لست أدري بأي نية يتلبس الإمام وقد خرج من مقصورته متجها إلى المحراب ليؤم مريدي صلاة الغلس والعتمة… أبنية ومقصد أرحنا بها، أم أرحنا منها؟؟! أبنية ومقصد إن قرآن الفجر كان مشهودا، أم كان منبوذا؟؟! ينقرها نقرا يبقي في الأجفان تثاؤب البيات، وفي الجوارح سخونة الفراش، يخيل إليك وهو يسارع بأركانها وكأنك وقعت ضحية تصفية حساب بين الإمام والجهة الوصية عن أداء أجره المادي وراتبه الشهري البخس. ينقرها نقرا ثم يجلس بعدها ليؤدي فرض الحزب الراتب، وهو هاهنا كمن قام الليل وتهجد ولم يصل فريضة العشاء. إنني وأنا وراءه ألاحقه في عجلة أمره، أتنفس ضيقا وحرجا، أهي صلاة خوف زمن حرب، أم صلاة أمن وطمأنينة زمن سلم؟؟! وهل هذا الذي أمنا راتبا كان عارفا، وبات مطلعا على ما تواتر من أحاديث ورد ذكرها في مزايا وفضائل هذه الصلاة التي يستفتح بها المسلم يومه، ويستقبل بزادها نهاره، بله ما ورد ذكره من خصيصة ومنقبة سنية في رغيبتها القبلية التي هي خير من الدنيا وما فيها… هذا ومن الإنصاف أن نشهد في تجرد أن هذه العجلة وذاك النقص غير مطرد السيرة في معشرهم، فمنهم المقتصد، والسابق بالخيرات، حتى إذا أم أشبع وأقنع وأمتع. هدى الله أئمة صلاتنا لما فيه خير لهم وصلاح لنا، وإننا والله لنحبهم فيه، وندعوا لهم بظهر الغيب، ونبتهل مخبتين متضرعين أن لا يجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، وهو منهم ولا شك…آمين.