إخواني، سنة الابتلاء ماضية في المؤمن والكافر والصالح والطالح. لكنه للمؤمن طهور ورفعة درجات، وللكافر والفاسق عاجل عقوبة وتخويف لعلهم يرجعون. وأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل. يُبتلى الناس على قدر دينهم. ابتُلي الصحابة بالطاعون وهم خير الناس بعد الأنبياء، وتوفي فيه عدد كبير منهم ومن ذريتهم. فما تلقوا ذلك إلا بالصبر والاحتساب. ومَن قضى من المسلمين، سواء في تركيا أو سوريا، فله أجر الشهيد، لقول نبينا صلى الله عليه وسلم: (الشهداء خمسة: المطعون والمبطون، والغريق، وصاحب الهَدْمِ، والشهيد في سبيل الله) (البخاري). من توفي فقد أفضى إلى ربه، لكن الدور الآن علينا نحن الأحياء: 1. أن نحسن الظن بالله تعالى. ونعلم أنه لا يقدر شيئا إلا لحكمة. وهو سبحانه القائل: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب). 2. أن نعين أهلنا بما نستطيع. قال نبينا صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه). فالله يستخرج منا بهذا البلاء عبودية نجدة إخواننا. والواجب على كل من يستطيع تقديم أي نوع من المساعدة والإعانة أن يبادر لعون إخوانه بما يستطيع. (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه). 3. أن نتذكر أن هذا نذير لنا نحن. فالبلاء حصد مَن حصد، وأنذر من بقي. قال الله تعالى: {فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}. فعلينا أن نحذر من أن نكون ممن قال الله فيهم: {فَلَوْلا إذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون}. فيجب علينا أن نتضرع إلى الله سبحانه ونلجأ إليه ونتوب من تقصيرنا. وأنتم تنظرون إلى البنايات تنهار إخواني تصوروا: هل كان أحد من سكانها يتصور أن يحدث هذا له. فلا والله ما أحد منا ببعيد عن البلاء. 4. نسأل الله سبحانه أن يرحم قتلى المسلمين وأن يخفف عن المصابين وأن يجبر كسرهم ويشفي مرضاهم ويؤوي شريدهم ويجعل لهم من لدنه ولياً ويجعل لهم من لدنه نصيراً وأنساً وتصبيراً.