هوية بريس- محمد المكودي وما ذنب سعد الدين العثماني؟ ما ذنبه إذ آمن بالمشاركة السياسية، منذ أواخر سبعينات القرن الماضي؟ وما ذنبه إذ أصّل لها في "في الفقه الدعوي" و"المشاركة السياسية في فقه ابن تيمية" و"التصرفات النبوية بالإمامة" و"المنهج الوسط في التعامل مع السنة النبوية" و"الدولة الإسلامية: بين المفهوم والإمكان" و"فقه المآلات"… ؟ ما ذنبه إذ وجد نفسه في يوم عسير على مخياله، لا على المتعارف عليه في السياسة الدولية؟ وما ذنبه إذ هاجمته "قواعد مضطربة" تجرعت الشعارات لا الحقائق، وقد كان هو أحد منتجي تلك الشعارات على أنها حقائق؟ هل العثماني هو وحده من أهمل "النظرية السياسية" في حزب العدالة والتنمية؟ هل وحده من خاطب الجماهير بالشعارات وعبّأها بالإيديولوجيات؟ هل هو وحده القائل بأننا "خدّام للدولة"، ولا ضير؟ العثماني محكوم بتاريخ قريب، بدأ منذ أواخر سبعينات القرن الماضي. إنه محكوم بمسار من التعلّم المتدرّج بالاقتراب من الدولة، وداخل هياكلها، والتربية على قواعدها بالصدمات والأوامر التي لا تقبل ردّا. وما أشده من ألم!! ألم التخلص من موازنات المُثل، بالانكباب القسري على موازنات الحسابات السياسية التي "توزن ببيض النمل"، كما قال أحد كبار الزعماء السياسيين في القرن العشرين… إنّ الذين ينكرون على العثماني توقيعه، على اتفاق "استئناف العلاقات الديبلوماسية مع إسرائيل" مع كل من "كوشنر" و"بنشبات"، هم شتى: – أعضاء من الحزب، لتوهم يتعرفون على الطبيعة البراغماتية لحزب انخرطوا فيه لسنوات. – لا ديمقراطيون، يرمون بالحجارة قلعة حزبية، مهما قيل عنها، فهي ما زالت تحفظ ماء وجه معركة الانتقال الديمقراطي، في المغرب. – حداثويون وإنسانويون ويسارويون، هوايتهم الرقص على كل انتكاس إيديولوجي للإسلاميين، بدل استثمار هذا الانتكاس في دعوتهم إلى مراجعة نظرية جديدة. – عولميون من "إسلاميي الخارج"، استراتيجيتهم ليست بأيديهم، ولن نفجر بأن نزيد على "حكمنا هذا"، تحرزا منّا واستحياء. … إلخ. فني الأولون في أوهامهم، حتى استحالت من الحقائق. وفني الذين بعدهم في "العداء للشعب"، فأصبح قولهم في العثماني ضربة موجهة للشعب، لا للعثماني. وفني الذين يلونهم في "قرع الدفوف وهز البطون"، فجاءت الفرصة مواتية للتداعي على "تدين المغاربة"، تحت قناع "انتكاس إيديولوجيا الإسلاميين".. وفني الذين بعدهم في خدمة "غول الدولار والبترول"، لأنهم لا يعرفونه، ولا ينحنون له إلا بوساطة، ظنا منهم أن الوسيط لم يبرح مكانه الذي كان عليه قبل "صعود جو بايدن"، إلا أن المستقبل ليس كذلك، وهو حافل بالمفاجآت… وما ذنب العثماني، وقد تداعى عليه كل هؤلاء، والتداعي الأكبر هو ما يجب أن يكون عليهم، لجهلهم أو لكِبر بطونهم؟