أود أن أنبه بداية إلى أنني عندما أتحدث عن المنهج السلفي المعاصر فلست أقصد بالسلفية تلك الدعوة المباركة التي دعا إليها شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وأمثالهما من كبار علماء الأمة، الذين يعرفون لأئمة الإسلام حقهم وللعلماء قدرهم، وإنما أقصد هؤلاء الأحداث الذين اعتقدوا أن كلام الأئمة في نبذ التقليد موجه إليهم.. إن أول ما يتعلمه المريد السلفي داخل جماعته وتجمعه هو نبذ التقليد ووجوب اتباع الدليل، ويحفظ قول الأئمة الأعلام "إذا وجدت رأيي يخالف الحديث فاضرب برأيي عرض الحائط"، وقولهم "لا تقلد أبا حنيفة ولا مالك ولا الشافعي ولا أحمد، وخذ من حيث أخذوا".. ومثل هذه العبارات التي صدرت عن هؤلاء الأئمة الأعلام في ذم التقليد والمقلدين، ويمثلون لذلك بأن الشافعي خالف شيخه مالك، وأحمد خالف شيخه الشافعي، والصاحبان خالفا شيخهما أبا حنيفة، وابن عبد البر وابن العربي خالفا مذهب المالكية، وهكذا.. وإن السؤال الذي يجب على المريد السلفي طرحه هنا هو: هل كلام هؤلاء الأئمة موجه لعموم الناس وعوامهم، أم أنه موجه للعلماء الذين بلغوا منزلة الاجتهاد؟ هل يحق لي أنا أن أضرب قول مالك عرض الحائط بحجة أنه مخالف للحديث الصحيح؟ وما أدراني أنه مخالف للحديث الصحيح وأنا لست من أهل الاجتهاد والنظر في الأدلة لاستنباط الأحكام؟ فأن يُخالف الشافعيُ مالكا، ويُخالف أحمد الشافعي، ويُخالف الصاحبان شيخهما أبا حنيفة، ويُخالف ابن عبد البر وابن العربي المالكيان وأمثالهما مالكا؛ فهذا مقبول ومعقول ومطلوب إذا تبين لهؤلاء خطأ من خالفوهم في مسألة ما، ولكن أن أخالفهم أنا وأنت وعموم الناس بحجة مخالفة كلامهم للأحاديث الصحيحة فهذا هو الضلال بعينه.. صحيح أنه لا يجوز لعالم أن يقلد عالما، والصحيح أيضا أنه يجب على العامي تقليد العلماء لقوله تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).. وقد بلغ الجهل بالقوم أن زعموا أن أئمة المذاهب الفقهية برآء من التقليد والمقلدين مطلقا، وهذا والله كذب وافتراء على الأئمة رحمهم الله؛ بل يزعم بعضهم أن تقليد المذاهب الفقهية مخالف للسنة، لأن هؤلاء الأئمة غير معصومين، فكيف نقلدهم ! وهذا القول الشاذ يلزم منه القول بوجوب الاجتهاد على الجميع، وأنه فرض عين يأثم كل شخص تركه. إن القول بوجوب اتباع الدليل دون تأصيل هو الذي أدى إلى حدوث كثير من البدع والسلوكات الشاذة، وبناء على هذا المنهج الأعرج فلن يعدم أهل البدع وجود دليل يستدلون به على بدعتهم، وهؤلاء الخوارج والشيعة والمرجئة وغيرهم يستدلون أيضا بنصوص من القرآن والسنة.. وإني والله لأعجب لهؤلاء القوم أشد العجب، أليسوا يقولون إن السلفية تعني اتباع الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح.. والسلف الصالح هم الصحابة والتابعون وأئمة المذاهب وعلماؤهم ! ويصرحون دائما أن الاكتفاء بالقرآن والسنة وحده لا يكفي، لأن نصوصهما حمالة أوجه من المعاني، ولا يُضبط المنهج الصحيح إلا بالتقيد بما فهمه السلف من الصحابة والتابعين والأئمة الأعلام من هذه النصوص حتى لا نزيغ كما زاغت الفرق البدعية التي استغنت بالكتاب والسنة عن فهم السلف.. فلماذا عندما نأتي إلى المسائل الفقهية يزعمون أن نصوص الكتاب والسنة تكفي وحدها، ولا حاجة لنا لهذه المذاهب الفقهية؟ إن الأئمة الأعلام رحمهم الله عندما كانوا يُصرحون بوجوب اتباع الدليل من الكتاب والسنة وترك أقوالهم المخالفة له، كانوا يُوجهون الكلام إلى العلماء الذين بلغوا درجة الاجتهاد، ولا يقصدون بكلامهم عوام الناس.. وافتح معي كتاب (إعلام الموقعين عن رب العالمين) لابن القيم رحمه الله في بداية الجزء الأول، واسمع لما يقوله هناك عن الاجتهاد والتقليد، ومن تجوز له الفتيا ومن تحرم عليه، وكذا تحريم القول على الله بغير علم.. إن ابن القيم ألف كتابه للموقعين عن رب العالمين، ومعلوم أن الموقعين عن الله تعالى هم العلماء الذين بلغوا منزلة الاجتهاد، وليس كل الناس.. واقرأ معي هذا النص العظيم لابن القيم وهو يُميز بين صنفين من علماء الأمة: "أحدهما حفاظ الحديث وجهابذته والقادة الذين هم أئمة الأنام، وزوامل الإسلام، الذين حفظوا على الأمة معاقد الدين ومعاقله، وحموا من التغيير والتكدير موارده ومناهله، حتى ورد من سبقت له من الله الحسنى تلك المناهل صافية من الأدناس لم تشُبْها الآراء تغييرا"1/35. والصنف الثاني هم: "فقهاء الإسلام ومن دارت الفتيا على أقوالهم بين الأنام، الذين خُصوا باستنباط الأحكام، وعُنوا بضبط قواعد الحلال والحرام، فهم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء، بهم يهتدي الحيران في الظلماء، وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، وطاعتهم أفرض عليهم من طاعة الأمهات والآباء بنص الكتاب"1/36.. فتأمل معي هذا التفريق الدقيق من ابن القيم رحمه الله بين حفاظ العلم والدين، الذين قد لا يُحسنون استنباط الأحكام مما يحفظونه من علم، وبين الفقهاء الذين اختصوا باستنباط الأحكام ! إن ابن القيم يُقر أنه يوجد من يحمل علما في صدره وهم حفاظ الحديث، ولكنهم ليسوا من أهل استنباط الأحكام.. فحفظك للحديث لا يجعلك فقيها ولا يُبيح لك استنباط الحكم منه.. ويشهد له قول النبي صلى الله عليه وسلم: "فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه".. وتأمل أيضا قوله رحمه الله في الفقهاء (ومن دارت الفتيا على أقوالهم بين الأنام).. فهو يدل دلالة واضحة أن فتاوى هؤلاء الفقهاء الأعلام كانت تنتشر وتُتداول بين الناس.. فماذا يقول أدعياء السلفية في هذا الأمر؟ كيف يجوز للناس أن يتداولوا بينهم أقوال الفقهاء ويتركوا نصوص القرآن والسنة؟ولو كان الاجتهاد ميسورا للجميع لما كان لهذه الأقوال أي معنى، ما دام الأصل الذي أخذوا منه أقوالهم محفوظا وموجودا.. إن كلام ابن القيم رحمه الله يؤكد لنا أن عملية الاجتهاد محصورة في الفقهاء الذين خُصوا باستنباط الأحكام، ولذلك كانت طاعتهم أوجب من طاعة الآباء والأمهات بنص الكتاب.. وهل الطاعة إلا تقليد لهؤلاء الفقهاء؟ فلماذا يُشوش أدعياء السلفية على الناس في هذه المسألة، ويُحرمون تقليد الفقهاء، بل ويدعون المتمذهبين بزعمهم إلى التوبة من باطلهم ! ولو ترك الناس تقليد فقهاء المذاهب الفقهية فماذا يصنعون؟ هل يجتهدون بأنفسهم ويتطاولون على منزلة (التوقيع عن رب العالمين) كما يقول هؤلاء القوم، أم يجلسون في بيوتهم ينتظرون نزول الوحي عليهم؟ إن القول بتحريم تقليد الفقهاء قول باطل مخالف لصريح القرآن والسنة، ومخالف لواقع الناس منذ زمان الصحابة وإلى زماننا هذا.. فإن الفقهاء قلة قليلة على مر الأزمان والعصور.. واسمع لابن القيم وهو يقول: "والذين حُفظت عنهم الفتوى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة ونَيف وثلاثون نفسا ما بين رجل وامرأة"1/39. فإذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين عاصروا الوحي، وكانوا عربا بالفطرة والسليقة، وتميزوا بالذكاء والفطنة، والإخلاص وحسن السرسرة، ومع ذلك لم تُحفظ الفتوى إلا عن مائة وثلاثين منهم، وكان عددهم قد تجاوز مائة ألف.. فما ظنك بمن هم دونهم في العلم والفقه والتدين؟ ولو كان الاجتهاد كلأ مباحا كما يدعي هؤلاء القوم لوجدنا الصحابة كلهم مجتهدين؛ فإذا لم نجد هذا في الصحابة الكرام وهم سادة الأمة وأئمتها وقادتها في العلم والعمل، فكيف نجده في غيرهم؟ إن قلة الفقهاء الذين يستنبطون الأحكام ويُفتون الناس أمر طبيعي، ذلك أن منزلة الفتوى لها شروط تفنى دونها الأعمار.. وقد نقل ابن القيم عن الإمام الشافعي رحمه الله قوله في شروط المفتي، فاسمعها ثم انظر هل أنت من أهل الاجتهاد.. يقول: "ولا يحل لأحد أن يُفتي في دين الله إلا رجلا عارفا بكتاب الله بناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، وتأويله وتنزيله، ومكيه ومدنيه، وما أريد به، ويكون بعد ذلك بصيرا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، وبالناسخ والمنسوخ، ويعرف من الحديث مثل ما عرف من القرآن، ويكون بصيرا باللغة بصيرا بالشعر، وما يحتاج إليه للسنة والقرآن، ويستعمل هذا مع الإنصاف، ويكون بعد هذا مشرفا على اختلاف أهل الأمصار، وتكون له قريحة بعد هذا، فإذا كان هكذا فله أن يتكلم ويفتي في الحلال والحرام، وإذا لم يكن هكذا فليس له أن يُفتي"1/80. فبالله عليكم، هل بعد هذا نقول للناس إن الشافعي قال إذا وجدت رأيي يُخالف الحديث فاضرب به عرض الحائط.. هل يقصد عموم الناس أم يقصد من توفرت فيه هذه الشروط؟ ومن توفرت فيه هذه الشروط وظهر له أن قول الشافعي أو غيره يخالف حديث النبي صلى الله عليه وسلم فيجب عليه أن يضرب بأقوالهم عرض الحائط، وأما من لم تتوفر فيه هذه الشروط فأولى به أن يضرب برأسه عرض الحائط ليفيق من غفلته.. وانظروا اليوم إلى هؤلاء الذين يردون أقوال الأئمة بحجة مخالفتها لنصوص الكتاب والسنة.. هل تتوفر فيهم هذه الشروط؟ إنني أعرفهم، وكنت واحدا منهم، وعاشرتهم، ورأيت كيف كنا نتطاول على أئمة المذاهب الفقهية ونرد أقوالهم المخالفة للكتاب والسنة بزعمنا، ونحن لا نميز بين الكوع والبوع، وقد ساعدنا على ذلك انتشار كتب الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة التي تذكر الأحكام الفقهية مقرونة بأدلتها الشرعية من الكتاب الكريم وصحيح السنة النبوية، والتي لا تلتزم بأصول مذهب معين من المذاهب الفقهية المتبعة، وإنما الدليل وفق ما يقتضيه النظر الصحيح والرأي الراجح، وشعارنا في ذلك قول القائل: العلم قال الله قال رسوله ...... قال الصحابة ليس خلف فيه ما العلم نصبك الخلاف سفاهة ....... بين الرسول وبين رأي سفيه كلا ولا نصب الخلاف جهالة ........ بين النصوص وبين رأي فقيه وهكذا أصبحنا فقهاء بين عشية وضحاها، نستنبط الأحكام مباشرة من الكتاب والسنة، ونقابل بين النصوص ونرجح، دون حاجة إلى أصول فقه، ولاقواعد عربية، ولا إلى علوم آلة، وكان أعلمنا وأفضلنا هو الذي قرأ كتاب (معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة) للجيزاني؛ فنتج عن ذلك جهل كبير، وسطحية ساذجة، وظاهرية عرجاء، وأصبحنا لا نقرأ من الكتب إلا ما كُتب على غلافه: تأليف أبو فلان السلفي الأثري ! ففررنا من تقليد أئمة المذاهب الفقهية الأعلام، وسقطنا في تقليد من هم دونهم علما وفهما، وعقلا وورعا.. وسقطنا بسبب ذلك في شذوذات فقهية وسلوكية لعل الله ييسر الحديث عنها في هذه السلسلة.. وكانت أفظع مصيبة وقعنا فيها بسبب هذا الفقه الأعوج هو إلغاء فقه الخلاف تماما من معاجمنا، وأصبحنا نعتقد أن كل مخالف لنا هو مخالف للدليل وللرأي الراجح، وهو أقرب إلى الضلال والبدعة إن لم يكن ضالا ومبتدعا.. حتى أنني كنت إذا رأيت شخصا يصلي بجانبي ولم يُشر بسبابته ولم يُحركها أثناء التشهد كان يسقط من عيني.. ودخلت مرة مسجد الكلية لأصلي صلاة العصر فوجدت أحد أساتذتي يؤم الطلبة فتركت الصلاة خلفه لأنه يلبس سروالا ضيقا، وصلاته باطلة ! وكذلك من الطوام التي أُورثناها بسبب هذا المنهج الأعرج أننا أصبحنا لا نقيم للعلماء وزنا، وعلى رأسهم أئمة المذاهب الفقهية المتبعة، ولا أخفيكم أنه أتى علينا حين من الدهر كنا نرى فيه أنفسنا أقرب للسنة من مالك والشافعي، وإن تواضعنا قليلا فنحن في منزلة مثل منزلتهم ! ويا ويل من سولت له نفسه أن يستشهد بقول ابن عاشر أو خليل ! وأذكر مرة أنني قلت لصديق لي سألني عن حكم صلاة الوتر، أن الإمام أحمد قال: من ترك الوتر فهو رجل سوء، لا ينبغي أن تقبل شهادته.. فرد علي ساخرا: (أشمن إمام أحمد.. قل لي أش قال الله وأش قال رسول الله !!). إن دعوى وجوب اتباع الدليل والأخذ مباشرة من الكتاب والسنة دون التزام بأصول مذهب معين من المذاهب الفقهية المتبعة دعوى فضفاضة ومطاطة، لم يقل بها أحد من العلماء المعتبرين قديما ولا حديثا، وإنما هي من بدع السلفية المعاصرة، وإنك لتجد كل علماء الأمة ينسبون أنفسهم لمذهب من المذاهب الفقهية المتبوعة بمن فيهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، ولا يستنكفون من ذلك أبدا، إلا أدعياء السلفية الذين صنعوا لأنفسهم مذهبا فقهيا خامسا بأصول غير منضبطة وفروع شاذة.. ويا ليتهم فعلوا فعلتهم هذه وسكتوا؛ بل أورثهم ذلك صفات ذميمة، كادعاء امتلاك الحق المطلق، وأنهم الفرقة الناجية التي لا ينجو معها إلا من كان على مثل ما هي عليه من الجهل والتعالم والشذوذ، وكالتطاول على أئمة المذاهب الفقهية، والتميز عن عموم الأمة في ثوب من الكبر والعجب بالنفس.. وقد صرح كثير من رؤوسهم أنه يجب على المتمذهبين أن يتوبوا إلى الله من باطلهم ! وأنهم ليسوا من أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم يكرهون سنته إذا خالفت أقوال من يقلدونهم ! بل بلغت الوقاحة ببعضهم إلى القول بأن المتمذهبين يدخلون في عموم قول الله تعالى (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يُحسنون صنعا) !! وأنهم يدخلون في عموم قوله تعالى (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا) !! وهذا الهراء كله من بركات المنهج السلفي المعاصر في الاستنباط المباشر.. ولو أن هذا المتسيلف المتفلسف قرأ كتابا واحدا في فروع الفقه لإمام من أئمة المذاهب لما أصدر مثل هذه الأحكام الثقيلة على المخالف.. ودعك من هؤلاء البلهاء، واسمع معي لبعض أقوال الأئمة العلماء.. يقول الإمام ابن الصلاح الشافعي رحمه الله "إنه يتعين تقليد الأئمة الأربعة دون غيرهم، لأن مذاهب الأربعة قد انتشرت، وعلم تقييد مطلقها وتخصيص عامها، وشروطها وفروعها؛ فإذا أطلقوا حكما في موضع وجد مكملا في موضع آخر، بخلاف غيرهم فإنه تنقل عنه الفتاوى مجردة، فلعل لها مكملا أو مقيدا أو مخصصا لو انضبط كلام قائله لظهر، فيصير في تقليده على غير ثقة، بخلاف هؤلاء الأربعة". وقال إمام الحرمين رحمه الله: "أجمع المحققون على أن العوام ليس لهم أن يتعلقوا بمذاهب أعيان الصحابة رضي الله عنهم؛ بل عليهم أن يتبعوا مذهبا من مذاهب الأئمة الأربعة الذين سبروا فنظروا، وبوبوا الأبواب، وذكروا أوضاع المسائل، لأنهم أوضحوا طرق النظر، وهذبوا المسائل وبينوها وجمعوها".. (منار أصول الفتوى وقواعد الإفتاء بالأقوى، للفقيه المالكي إبراهيم اللقاني، ص: 205 -204). وقد نقل ابن القيم رحمه الله في كتابه الماتع (إعلام الموقعين) عن حذيفة أنه قال: "إنما يفتي الناس أحد ثلاثة: من يعلم ما نسخ من القرآن، أو أمير لا يجد بدا، أو أحمق متكلف. قال: فربما قال ابن سيرين: فلست بواحد من هذين، ولا أحب أن أكون الثالث".. فهذا ابن سيرين، وما أدراك ما ابن سيرين.. يصرح بأنه ليس من العلماء المجتهدين، ولا يرضى لنفسه أن يكون أحمق متكلفا.. وأما أدعياء السلفية المعاصرين فقد رضوا لأنفسهم ذلك، وأبدعوا فيه أيما إبداع!