من مقاصد إخراج زكاة الفطر طعاما ظهور هذه الشعيرة العظيمة، كما كان الامر في السابق حيث ترى الشوارع والازقة وسوق القمح رائجة وأصناف الحبوب تملأ الاسواق والاماكن العامة، فترى أجيالنا هذه الأجواء التعبدية ويعيشونها مع آبائهم، مما يكون له الأثر في ترسيخ هذه الشعيرة في نفوسهم وتعظيمها، والامر بخلاف ذلك في النقد فإن الأمر يكون مختفيا تماما، ولا يحس الأبناء بهذه الفريضة الربانية، وقد رأيت اناسا يقدمونها مالا لمن يتسولون عند اشارات المرور، فاين الحرص على من يستحقها؟ وأين أجواء زكاة الفطر والاحساس بها وبلذتها ؟ عندما تذهب وتشتري القمح او غيره من الاصناف المعلومة وتكيلها وتأخذها الى بيت من يستحقها مصطحبا أبناءك ليشهدوا ويشاهدوا هذا المنظر التعبدي. اخشى ولادة جيل لا يعرف شيئا اسمه زكاة الفطر، وإن علمت أن الفقير او المسكين الى المال احوج فما اجمل ان تجمع له بين الزكاة والصدقة، نور على نور. مع احترامنا لمن يفتي بإخراجها نقدا من السلف والخلف. وأما ان نجعل هذه المسألة محط ولاء وبراء وتنقص من القائل بأحد المذهبين وتسفيهه ورميه بالجمود وبالجهل فليس من أخلاق حملة العلم وأهله، فالأدب الادب، وليسعنا ما وسع السلف فهذا يونس بن عبد الأعلى القائل: ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يومًا في مسألة، ثم افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي، ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق في مسألة؟ وعبيد ربه مع جمهور أهل العلم في هذه الشعيرة من إخراجها طعاما، والله الموفق.