أسهم حدث فيروس كورونا المستجد المعروف بكوفيد-19 في انتقال الإنسان من حالة المألوف إلى حالة الدَهَم، انتقال نوعي لحدث عظيم لم يكن الإنسان ينتظره، انتقال سيغير حاضر وماضي ومستقبل الإنسان، انتقال من حالة الحرية إلى حالة الإكراه وفقدان لحرية الخروج من المنازل، والتنقل بين المدن، وصلة الأرحام، وزيارة الأصدقاء، والذهاب إلى المساجد، وممارسة الهوايات، وعيادة المرضى، ودفن الموتى…وغيرها، وهو ما يصعب على البعض تقبله، انتقال سيخلف من وراءه أثرا في سيكولوجيا الإنسان وسلوكه الفردي والاجتماعي، انتقال سيجعل الإنسان يشعر بحالات من الخوف والقلق والهلع، وقد تزداد حدتها وبشكل يستدعي الاهتمام لدى الأشخاص الذين يعانون بالأساس من اضطرابات نفسية. إن الوعي أو الفهم السليم بآثار الفيروس كورونا المستجد على الصحة النفسية للفرد والمجتمع، هو جزء من المحافظة على الصحة النفسية للإنسان التي يجب حمايتها خصوصا في هذه الظرفية العصيبة التي نعيشها جميعا التي قد تطول ولا نعرف تداعياتها في المستقبل. والعناية بالصحة النفسية أصبحت مطلبا أساسيا لتجويد أساليب الحياة والاستمتاع بمظاهرها، وهي لا تقل أهمية أيضا عن الصحة الجسدية. فحالات الخوف والقلق والهلع من جراء تداعيات الفيروس كورونا المستجد ستؤثر بدون شك على الصحة النفسية للإنسان، ومثل هذه الحالات وغيرها المبالغ فيها قد تسهم في ظهور مجموعة من الاضطراب لدى الانسان سواء كان صغيرا أم كبيرا. إن هذا الأمر يدفعنا إلى طرح مجموعة من الأسئلة، من بينها، ما المقصود بالصحة النفسية؟ ما هي آثار فيروس كرونا على الصحة النفسية للفرد والمجتمع؟ ما هي سبل التدخل والمواجهة؟ تعرف منظمة الصحة العالمية الصحة النفسية باعتبارها حالة من العافية يمكن فيها للفرد تكريس قدراته الخاصة والتكيف مع أنواع الإجهاد العادية والعمل بتعاون وفعالية والإسهام في مجتمعه. وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم الصحة النفسية بمعناه الحديث يحوي بين طياته مجموعة من الخصائص، من بينها أن الصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الصحة الجسدية، وهما في علاقة دينامية، كل جانب يؤثر في الآخر، فإذا تحسنت الصحة النفسية تحسنت الجسدية، والعكس صحيح. وكذلك فالصحة النفسية لا تعني انعدام الاضطرابات النفسية لدى الإنسان، كما أن الصحة النفسية تتأثر بمجموعة من العوامل، منها الأمراض الوبائية، ومن ثمة فالصحة النفسية تعكس مدى الرضى الوجداني والتكيف السلوكي وقدرة الإنسان على الاستمتاع بالحياة، والشعور بالسعادة وبالكفاءة والاستقلالية الذاتية والمساهمة في تطوير المجتمع. هكذا، يمكن القول: إن حالة الصحة النفسية هي نقيض الاضطراب أو المرض، والاضطراب درجات وأشكال تختلف باختلاف شخصية الأفراد، كما أن للصحة النفسية درجات. وبالتالي، فالسواء النفسي الخالص غير موجود في عالمنا المعاصر، نظرا لوجود مجموعة من مصادر الضغوط النفسية المختلف والمتنوعة في حياتنا اليومية الناجمة عن عنف المعيش. ما هي آثار فيروس كرونا المستجد على الصحة النفسية للفرد والمجتمع؟ إن الحديث عن الآثار النفسية الناجمة عن الفيروس كورونا المستجد، سيكون سابقا لأوانه في غياب الدراسات أو الأبحاث الميدانية في علم النفس حتى نستطيع تقديم خلاصات علمية خاصة بالمجتمع المغربي. ولكن يجب التأكيد على فكرة أساسية مفادها أن الإنسان بطبعه كائنا ينتابه الخوف والقلق متى واجه وباء من الأوبئة أو تعرض لأزمة من الأزمات كيفما كانت طبيعتها. وتشير الدراسات المتخصصة في المجال “سيكولوجيا الأوبئة” أن تأثير الأوبئة يجعل المجتمعات تشهد موجات من الخوف والقلق والارتياب، وتدفع بالأفراد نحو سلوكات متناقضة واللاعقلانية وغير منطقية. وأمام هذا الأمر سنكتفي بتقديم بعض الأعراض النفسية والاجتماعية والفيزيولوجية العامة المرتبطة بتداعيات فيروس كورونا المستجد المعروف بكفيد-19 على الصحة النفسية، مثل، حالات الخوف والقلق المختلفة والمتعددة، كالخوف من الإصابة بالفيروس كورونا أو “الكورونوفوبيا”، والخوف من الخسارة المادية، والخوف من الموت، والخوف من عدم كفاية الإمدادات، والخوف الناتج عن مشاهدة الأخبار وانتشار الاشاعات، والخوف من الحجز الصحي، والتخلي عن العادات والأنشطة اليومية، والخوف من الخوف أو”الفوبوفوبيا”، وغيرها، مثل هذه الحالات وغيرها قد يؤثر في السلوك الفردي والاجتماعي للإنسان. وقد يزداد الأمر سوءا حين تتغدى بعض السلوكات الاحترازية على نفسها وتتضاعف، مثل ما نشاهده من هلع في عملية الشراء المبالغ فيها التي قد تؤدي –في حد ذاتها- إلى التسبب في تعميق الأزمة وتزايد آثارها على الأفراد والمجتمعات. – حالات الخوف والقلق المرتبطة بحدث فيروس كرونا المستجد: يعتبر كل من الخوف والقلق استجابات انفعالية لمثيرات مهددة أو تُندر بوقوع خطر، ولكل منهما ردود فعل نفسية وجسدية أو فيزيولوجية تحدث نتيجة لاستثارة الجهاز العصبي. ومن الملاحظ أن استخدامهما (الخوف والقلق) يتم بصورة تبادلية، في حين يوجد اختلاف بينما في الكثير من الحالات، من أهمها أن الخوف يختلف عن القلق في كون الأول أسبابه معروفة ومصادره محددة مثلا حالة فيروس كورونا المستجد، ولا تكون على هذا الشكل دائما في حالة القلق، كما أن حالة الخوف تكون واقعية وخارجية يواجهها الفرد على مستوى الشعور، ويزول الخوف بزوال مصدره أو مثيره، أما القلق فلا يكون الفرد منبهاً إلى مصدره عادة على مستوى الشعور، فهو داخلي ومجهول مرتبط بخبرات الشخص السابقة…وغيرها، ويتشابه اضطراب الخوف مع القلق العصابي في شعور المضطرب أو المريض بالخوف الشديد بدون مبرر منطقي في الواقع، ويصاحب ذلك مجموعة من الأعراض النفسية والاجتماعية والجسدية أوالفيزيولوجية، هذه الأعراض الجسمية ليست لها أسباب عضوية بل ذات أسباب نفسية، تسمى بالأعراض “السيكوسوماتية”، ولذلك لا ينفع معها أي أدوية لأنها تزول عندما يشعر الشخص بالاطمئنان والراحة النفسية. – أعراض حالات الخوف: إن الخوف إحساس فطري يظهره الإنسان كرد فعل نتيجة تعرضه لخطر موضوعي كحالة فيروس كورونا المستجد، ويدفع الذات إلى إطلاق الميكانيزمات الدفاعية الداخلية للحفاظ على نفسها، وبالتالي فهو سلوك انفعالي طبيعي وايجابي. أما الخوف من خطر غير موضوعي لا يبرره العقل الشعوري فهو خوف مرضي، يصعب التحكم فيه والسيطرة عليه، كما أن أصحاب هذه المخاوف يدركون جيدا أن مخاوفهم تلك غير منطقية. وتظهر أعراض حالات الخوف، والخوف المبالغ فيها في مجموعة من الجوانب النفسية والاجتماعية والجسمية أو الفيزيولوجية، من أهمها الصداع في الرأس، والجفاف في الفم والحلق، والتقلصات في المعدة وآلام في البطن، وفقدان للشهية، والشعور بالغثيان…،وغيرها. وهذه الأعراض الجسمية ليست لها أسباب عضوية بل ذات أسباب نفسية، تسمى بالأعراض السيكوسوماتية. إلى جانب هذه الأعراض الجسيمة توجد كذلك أعراض نفسية واجتماعية من بينها، نجد أن الشخص يميل إلى الانسحاب والعزلة الاجتماعية، والعدوانية، ويفقد القدرة على الاعتماد على النفس، وعدم تحمل المسؤولية، وقد يتعطل عن أداء مختلف أنشطته اليومية. وكلما زادت حدة أو شدة الخوف يظهر الشخص الذعر والهلع، وهذا الأمر قد يؤدي إلى المبالغة في الإجراءات الوقائية والتدابير الصحية، كما قد يؤدي بالشخص إلى التوهم بالإصابة بالفيروس كورونا المستجد وظهور أعراضه، وتعرف هذه الحالة “بالايحاء الذاتي”، فمن خلال إسقاط الشخص الأعراض على نفسه، تترسخ لديه فكرة الإصابة فتجده يشعر بأعراضه. – أعراض القلق: إن القلق هو حالة نفسية ناتجة عن شعور الفرد بوجود خطر يهدده، وينتظر وقوعه أو يخشى من وقوعه، وهو ينطوي على توتر انفعالي، وترافقه مجموعة من الأعراض النفسية والجسمية أو الفيزيولوجية. والشعور بالخطر يحفز الفرد على الدفاع عن الذات وحفظها، من أجل تحقيق التوافق أو التوازن النفسي. فكل فرد مجهز بطبيعته ليحمي نفسه من الخطر، فيهرب مما يخيفه أو مما يعتبره خطرا عليه أو يتفاداه، فالقلق إذن أساسي في الحياة. وتجدر الإشارة إلى أن القلق مستويات أو درجات تتفاوت في الشدة حسب وقعها أو تأثيرها على الأفراد، ويمكن التمييز بين نوعيين فيه، نوع عبارة عن حالة بسيطة أو متوسطة الشدة، وكثيرا ما تظهر في حياتنا اليومية بدرجات متفاوت، خصوصا في بعض الظروف العصيبة وبخاصة أمام ما هو مفاجئ مثل جائحة فيروس كرورونا المستجد، وترافقه حالات نفسية مثل الهم والضيق والانزعاج والكدر، وغيرها، فالشخص لا يواجه مخاطر احتمالات إصابته بالمرض، بل إنه يواجه عبئا أثقل مرتبطا بحالة من الغموض والمجهول، وهو ما يتسبب في تصاعد مشاعر الخوف والقلق والهلع، وغيرها، فهذه الحالة لا ترتبط بالمصابين بل إنها تشمل أفراد المجتمع كله بدرجة أو أخرى، فهي حالة مرتبطة بسرعة إنتشار الفيروس كورونا المستجد وتداعياته، وعدم وجود القدرة على التوقع متى وكيف ينتهي الوباء، ومن المتوقع مثل هذا الشعور يجعل الشخص حساسا، وسريع الانفعال، وتغلب عليه الشكوى وسرعة الغضب،… وغيرها، وهذا النوع من القلق يقع ضمن الحدود الطبيعية للصحة النفسية، لأنه يختفي عن طريق التفريغ أو أساليب التنفيس، أو عن طريق الدعم النفسي. أما إذا تكررت حالة القلق بشكل ملحوظ ولم تجد أمامها سبل التفريغ أو التنفيس، وتزايدت حدتها أو شدتها أصبحت متحكمة في الذات، فإنها تصبح اضطرابا أو مرضا نفسيا. وفي هذه الحالة يكون القلق شديدا ووقعه قوي على الذات، ويطلق عليه اسم القلق العصابي، لأنه قد وصل في شدته وخطورته إلى مرحلة الاضطراب أو المرض النفسي، وهذا الأمر يستدعي التدخل المستعجل أي العلاج النفسي. إن التدابير الصحية والوقائية المتخذة من صدمة جراء تفشي جائحة كورونا المستجد ستترك بدون شك من وراءها آثارا سيكولوجية على الإنسان أثناء وبعد هذا الحجر الصحي الإجباري في المنازل، وسترافقها مجموعة من الأعراض النفسية والاجتماعية والفيزيولوجية المتفاوتة الشدة أو الدرجة تبعا لوقعها على الأفراد والمجتمعات. فالبقاء داخل البيوت وفقدان التواصل الاجتماعي ونقصان النشاط الجسدي وترك مجموعة من العادات والممارسات اليومية، قد تجعل الفرد يشعر بالملل الضيق والكدر والاحباط المرفق بشعور العجز والعزلة أو الانفراد والميل إلى العداوة، هذا الشعور قد يفقد الفرد ثقته بنفسه، ويطرح لديه صعوبة في التركيز والانتباه، والانزعاج من أبسط الأمور كسماع الأصوات الضعيفة والحركات البسيطة، ويكون كثير الشكوى، كما قد يدفع صاحبه إلى الميل إلى التأويل السلبي، والاندفاع نحو التشاؤم بمستقبله وسوء الظن بالآخرين مثل نظرية المؤامرة، وغيرها من الأعراض. وقد ترتبط حالة القلق بفكرة الاصابة وأحيانا الموت، وفي هذه الحالة يكون الفرد قد تأثر تأثرا قويا بتداعيات فيروس كورونا المستجد. أما أعراض القلق الجسدية أو الفيزيولوجية فتظهر في عدد من الأشكال، وكثيرا ما تكون شديدة عند الأشخاص المصابين بالفيروس كورونا وغير المصابين الذين يعيشون حالة الخوف المبالغ فيها، منها وجع في الرأس، وجفاف في الحلق، وضيق في التنفس، وارتفاع في ضغط الدم، وسرعة في ضربات القلب، وأحيانا يظهر التقيؤ والإسهال، وقد يقع تغير في عادات النوم فيصاب الفرد بالأرق، وفي هذه الحالة يظهر القلق وكأنه يرغب في التعويض عن قلقه بالإكثار من النوع، كما يقع اضطراب في الأكل، مع وجود أوجاع جسدية بدون وجود مسوغ عضوي، وهناك أعراض فيزيولوجية لا يشعر بها الشخص، وهنا يظهر جسد الإنسان وكأنه يعمل لمواجهة ظروف وتداعيات الفيروس، عن طريق تعديل في أجهزة الإفراز الأساسية، مثلا الزيادة في الأدرينالين والهرمونات التي تأتي من الغدد كالغدة الكظرية. إن هذه الأعراض وغيرها لا تظهر بنفس الحدة أو الشدة لدى الأفراد فهي تختلف من فرد إلى آخر حسب جنسه، وسنه، ومستواه الثقافي، والتعليمي، والتديني، والصحي، وغيرها، وهذه الأعراض وغيرها قد تتشابه مع أعراض فيروس كورونا المستجد، التي قد تجعل الفرد يتوهم الإصابة بالفيروس، وهذا الأمر سيؤثر أكثر على صحته النفسية. وتجدر الإشارة إلى وجود مجموعة من الاختبارات أو المقاييس لدى الأخصائيين لمعرفة و قياس شدة أو درجة القلق لدى الأفراد واكتشاف أي نوع من الأنواع التي ينتمي إليها. – جائحة فيروس كورونا وسيكولوجية التدخل والمواجهة: أمام هذه الظرفية العصيبة التي نعيشها جميعا، نتيجة انتشار جائحة كورونا المستجد، وما ترتب عنها من آثار نفسية واقتصادية واجتماعية وسياسية، ظهرت مجموعة من المبادرات بمرجعيات متعددة وأساليب مختلفة، منها ما هو موضوعي، ومنها ما هو ذاتي، ومنها ما هو واقعي، ومنها ما هو “مثالي”، ومنها ما هو نافع ومنها ما هو “ضار”. ويجب التأكيد أن هذه المبادرات “التطوعية” تبقى فكرة جيدة قد تحقق جزءا من أهدفها في مواكبة الحالات التي تستدعي التدخل عن بعد أو عن قرب في حدود الاستشارة والمساعدة والتوجيه النفسي وليس العلاج النفسي، وهذا التدخل المزدوج يطرح اشكالات أخلاقية وقانونية للمهنة من جهة، وشروط ومبادئ ومقومات هذا التدخل من جهة ثانية، فكيف تفسر أن شخصا لم يسبق له أن تلقى تكوينا نظرا وتطبيقيا حول مبادئ وأسس الصحة النفسية، والاضطلاع على ميادين وتيارات ومناهج البحث علم النفس عامة وعلم النفس الإكلينيكي على وجه الخصوص، أن ُينظر ويقدم الوصفات “السحرية”، والاجراءات “المثالية” التي قد تهدد بالصحة النفسية للأفراد. لهذا يجب على المواطنين والمواطنات التحلي بضرورة اليقظة تجاه صحتهم النفسية من جهة، وتجاه هؤلاء الأشخاص الذين لا يستطيعون علاج أنفسهم. وفي هذا السياق يجب التنويه بمجموعة من المبادرات المؤسساتية التطوعية المساهمة في تقديم الخدمات النفسية سواء عن بعد أو عن قرب، والتي يشرف عليها مجموعة من الأخصائيين في علم النفس ينتمون إلى مؤسسات جامعية وصحية ومدنية متعددة، وأخص بالذكر كلية علوم التربية بالرباط، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز بفاس، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بن طفيل بالقنيطرة، والمدرسة العليا للأساتذة بالرباط، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس وغيرها. وتوجد العديد من الإجراءات والتدابير المساهمة -إلى جوانب أخرى- في الحفاظ على الصحة النفسية والجسدية من جراء تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد، من منطلق أن الصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الصحة البدنية، من بينها أن الحجر الصحي أسهم في مجموعة من الضغوط النفسية، ومن المهم أن نفرق بين ما هو طبيعي وإيجابي من الضغوط، فنستجيب له، ونتكيف معه، وبين ما هو مرضي وضار فنعمل على التخلص منه، من خلال الاعتماد على استراتيجية “التعايش الايجابي” مع الحجر الصحي في البيت، وذلك بالتسليم أنه واقع لا محال عنه، وليس سجنا بل إنه واجب وطني وحماية للفرد ومحاربة للوباء. وفرصة للتصالح مع الذات ومعرفة جوهرها أو حقيقتها. ومحاولة معرفة الأعراض النفسية والفيزيولوجية الناتجة عن حالات الخوف والقلق والهلع الطبيعية سيساعد في التخلص من التفكير السلبي وغير المنطقي، وفي في حالة تدهور الصحة النفسية والعقلية يجب الالتجاء إلى الدعم النفسي أو العلاج النفسي والابتعاد عن الوصفات السحرية والمثالية. وكذلك الإبقاء على الاتصال الاجتماعي، من خلال الاتصال بأفراد العائلة، والأصدقاء، والزملاء، مع محاولة مساعدتهم قد المستطاع، وتجنب الأخبار الزائفة، والمقلقة، مع الاهتمام بالنشاط الجسدي، من خلال القيام ببعض التمارين الرياضية، وكذلك الحفاظ على التغذية المتوازنة، وتنظيم ساعات النوم، مع جعلها ضمن الروتين اليومي. كما يجب تدبير حالات الفراغ اليومي، وذلك من خلال التنظيم والتخطيط الزمني سواء اليومي أو الأسبوعي، مع البحث عن البدائل الايجابية مثلا القراءة والكتابة ومشاهدة الأفلام وغيرها. انطلاقا مما سبق ذكره يمكننا القول أنه بالرغم من التداعيات السلبية الناتجة عن فيروس كورونا المستجد فإن له مجموعة من الانعكاسات الايجابية على الفرد والمجتمع، من أهمها أنها ستساهم في تشكل الوعي الفردي والجمعي سواء من طرف الدولة كجهاز أو المجتمع كالأفراد في تقييم علاقته بذاته وبالآخرين، وترتيب أولوياته وفي مقدمتها إعادة الاعتبار للإنسانية الإنسان، وفق قيم نبيلة تتوافق مع روح المواطنة والوطنية.