إدارة حموشي تعلن عن نتائج منصة "إبلاغ" لمكافحة الجرائم الرقمية    بنسبة تصل ل59 بالمائة.. تخفيض أثمنة أزيد من 160 دواء لأمراض مزمنة بالمغرب    يونيسف: واحدة من كل 8 نساء في العالم تعرضت لاعتداء جنسي قبل بلوغها 18 عاما    مصرع شاب صدمته سيارة بطنجة    الإعصار ميلتون يضرب فلوريدا ويخلف عشرة قتلى على الأقل    اليوم العالمي للصحة النفسية.. طفل من بين كل سبعة أطفال يعانون من أمراض ترتبط بالصحة العقلية    استشهاد العشرات في قصف مدرسة بغزة وفي غارتين على بيروت.. و"أمنستي" تتهم إسرائيل بإرسال "إنذرات مظللة"    أخنوش يجتمع بممثلي السلاسل الفلاحية    الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة تقدم تقريرها السنوي    تقرير رسمي : اكثر من 6 ملايين مغربي يعانون من مشاكل الصحة النفسية    اجراء جديد يهم استبدال رخص السياقة المغربية بمثيلاتها الإسبانية            المغرب/البنك الأوروبي للاستثمار.. 500 مليون أورو لإعادة البناء والتأهيل لما بعد الزلزال    "اللباس الوطني" في افتتاح الملك للبرلمان    إيطاليا: إسرائيل ترتكب جرائم حرب محتملة    كرة المضرب.. رافايل نادال يعلن الاعتزال بعد كأس ديفيس    حوار.. مدير المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة يستعرض مستجدات الدخول الجامعي ومواكبة متطلبات سوق الشغل    بوروندي تجدد التأكيد على دعمها للوحدة الترابية للمملكة المغربية (فيديو)    رهان على "العروض الخاصة" في افتتاح معرض السيارات المستعملة بالبيضاء    إطلاق نار بالقرب من سفارة إسرائيل في السويد    وكالة "فيتش" تصنف المغرب عند "بي بي+"    تقارير تبعد مزراوي عن الملاعب لأسابيع    بوعياش تجدد التزام مجلس حقوق الإنسان بالترافع من أجل إلغاء عقوبة الإعدام بالمغرب    إعصار ميلتون يضرب ساحل فلوريدا الأمريكية    وسط تطلعات للحفاظ على الألقاب…البرتغالي ريكاردو سابينطو مدربًا جديدًا للرجاء    الكورية الجنوبية هان كانغ تتوج بجائزة نوبل للآداب    الرباط ونواكشوط تعززان التعاون الثنائي في قطاع الصناعة التقليدية والسياحة    بايتاس: لا غبار على الموقف المغربي من الأحداث التي تقع في لبنان وفلسطين    «السينما بين المواطنة والانتماء الإنساني» شعار الدورة 13 من المهرجان الدولي المغاربي للفيلم بوجدة    تتويج منصة "فرجة" التابعة لSNRT بلقب أفضل منصة رقمية بإفريقيا    الشاعر شوقي أبي شقرا يفارق الحياة    التشغيل على رأس أولويات الأغلبية الحكومية في المرحلة المقبلة    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    "صحة غزة": مقتل 28 فلسطينيا في مجزرة إسرائيلية استهدفت مدرسة بدير البلح    بلجيكا.. تطبيق جديد لحساب مخاطر الإصابة بالسرطان    غزة: منحة مغربية لتحرير شهادات 40 خريجا من كلية الملك الحسن الثاني    تداريب تكتيكية وتقنية للأسود قبل مواجهة إفريقيا الوسطى    مزاد يبيع سترة مضادة للرصاص بأكثر من مليون دولار    دموع الرجال: مسلسل يعود ليحفر مكانه في ذاكرة المغاربة بعد 12 عاماً من عرضه    اضطراب ضربات القلب.. تطورات علاجية قائمة على الأدوية والأجهزة الطبية    التهاب الجيوب الأنفية .. الأسباب الرئيسية والحلول المتاحة    "قسمة ونصيب" يراكم الانتقادات والتشكيك في مصداقيته        توقيف ثلاثة أشخاص بسلا والقنيطرة يشتبه تورطهم في حيازة وترويج المخدرات    العثور على اللاعب الدولي اليوناني بالدوك متوفيا في منزله        أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الاتحاد الافريقي لكرة القدم يرشح 6 ملاعب مغربية لاستضافة كأس أمم أفريقيا 2025        السعودية تستهدف جذب 19 مليون سائح في ساحل البحر الأحمر بحلول 2030    انقطاع أدوية السل يفاقم معاناة المرضى والتوقف عن العلاج واقع يهدد بالأسوإ    تغيير موعد و مكان مباراة الوداد الرياضي وشباب المسيرة    تأهبا لتفشي جدري القردة.. المغرب يتزود بدواء "تيبوكس"    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. سعد الدين العثماني يكتب: لا صحة بدون صحة نفسية
نشر في هوية بريس يوم 10 - 02 - 2022


هوية بريس- د. سعد الدين العثماني
ليس الوعي بالصحة النفسية ومشاكل الصحة النفسية متوفرا للجميع، مثل ما هو الحال بالنسبة للصحة العضوية ومشاكلها، وذلك على الرغم من تشابههما على مختلف المستويات. ومع الأسف فإن عدم الوعي وبقاء جوانب غموض كثيرة لدى عدد من الناس، يمنعهم من الاستفادة من أحدث ما وصل إليه العلم في مجال الصحة النفسية. وأكثر من ذلك فإن الكثير من المفاهيم والأفكار المغلوطة تروج كأنها حقائق وتؤدي أحيانا إلى مآس إنسانية كان من الممكن تفاديها بسهولة.
إن الصحة النفسية عنصر أساسي ومهم من عناصر صحتنا العامة، وجزء لا يتجزأ منها، تماما مثل الصحة العضوية. لذلك تذكر منظمة الصحة العالمية باستمرار أنه "لا صحة بدون صحة نفسية". ومن هنا فإن التعريف المعتمد للصحة بالمعنى الواسع، والذي نجده في جميع الأدبيات المتخصصة، يشمل أبعادها الأساسية الثلاثة، فهو يقرر أن "الصحة هي حالة من العافية الجسدية والنفسية والاجتماعية، وليست مجرد غياب المرض أو العجز".
أما الصحة النفسية الجيدة أو العافية النفسية فهي "حالة العافية التي يحقق فيها الفرد قدراته الذاتية، ويستطيع مواكبة ضغوط الحياة العادية، ويكون قادرا على العمل الإيجابي والمثمر، وعلى الإسهام بفعالية في مجتمعه".
ومن العافية النفسية ينبع كل ما هو إيجابي في حياة الإنسان من مشاعر وأفكار وانطباعات ومعارف وعلاقات ومبادرات وسلوكات. ومن ثم، فإن العافية النفسية ليست فقط مطلوبة لذاتها، ولكنها تعد أيضاً مصدراً للسعادة والحياة الجميلة للإنسان ولمن حوله، وقد يكون صاحبها منبعا للطاقة الإيجابية للمجتمع من حوله.
البحث المستمر عن التوازن النفسي
ومن هنا فإن الصحة النفسية الجيدة أو العافية النفسية، هي حالة من التوازن في حياة الإنسان وفي علاقاته مع محيطه. فكل شخص يبحث باستمرار عن مستوى توازن بين أمرين هما: العوامل والمؤثرات المؤدية إلى الراحة والشعور بالرضا في مستوى أول، والعقبات والمنغصات التي يواجهها في حياته في مستوى ثان. وهكذا تتأرجح حالته بين عافية وراحة من جهة، وعناء وضنك من جهة أخرى، وتغلب جهة منهما قليلا أو كثيرا حسب مجمل العوامل الداخلية والخارجية.
فمن العوامل الداخلية: قوة الإيمان وقوة الصبر والتحمل وقوة الشخصية والمرونة النفسية أمام الضغوط وغيرها، ومن العوامل الخارجية: احتضان الأسرة أو الأصدقاء وغير ذلك من العوامل المساعدة.
والأمر المهم الذي نحتاج جميعا إلى الوعي به هو أنه ليس هناك شخص يتمتع بصحة نفسية مثالية كاملة في جميع الأوقات، بل إننا نعيش جميعا وباستمرار، صعودا وهبوطا في مسار صحتنا النفسية، ونبذل جهدا ديناميكيا متواصلا لتحسين صحتنا النفسية. فمشكلات الحياة المتوالية تؤثر بطرق مختلفة وعلى مستويات متباينة على عافيتنا وراحتنا النفسية. فمن منا لم يمر بمرحلة من القلق أو الضجر لسبب من الأسباب؟ ومن منا لم يشعر أمام حدث معين بضغط نفسي أو سوء مزاج؟ ومن منا لم يمر بخيبة أمل أو إخفاق؟ ومن منا لم يعان الإرهاق في فترة من الفترات؟ وأليس من غير الطبيعي وغير السوي ألا يكون للإنسان ذلك التفاعل النفسي مع التحديات من حوله؟
إذن فتلك طبيعة الحياة: يعيش كل واحد فيها حالة من البحث المستمر عن التوازن النفسي. وقد نقول بأن ذلك عامل من عوامل اكتساب الإنسان لخبرات الحياة وعامل من عوامل نضج شخصيته. وهذا من بين معاني قوله تعالى: "لقد خلقنا الانسان في كبد" (سورة البلد/ 4)، أي في شدة ومشقة، وقال الحسن البصري في معناها: يكابد مضايق الدنيا وشدائد الآخرة.
العلاقة بين العافية والاضطراب النفسي
يعتقد الكثيرون أن التمتع بصحة نفسية جيدة يكفي فيه الخلو من الإصابة بأي اضطراب نفسي. لكن الصحيح أن الإنسان يمكن أن يكون خاليا من أي اضطراب نفسي أو مرض عقلي ولا يكون بصحة نفسية جيدة، فلا يشعر بالارتياح ولا بالعافية النفسية بسبب وجود ضغوط مؤثرة من محيطه أو إحباط من داخل نفسه مثلا.
كما يمكن للمرء أن يكون مصابا باضطراب نفسي أو عقلي وفي نفس الوقت يتمتع بصحة نفسية جيدة، وذلك بفضل واحد أو أكثر من العوامل الداعمة، والتي من أهمها: رعاية طبية أو احتضان أسري جيد أو دعم اجتماعي كاف أو عوامل نفسية داخلية مساعدة أو غيرها.
والخلاصة أن الصحة النفسية لدى أي شخص تمر بمراحل صعود وهبوط مستمرين طيلة حياته. وليس هناك أشخاص يتمتعون بصحة نفسية جيدة، بصفة نهائية ومستمرة، وآخرون لا يتمتعون بها وإن كانوا يعانون من مرض نفسي. وبالتالي فنحن جميعا معنيون بالاهتمام بصحتنا النفسية، وبرعايتها وتحسينها بصورة مستمرة.
الأبعاد الثلاثة للعناية بالصحة النفسية
يتفق الخبراء على أن هناك ثلاثة أبعاد تشكل بمجموعها أهم ما يجب العناية به في مجال الصحة النفسية.
أولا – العافية النفسية، وهي تشمل كل ما هو إيجابي وتنمية للصحة النفسية، ويذكرون منه بالخصوص تنمية الشعور بالرضا وتحقيق الذات والتزود بالطاقة النفسية وقيام الفرد بأدواره الاجتماعية باقتدار.
ثانيا – الصعوبات النفسية التفاعلية الناجمة عن مواقف وأحداث عصيبة، مثل وفاة قريب أو حبيب، أو فشل الدراسي أو فقدان عمل أو غيرها. وهذه الصعوبات ليست لها بالضرورة علاقة بالإصابة باضطراب أو مرض نفسي. فيمكن أن تأخذ تلك الصعوبات شكل إجهاد أو قلق أو اكتئاب، أو أعراض مشابهة، قد تكون مؤقتة وقد تكون مستمرة. وفي هذه الحالة الأخيرة قد تحتاج إلى تدخل طبي نفسي متخصص.
ثالثا – الاضطراب نفسي أو الإعاقة نفسية، والتي تتطلب رعاية طبية متخصصة، ولها تصنيفات تشخيصية وفق معايير محددة.
إن التمييز بين هذه المستويات الثلاثة مهم للوعي بما يجب على كل واحد منا القيام به – في مرحلة معينة – تجاه نفسه وتجاه أسرته للوصول إلى أقصى عافية نفسية ممكنة، وسنعود – إن شاء الله – لبسط التداخل بين تلك المستويات تصحيحا لبعض الأخطاء في فهمها وتمثلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.