الجمعة 24 يناير 2014م إخواني السلفيين..! طبيعي أن نختلف ولكن ألا يكون اختلافنا بعلم…؟ جميل أن نتناصح، ولكن أين في تناصحنا الأدب والحلم..؟ نكاد نتفق على أن أغلب المسائل التي يختلف السلفيون اليوم بشأنها تدخل في دائرة الاجتهاد السائغ التي يكون الخلاف بشأنها في الغالب معتبرا… وهذه المسائل لا سبيل فيها لفرض رأي طرف على طرف ولا لإلزام طائفة باختيار الطائفة الأخرى. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "كان أئمة أهل السنة والجماعة، لا يُلزمون الناس بما يقولونه من موارد الاجتهاد، ولا يكرهون أحدا عليه…". ثم نقل طائفة من أقوال الأئمة الأربعة في ذلك ثم قال: "فإذا كان هذا قولهم في الأصول العلمية وفروع الدين لا يستجيزون إلزام الناس بمذاهبهم مع استدلالهم عليها بالأدلة الشرعية، فكيف بإلزام الناس وإكراههم على أقوال لا توجد في كتاب الله، ولا في حديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا تؤثر عن الصحابة والتابعين، ولا عن أحد من أئمة المسلمين" (الفتاوى الكبرى 6/339-340). وقال رحمه الله: "الأقوال والأفعال التي لم يُعلم قطعا مخالفتها للكتاب والسنة بل هي من موارد الاجتهاد التي تنازع فيها أهل العلم والإيمان؛ فهذه الأمور قد تكون قطعية عند بعض من بين الله له الحق فيها؛ لكنه لا يمكنه أن يلزم الناس بما بان له ولم يبن لهم" (مجموع الفتاوى 10/383-384). وقال رحمه الله: "فالبغي مذموم مطلقاً. سواء كان في أن يلزم الإنسان الناس بما لا يلزمهم، ويذمهم على تركه، أو بأن يذمهم على ما هم معذورون فيه، والله يغفر لهم خطأهم فيه، فمن ذم الناس وعاقبهم على ما لم يذمهم الله تعالى ويعاقبهم. فقد بغى عليهم، لا سيما إذا كان ذلك لأجل هواه" (درء تعارض العقل والنقل 8/408). دعونا إخواني نعترف بأننا أحيانا نتحمس لفكرة أو مشروع أو اختيار ونهتم به ونعتني به حتى يُخيل إلينا أن كل من لم يشاركنا طرحنا فهو جاهل مغبون وخاسر محروم وهو ممن يعيق الدعوة ونجاحها ويسهم في تخلفها وحصارها. حتى يكاد الواحد منا يعقد ولاءه وبراءه على أطروحته. وهذا بغي وظلم وتعدٍّ، وغلو وتجن على الشريعة وأتباعها والسلفية وحملتها. إخواني، يا من تحمستم لطرائق التغيير المستحدثة وحرصتم على مجاراة الواقع وأهله بما فيه مما تظنونه يسعفكم ويخدم دعوتكم بغير مخالفة شرعية من وجهة نظركم… وذلك في إطار "التدافع" بين الحق والباطل. تذكروا أن لكم إخوة في العقيدة والمنهج طالما جمعتكم وإياهم المجالس والمنتديات حقكم عليهم أن يحترموا رأيكم وإن ردوا عليكم. وأن يلينوا لكم القول وإن عارضوكم. وأن يدعوا لكم بالتوفيق والتسديد وإن خالفوكم. ومع ردهم عليكم ونقدهم ونقضهم لكم لا يضللونكم ولا يبدعونكم. فمن حقهم عليكم أن لا تسفهوا آراءهم ولا تقبحوا مواقفهم وتنبزوهم بما لا ترتضونه في أنفسكم. وأن تعاملوهم بمثل ما تحبون أن تُعَاملوا به. ولا تحاولوا إلزامهم بما اخترتم في موارد الاجتهاد كما لا تقبلون منهم أن يلزموكم باختيارهم. هذه كلمات أرجو أن تكون مقدمة لنقد ذاتي بناء… عسى أن تجتمع كلمتنا كما كانت. وتلتئم جراحاتنا وقد اتسعت والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل.