وقعت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "سيدياو" (CEDEAO) والمغرب ونيجيريا، أول أمس الخميس في مدينة الرباط المغربية، مذكرة تفاهم بشأن أنبوب الغاز النيجيري المغربي. ويأتي توقيع هذه المذكرة لتأكيد التزام مجموعة سيدياو، وجميع الدول التي سيعبر منها هذا الأنبوب (13 دولة)، بالمساهمة في تفعيل هذا المشروع الذي سيوفر بعد اكتماله الغاز لدول المجموعة في مرحلة أولى، ولأوروبا في مرحلة لاحقة. وسينطلق خط أنبوب الغاز من نيجيريا ويمر على طول ساحل الغرب الأفريقي، عبر دول بنين وتوغو وغانا وساحل العاج وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا، وصولا إلى المغرب على أن يُربط بأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي وشبكة الغاز الأوروبية. كما سيُزود الدول غير الساحلية الأعضاء في المجموعة (النيجر وبوركينا فاسو ومالي) بالغاز. وحسب بيان للأطراف الموقعة على مذكرة التفاهم، فإن هذا المشروع الإستراتيجي "يسهم في تحسين مستوى معيشة السكان وتكامل اقتصادات المنطقة، بالإضافة إلى تخفيف حدة التصحر، بفضل التزويد المستدام والموثوق من الغاز". دينامية ورفاه وقالت المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن بالمغرب أمينة بنخضرة -في أثناء التوقيع على مذكرة التفاهم- إن هذا المشروع سينقل أكثر من 5 آلاف مليار متر مكعب من الاحتياطات المؤكدة للغاز الطبيعي؛ مما سيعطي دينامية لإنتاج الكهرباء ويحل مشاكل الولوج إلى الطاقة في معظم الدول التي سيعبر منها. وتوقعت أن يستفيد منه حوالي 400 مليون شخص يعيشون في المنطقة ويحسن الرفاه الاقتصادي والاجتماعي لسكانها. ونقلت وكالة المغرب العربي للأنباء عن سيديكو دوكا -المفوض المسؤول عن البنية التحتية والطاقة والرقمنة في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا- قوله "المرحلة المقبلة تتعلق بدراسات الإنجاز المفصلة". وتابع سيديكو "بمجرد الشروع فيه، سيتعين تسويق المشروع من أجل جذب المستثمرين من القطاعين العام والخاص، سواء تعلق الأمر بالبنوك متعددة الأطراف أو تلك التجارية، بما أن الأمر يتعلق بمشروع سيمتد على 6 آلاف كيلومتر وسيتطلب بضع مليارات من الدولار، وبالتالي سيحتاج إلى تدخل عدة أطراف من أجل توفير الجانب المالي". وبعد إنهاء الدراسات التقنية، التي أسهم في تمويلها البنك الإسلامي للتنمية وصندوق أوبك للتنمية الدولية، يتوقع إطلاق طلبات العروض قريبا، في حين ترجح مصادر أن ينطلق تشييد الأنبوب سنة 2026. فوائد اقتصادية وقال الخبير الاقتصادي عمر الكتاني إن هذه الاتفاقية بمنزلة تحول في أفريقيا، التي أصبحت دولها تفكر بطريقة مدمجة وبطريقة "ربح في مقابل الربح" في تعاملها مع العالم الغربي. وأوضح في حديث مع الجزيرة نت "نحن الآن في الخطوة الأولى الكبيرة لاندماج 16 دولة أفريقية في مشروع واحد، وهذا معناه أن أفريقيا تريد أن تكون في المستقبل قطبا اقتصاديا عالميا، ولديها الإمكانيات لتكون كذلك". من جهة أخرى، أشار المتحدث إلى أهمية هذا المشروع بالنسبة لأوروبا؛ إذ سيتيح تنويع مصادرها من الطاقة والتخفيف من اعتمادها على روسيا. ويؤكد الخبير الاقتصادي عبد النبي عز العرب على الجدوى الاقتصادية للمشروع في الظروف الحالية، إذ خفضت أوروبا من وارداتها من الغاز الروسي ويتزايد الطلب العالمي على هذه المادة الحيوية. ويشير -في حديث للجزيرة نت- إلى أن هذا الخط سيستجيب لطلب عاجل وملح للأسواق الأوروبية، مما سيزيد اهتمام هذه الأخيرة به وسيدفعها للمساهمة بالمجهود التمويلي في إنشائه. ويضيف "يستجيب لحاجيات بلدان المرور من الغاز وكذلك بلدان المقصد، أي أوروبا التي تحتاج إلى كميات هائلة من الغاز الطبيعي لسد حاجاتها". وعلى المستوى الاستثماري، يلفت عز العرب إلى أن ضخ حوالي 40 مليار دولار في إنشاء هذا الخط سيجعل منه رافعة للتنمية في الدول التي سيعبر منها، إذ سيمثل دفعة قوية للعمالة المحلية والشركات الأفريقية والمستثمرين ومحركا للعجلة الاقتصادية والتنموية في دول غرب وشمال أفريقيا. "سيدياو" وثروة الغاز وتعد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تكتلا اقتصاديا يضم 15 دولة تعرف اختصارا باسم "سيدياو" أو "إيكواس"، تأسست في 25 مايو/أيار 1975 ويوجد مقرها في العاصمة النيجيرية أبوجا، وتمثل مساحتها الإجمالية (5 ملايين كيلومتر مربع) 17% من إجمالي مساحة القارة الأفريقية. وتستأثر دول المجموعة بحوالي 30% من احتياطات الغاز الطبيعي في قارة أفريقيا. وكان المغرب تقدم بطلب للانضمام إلى مجموعة "سيدياو" في فبراير 2017. وتعول الرباط على الشروع في استغلال خط الأنبوب المغربي النيجيري، لتنويع مصادر التموين خلال السنوات المقبلة، إلى جانب استئناف عملية استغلال خط الأنبوب المغاربي الأوربي واستيراد الغاز من الموردين الأكثر قربا جغرافيا والمتوفرين على قدرات تنافسية كبيرة. وكان تقرير لمجلس المنافسة (هيئة حكومية) توقع ارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي بالمغرب بنحو 1.1 مليار متر مكعب سنويا عام 2025 و1.7 مليار متر مكعب سنويا بحلول عام 2030. في المقابل، لا يتجاوز الإنتاج الوطني من الغاز الطبيعي 100 مليون متر مكعب في السنة، ويستخرج من حقول صغيرة منتشرة في كل ربوع المغرب. وتعتبر نيجيريا أقوى اقتصاد في هذه المجموعة، وتستأثر بأكبر احتياطات الغاز الطبيعي في القارة، حيث تتوفر على حوالي 206 تريليونات قدم مكعب من احتياطي الغاز، واحتياطي غير مؤكد يبلغ 600 تريليون قدم مكعب. وانتعشت العلاقات المغربية النيجيرية منذ الزيارة التي قام بها العاهل المغربي محمد السادس لأبوجا سنة 2016. وأطلقت -خلال الزيارة- شراكة إستراتيجية وتم التوقيع على العديد من اتفاقيات التعاون الثنائي التي شملت مجالات الزراعة وتنمية صناعة الأسمدة والصيد البحري والخدمات الجوية والطاقات المتجددة والغاز. ويعد مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري أبرز المشاريع في القارة الأفريقية بالنظر لكونه أطول خط لنقل الغاز في العالم، وأطلق خلال زيارة الملك المغربي لنيجيريا وتوقيع اتفاق بشأنه في العاشر من يونيو/حزيران 2018 خلال زيارة الرئيس النيجيري إلى الرباط. المصدر: الجزيرة.