في كل بلدان العالم، سواء تلك التي نالت التقدم أو تلك التي مازالت تعاني من ويلات الرجعية والفقر والتقدم، ينادي المواطنون والمسؤولون والمثقفون والصحفيون رؤساء بلدانهم أو غير بلدانهم بعبارة الصفة، وهي “السيد الرئيس”. وفي كل الملكيات الأوروبية والعربية أو حتى الإمبراطوريات الموجودة في جنوب شرق آسيا، يدعو كل الناس حكامهم الملوك والأباطرة بلفظة “جلالة الملك أو جلالة الإمبراطور”،.. وكذلك كان منذ زمن بعيد، ولايزال الأمر إلى يومنا هذا، سواء فيما يتعلق بالمجتمعات المحافظة، أو بالمدينات الحديثة، أو حتى تلك التي انقلبت على المحافظة والحداثة. أما في بلدنا الذي يسعى جاهدا لإيجاد مكان يرضاه وسط الدول الصاعدة، ويبذل كل ما يبذله من أجل أن يظل مجتمعه معتدلا في قيمه ومعتقداته حيث تجتمع فيه الأصالة في نبلها، بالحداثة في تطورها، فقد شاءت مجموعة من الذين تجاوزهم قطار النضج، ووصتلهم رياح المراهقة متأخرة في الهزيع الأخير من سهرات الليالي الشتوية، أن يخاطبوا ملك البلد ب”سي محمد” أو ب”محمد السادس”، وكذلك كان يفعل حميد المهداوي الذي نزلت به مظلة آخر الأيام لممارسة الصحافة، والمدونة مايسة ناجي التي لم يكتب لها الاجتهاد في دراستها فسلكت طريق الجنوح إلى ضلال الهلوسات الفيسبوكية. وفي آخر مدوناتها الليلية نصبت مايسة الناجي نفسها مكان كل رؤساء المجالس الاقتصادية والاجتماعية، والمؤسسات المتخصصة، لتحكم على مشروع، لم تعلن انطلاقته بعد، بالفشل، وهو النموذج التنموي الجديد. كما نصبت هذه السيدة نفسها مكان إدريس جطو رئيس المجلس الأعلى للحسابات، ومكان كل قضاة المملكة، لتصدر أحكاما كلها شتم وقذف في حق وزير لازال لم يعمر في قطاعه سوى سنة واحدة، فتتهمه بنهب وزارته، وتنعته بالسارق، مستعملة أقسى أسلوب تصغيري للقذف والشتم والتشهير في الدارجة المغربية و”هو شفيفير”، وغير مستندة لا على حجج ولا على دلائل تحميها من مطرقة القاضي، ولا حتى على إشاعات من داخل الوزارة وخارجها لكي تستظل بها من أشعة التهور الحارقة، بل اكتفت فقط بالتوكؤ على عكازة الجرأة والاندفاع، وهما لن يحمياها من عثرات الطريق. نحن نعلم أنه بإمكان كل الذين تلقوا اللكمات الفيسبوكية لهذه السيدة التوجه إلى القضاء، ما دامت أركان التشهير والشتم والقذف والكذب متوفرة، ونعلم أيضا أن بإمكانهم اعتبار هذه اللكمات قبلات من فم سيدة لا تتقن فن القبلات، وتبحث جاهدة عن الشهرة بل تتلمس باهذابها لعلها تلتفت إليها، لكننا من موقعنا هذا نقوم بدورنا الإعلامي والتربوي الذي نعتبره مسؤولية على أكتافنا، فالتي أخرجت قلمها لتركل به يمينا ويسارا، وكانه حمار لا يهوى سوى النهيق والركيل (وحنا كنقصدو القلم ما شي مولاتو من باب الأدب والاحترام) يجب أن تعلم أن أصول الكتابة الصحفية، وقواعد النشر والتحرير، مؤطرة في العالم أجمع بقوانين يجب احترامها والالتزام بها. أما إذا كان الصحفي مبدعا في الكتابة، فإن بإمكانه توجيه انتقاده للجهة التي يستهدفها، ولكن بما يحفظ لقلمه السمو في الكتابة، والبلاغة في الأسلوب، والبيان في التعابير والصفات والتشبيهات، كي يكون لكتابته التأثير المرغوب، فيه أما الالتجاء إلى التدوين المجاني، فهو يشبه عملية التسلق على حائط آيل للسقوط، ولن يزيد شبابنا إلا ضعفا في الكتابة والتحرير وتأخرا في مواكبة حسن استعمال وسائط الاتصال الحديثة.