لم يتجاوز 700 درهم، ولقيت ربها ونحن جميعا مستورين بحمد الله. معها تعلمنا الكفاف والعفاف والغنى عن الناس، وتعلمت معها أن معركة الإنسان الأساسية والمصيرية هي معركة الكرامة، فأنا اشتغلت بائعا لسندويتشات البيض المسلوق في الحافلات العابرة لمدينتي الخميسات، وعملت بائعا للسجائر بالتقسيط في المقاهي والحانات، وتاجرت في "بنق" و"عصير السيرو" والبطاطا المسلوقة، وكتبت كخطاط -كما كنت أتوهم- اللافتات واللوحات الإشهارية للمحلات التجارية، وزينت بمقابل الواجهات في رأس السنة الميلادية وصنعت دفاتر من مخلفات دفاتر السنة الدراسية وتاجرت في الكتب المدرسية المستعملة عند مطلع كل سنة دراسية، كما عملت مساعد حلاق…وعندما انخرطت في العمل السياسي وأنا أقود المظاهرات في ثانوية موسى ابن نصير بالخميسات كاتبا للشبيبة الاستقلالية -في الزمن الجميل للمعارضة-، لم أكن أعرف للسياسة من نهاية.. غير السجن، في بلد عاند طويلا في فتح الباب مشرعا للديمقراطية واحترام ما تفرزه صناديق الاقتراع، وكنت من الجيل الذي عاش إحباط التناوب الأول، لقد كافحت لسنوات لأصنع لي اسما في العمل الحزبي والسياسي، ويكفي أنني قضيت أزيد من نصف عمري في المسؤوليات الحزبية وكلها مسؤوليات -لعلمك- جاءت بالانتخاب وليس بالتعيين.. وحظيت طيلة هذه السنوات باحترام كبير من خصومي، قبل أصدقائي.. مما يشكل لي مبعث للافتخار والاعتزاز. السيدة مايسة كان بودي أن تجادليني بكل أدب في فكرة أو موقف، وكنت سأكون سعيدا ببسط وجهة نظري أمامك دون أن يمنعني كبريائي، أن أعترف لك بالصواب إذا ما اقتنعت به في ضفتك، سواء كفكرة أو كنقد أو كاقتراح.. بل حتى كنصيحة، فالإنسان ناقص بطبعه ومن يدعي الكمال، يحرم نفسه من فضل الاختلاف الذي هو في النهاية رحمة وقيمة مضافة، لكن ما عسايا أقول وأنا أتعرض من قلمك لأحط النعوت وأوصف بأرذل العبارات؟ هل أغرف أنا أيضا من ذات القاموس؟ وأنفث نفس العبارات؟ ساعتها كيف يمكن أن يميز الناس بيننا؟ وكيف يمكنهم أن يتعرفوا على الحقيقة…؟ أنت مسؤولة أمام قرائك، ومن حق هؤلاء القراء أن تقدمي لهم الحقيقة كماهي، احتراما لهم وللحقيقة أولا واحتراما لنفسك ثانيا، لهذا أدعوك إلى إسناد كل الكلام الذي قلته في حقي كذبا وبهتانا، بالدليل والبرهان وأن لا يبقى مجرد رجم بالغيب وتشهيرا وقذفا، مصدره الوحيد هو صندوق البريد…أما أنا فليس لي سوى كرامتي، ولست مستعدا أن أخسرها أوأن أفرط فيها، فأنا لا تجمعني معك أية عداوة أوحسابات شخصية، وما يمنعني من الرد عليك بنفس الأسلوب وذات اللغة، هو أنني لست مستعدا أن أخسر أخلاقي وما تربيت عليه من إحترام للمرأة أولا، ولمن يخالفونني الرأي ثانيا رغم أن الموضوع هنا لا علاقة له بالرأي، فأنا في النهاية مجرد بشر قد أخطئ وقد أصيب، بحيث لا يمكنني أن أستعير الشتائم والنعوت التي وصفك بها كثيرون، سواء عن حق أو باطل فيما يتعلق بماضيك أوعلاقاتك، بل أنا هنا أعلن تضامني المطلق والصادق معك، لكنني مع ذلك لا أستطيع أن أمنع نفسي من اللجوء إلى ما يمنحه لي القانون، احتراما أولا وأخيرا للرأي العام وللحقيقة.. كما أريدك أن تعلمي أنني ممن يحق فيهم ما قاله ماركس "ليس لدى للبروليتاريا ما تخسره.. سوى قيودها"، وبهذا الشعار خضت الكثير من المعارك وكسبتها. السيدة مايسة سلامة الناجي إنني أخاطبك بهذا الإسم ولا أعلم إذا كان إسما حقيقيا أم مستعارا، ولأنني قررت بكل احترام ورقي اللجوء إلى القضاء من أجل إنصافي وإثبات زيف ما كتبت عني، ولأنني لا أعرف لك عنوانا أو بيانات شخصية مما هو مطلوب في هذه الدعاوى من طرف القضاء، فإنني وأمام الرأي العام أطلب منك أن توفري لي بكل نبل، هذه المعطيات حتى نتقابل كأناس متحضرين أمام القضاء، وأنا بذلك أمنحك فرصة تحصين إحترام قرائك لك، وأمنح لنفسي حق إثبات خديعة ذلك الاحترام… إلى حين وقوفنا معا أمام القضاء، تقبلي خالص متمنياتي أن تكون بخير"اه.