لا تتوانى بعض وسائل الإعلام المغربية العمومية والخاصة في نسج علاقات مشبوهة مع الكيان الصهيوني، تحت ذرائع كثيرة، في خفاء أحيانا، وفي وضح النهار أحايين كثيرة، حيث نجح في اختراق كثير منها، عبر وكلائه، وبالتعاون مع اللوبي الإماراتي الذي اشترى ذمم كثير منها. ففي غفلة من أهل المغرب وانشغال الناس بجائحة كورونا، لم تجد قناة "Medi1TVMaghreb" المغربية من يتحدث عن تداعيات الأزمة، ويقيم تجربة المغرب وجهوده في تدبير أزمة الجائحة من الخبراء والمسؤولين وطنيا ودوليا غير عراب الصهيونية اليهودي الصهيوني الفرنسي هنري ليفي ليقوم بذلك. تطبيع سافر تحت غطاء الفكر والفلسفة: ففي برنامجها "أوروبا – افريقيا"، ليوم السبت 20 يونيو 2020، تمت استضافة الصهيوني ليفي هنري وتقديمه بصفة المفكر والفيلسوف، شاهدت البرنامج، وظننت أنه مخصص للحديث عن تجربة المغرب بالكامل، كما روجت له القناة؛ لكن الأمر عكس ذلك، فطيلة وقت البرنامج القريب من نصف ساعة تحدث بصفة عامة حول تداعيات الجائحة، وكيف تم التعامل معها أوربيا، ولتبرير الاستضافة عبر قناة مغربية،تم تخصيص الدقيقتين الأخيرتين للحديث عن جهود المغرب في هذا الإطار، واكتفى بترديد كلام عام، لا جديد فيه، كما لم يفته أن يشكر المغاربة على تقاليدهم في الكرم والضيافة، وتأكيده على حبه للمغرب. ومعلوم عنه تكليفه بالمهمات القذرة في العديد من بؤر التوتر والصراع،كمايوصف بأنه "مهندس الفوضى" في العديد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأحد أكبر داعمي الصهيونية المعاصرين الذين يقدمون لها خدمات جليلة، ففي الحرب على قطاع غزة سنة 2010، وصف الجيش الإسرائيلي بأنه "أكثر جيش في العالم أخلاقا وديمقراطية". فالأمر لا يخلو من نية مقصودة، ومبيتة للتطبيع الإعلامي في القضية، كما لا يخلو اختيار توقيته الذييتزامن مع ذكرى احتلال القدس، و هدم حارة المغاربة من دلالات رمزية خطيرة، أبرزها احتقار شعور الشعب المغربي المدافع عن القضية الفلسطينية، وعدم احترام إرادته المناهضة للتطبيع، وفرض خطاب صهيوني عليهم من خلال قناة يمولونها من ضرائبهم. وتأتي هذه الاستضافة بعد سابقة وصفت خلالها القناة أحد الشهداء الفلسطينيين إثرعملية قتل جنديينمن جيش الاحتلال الصهيونيبالإرهابي، سابقة أعقبها تنديد واسع وشجب كبير في الشارع المغربي، وترحيب إسرائيلي،أجبرت معه القناة على سحب الخبر من موقعها،وتحميل "صحافي مبتدئ"نشر الخبر المسؤولية. كما تأتي هذه الجريمة والفضيحة التطبيعيةفي سياق صهيوني حثيت لاختراق المجتمع المغربي في عدة مستويات؛ خصوصا الإعلامي، وقد بلغت ذروتها خلال عيد الفطر، حيناستضافتالقناة الثانيةفي سهرة مدتهاأربع ساعات فرقة رئيس أوركسترا صهيوني و المغنية الصهيونية المدعوة نطع الخيام بنمخلوف كما لم يفت عراب الصهيونية تمرير رسائل فرنسية مشفرة،عبر قناة مستعمرتها لكل من تركيا، وروسيا، والصين،ووصفها بالإمبريالية، التي استغلت ظروف الجائحة للتوسع، وخدمة مشاريعها. تنديد وترحيب بموقف القناة: لقي اللقاء ترحيبا واسعا من عدة جرائد إلكترونية مغربية غير مستقلة، أعادت نشر الجزء الخاص بموقفه المشيد بالمغرب في تدبير الأزمة، دون أن تكون لها الجرأة الأخلاقية والمهنية في فضح الجوانب الأخرى لشخصيته، ومكتفية هي الأخرى بتقديمه بصفة المفكر والفيلسوف؛ غير أن منابر إعلامية أخرى قليلة، أوردت خبر اللقاء، وفضحت خلفياته وأهدافه. كما استنكر كثير من رواد التواصل الاجتماعي هذا الحدث واصفين القناة بالراعية للتطبيع مع الاحتلال. ومن أبرز ردود المجتمع المدني رد"المرصد المغربي لمناهضة التطبيع"، الذي طالب المسؤولين بفتح تحقيق في ملابسات استضافة القناة لشخصية "صهيونية" وترتيب الجزاءاتعن المسؤولين عن هذه الخطوة "التطبيعية"، متهما القناة ب"العودة إلى عمالتها الصهيونية"، واصفة ليفي ب"أحد عتاة الصهيونية العالمية والأجهزة الاستخبارية الغربية المكلف بالمهام القذرة، وعراب الخراب ونشر الفتنة وتقسيم البلدان العربية وإشعال حرائقها". إن خطورة الاختراق الصهيوني للمجتمع المغربي، من خلال وكلاء محليين رسميين وغير رسميين، ستكون له عواقب وخيمة في المستقبل المتوسط، فمن أبرز أجنداته "الملف العرقي" الذي يعد الوتر الحساس الذي تشتغل عليه حسب تقارير بحثية وطنية ودولية، الأمر الذي يتطلب يقظة ووعيا بخطورة هذا الاختراق المتعدد الأبعاد، بفضح مخططاته ووكلائه بمختلف الوسائل.