إنه وبوضوح وبدون مقدمات: صوت "العلماء"، وخصوصا علماء المجالس العلمية، لا تكاد تسمع لهم للأسف الشديد ركزا في السجال الدائر بخصوص تعديل مدونة الأسرة. المفروض أن يؤدي العلماء رسالتهم في تأطير الشعب عبر جميع الوسائل المتاحة فيما يتعلق بتعديل المدونة، المقبول منه والمردود، ويناظروا بالحجة والدليل المخالفين للمنظور الشرعي، ويردوا بالمنهج العلمي البرهاني على شبهات المغرضين. إن ما يجري الآن هو مجرد حلقة في سلسلة إعدام ما تبقى حيا من أحكام شريعة رب العالمين على قلته، وخطوة في طريق التحكيم المطلق لشريعة الأهواء والمخططات الغربية المعادية للإسلام والمسلمين. وإنك لتعجب عندما ترى دعاة القطع مع ما هو شرعي، والارتماء في أحضان ما هو غربي، يسعون جهدهم في بلوغ مرادهم وتحقيق مقصودهم، يرفعون أصواتهم في كل ناد، ويحبرون أوراقهم ومذكراتهم، ويزورون كل المدن والقرى، في محاولات لا تعرف اليأس لاستقطاب المزيد من الأنصار والمؤيدين لضلالاتهم.. ومنها ضلالة "تنسيقية المناصفة" التي طلعت علينا بمذكرة تطالب فيها بالمساواة المطلقة في الإرث، وإلغاء نظام التعصيب. لتضاف إلى مطالب رفع التجريم عن الزنا المسمى في شريعتهم: (العلاقة الرضائية)، تحت شعار: "جسدي حريتي"، وتقنين الإجهاض، وإلغاء التعدد بالمرة، وهلم جرا. وبالمقابل ترى علماء الشريعة يغطون في نومهم وسباتهم الشتوي، غير مبالين ولا مكترثين لما يجري من حولهم. هؤلاء العلماء الأولى لهم وهم من يعظ الناس بالصبر في المساجد، أن يعتبروا بصبر وجلد دعاة التغريب في نصرة مخططاتهم، وإيصال أصواتهم شرقا وغربا شمالا وجنوبا!! وتأخذهم الغيرة على دين الله ليفعلوا على الأقل كما يفعل هؤلاء، إن لم يزيدوا ويبذلوا ويضحوا أكثر وأكثر . إن العالم الحق ليس من يرتدي نوعا خاصا من اللباس، أو يحمل لقبا من الألقاب… إنما العالم الحق من يعمل بعلمه، وينشر دعوة ربه على بصيرة، ويدافع الباطل والمنكر بكل ثبات وإصرار. وإذا كان القادر على مواجهة الحملات المسعورة ضد قطعيات الشريعة، والتجديد المنضبط لما حقه التجديد والتعديل، مطالب بالتحرك العاجل، وهم علماء الأمة بالدرجة الأولى، فإن إقامة القادر مسؤولية الشعوب؛ ولذلك فقد آن الأوان لمطالبة العلماء بالقيام بواجبهم الرسالي في مدافعة المخططات الوافدة بكل الطرق القانونية الممكنة، وإيقاظهم من سباتهم لعلهم يستجيبون ويستيقظون، وإلا قامت عليهم الحجة أكثر مما هي قائمة في الأصل. ولا بد في هذا السياق، وللإنصاف وتحري القسط في القول، أن ننبه على خطورة ما يجري من منع لبعض الدعاة والعلماء، الذين يحاولون القيام بواجبهم في التأطير والمدافعة، في الوقت الذي يفسح فيه المجال، ويفتح فيه الباب على مصراعيه، للشاذين والتافهين والفجار والمطبعين ليصولوا ويجولوا في مختلف المحافل والمنابر، إلا منبر الجمعة لو وجدوا له طريقا لاقتحموه هو الآخر!! وأختم هذه التدوينة بالقول إن الحق لا يضيع إلا بسكوت أهله.. فيا أهل الحق هبوا لنصرة دينكم