أصدرت رابطة علماء المسلمين بيانا بشأن كارثة فيضانات باكستان وأفغانستان والسودان، هذا نصه: "الحمد لله القائل في كتابه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} البقرة155. ثم الصلاة والسلام على أشد الناس ابتلاءً القائل-: (أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل؛ يبتلى الرجل على حسب دينه؛ فإن كان في دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رِقَّة ابتلي على قَدْر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة). أخرجه أحمد. أما بعد: فإن رابطة علماء المسلمين وهي تتابع ما حل بإخواننا المسلمين في كل من السودان وباكستان وأفغانسان من ابتلاء عظيم، ومصاب أليم، جراء كارثة الفيضانات والسيول المدمرة ونتائجها المؤثرة لتعلن تضامنها التام مع إخوانهم المسلمين في هذه البلدان المتضررة، وتعرب عن عميق حزنها الشديد وتعازيها الحارة لأهالي ضحايا تلك الفيضانات، راجيةً من الله أن يتقبل الموتى في الشهداء، وأن يمنَّ بالشفاء العاجل للمصابين، والسلامة للمنكوبين، وعودة المفقودين، وهي تؤكد في ذات الوقت على الآتي: 1- الابتلاء سنة الله في خلقه مسلمهم وكافرهم، قدَرُه الذي ارتضاه لهم، لا رادَّ لقضائه، ولا مُعقِّبَ لحُكمه، ولا غالبَ لأمره، قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: 22-23]. وقال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» أخرجه مسلم. ويقول ابن تيمية -رحمه الله-: (فمن تمام نعمة الله على عباده المؤمنين، أن ينزل بهم الشدة والضر، ما يلجئهم إلى توحيده، فيدعونه مخلصين له الدين، ويرجونه ولا يرجون أحداً سواه، وتتعلق قلوبهم به لا بغيره، فيحصل لهم من التوكل عليه، والإنابة إليه، وحلاوة الإيمان، وذوق طعمه…) مجموع الفتاوى 10/333. 2- تدعو رابطة علماء المسلمين الدول الإسلامية حكامًا وشعوبًا والمؤسسات الخيرية والإغاثية إلى مدِّ يد العون إلى إخوانهم أهالي تلك البلاد المنكوبة الذين فقدوا عوائلهم ومنازلهم، وتقديم المساعدات الإنسانية والطبيَّة العاجلة؛ بما يُسهِمُ في تجاوزهم لتلك المحنة الأليمة. كل بحسب قدرته وطاقته ومركزه، فقد طال الدمار فيها كل شيءٍ، وذلك بحسب التقارير الرسمية الصادرة، وتداعيات الأزمة كبيرة مستمرة، فالملايين من المسلمين بلا مأوى، والدمار والغرق حل بالممتلكات الخاصة والعامة، والأراضي الزراعية غمرتها المياه، والهدم طال الطرق والسدود المائية، فهبوا لمساعدة إخوانكم، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين، فقد جاء في الحديث:(مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) متفق عليه. 3- تذكّرُ رابطة علماء المسلمين عموم المسلمين بلزوم الطاعة وكثرة الرجوع إلى الله؛ فإن من أعظم ما يتقرب به المسلم إلى الله في مثل هذه الظروف والحوادث كشفًا للغمة ورفعًا للمحنة، التضرع إليه سبحانه بالدعاء، والرجوع إليه، وطلب عفوه، وسؤاله السلامة والعافية، فعن العباس بن عبد المطلب – رضي الله عنه – قال: (قلت: يا رسول الله علمني شيئًا أسأله الله، قال: سل الله العافية فمكثت أيامًا ثم جئت فقلت: يا رسول الله، علمني شيئاً أسأله الله، فقال لي: يا عباس، يا عم رسول الله، سل الله العافية في الدنيا والآخرة).أخرجه الترمذي. والله نسأل أن يتولى إخواننا أهل هذه البلاد المنكوبة برحمته وأن يرفع عنهم تلك المحنة وأن يجعل عاقبتها إلى خير، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. بيان صادر عن الهيئة العليا لرابطة علماء المسلمين 2/صفر/1444ه 29/8/2022م".