أخَّرْتُ الحديث عن فايروس كورونا، ومن أسباب ذلك تجنب المبالغة في التفاعل معه كما حصل من قبل مع "جنون البقر" و"إنفلونزا الخنازير" و"سارز" وغيرها. لكن أقول في نقاط سريعة: 1. المؤمن ينشغل بأمر الله الشرعي عن إطالة الخوض في أمره القدري. 2. فَدَوْرُ المسلمين ليس أن يختلفوا إلى حد التنازع والتباغض على: هل الفايروس عقوبة أم لا؟ وهل نفرح أم لا بقتل بموت صينيين بالفايروس بعدما فعلته دولة الصين بالمسلمين؟! – بل دور المسلمين الأصلي هو أن ينصروا إخوانهم المسلمين هؤلاء ويكونوا أداة الله في مدافعة المجرمين بدل التباغض على حكم الفرح بإصابة "الأبرياء" بالفايروس! – دور المسلمين الأصلي ليس: هل فايروس كورونا عقوبة أم لا؟ بل أن يكونوا هم عقوبة الله للكافرين: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض). – ودور المسلمين الأصلي: (كنتم خير أمة أخرجت للناس)…دعوة الناس لدين الله تعالى، ومن الناس: أهل الصين التي يزورها التجار المسلمون ويتعاملون معها عادة لغايات المنفعة المادية فحسب، وأما الدعوة فلا تخطر بالبال، إلا لمن رحم ربي! 3. التنازع والتباغض يعطلنا عن القيام بواجباتنا من الدعوة ونصرة المستضعفين: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم). 4. عندما يقال "عقوبة من الله" فلنستحضر قوله تعالى بعد أن ذكر مصارع عدة أقوامٍ: (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد). وفاة مئات، بل آلاف، ونكسات في الاقتصاد تمتد لشهور ثم قد تتعافى منه البلاد… كل هذا قد لا يرقى لمستوى "الأخذ" الإلهي لقوم من الأقوام. 5. لا نستطيع أن نجزم أن الله قدَّر هذا الأمر لهذه الحكمة أو تلك بالذات فنقول: أصابهم بهذا الفايروس لما فعلوه بالمسلمين. 6. ومع ذلك فلا يحصل شيء في الكون إلا لحكمة. والمصائب التي تصيب الناس ليس أقل من أن يقال أنها تذكرة. وهي بلا شك دليلٌ على ضعف هذا الإنسان الذي يؤثر فيه فايروس لا يُرى، ومدعاةٌ لأن يتواضع الإنسان أمام خالقه. 7. على فرض أن للبشر دوراً في تطوير الفايروس، فهذا لا يتعارض مع التقدير الإلهي، والله تعالى قد يضرب الظالمين بالظالمين. ومرةً أخرى: ليس دورنا أن ننتظر ضرب الله للظالمين بعضهم ونقف على ذلك متفرجين. 8. اعتراض (كيف تقولون أنه عقوبة وهو قد يؤثر على المسلمين) ليس وجيهاً، فما يصيب الناس من بلاء عام يكون تذكرة لهم وطهوراً للمسلمين، وعاجل عذاب للكافرين. وقد يجمع الله للمسلم المُقَصِّر عقوبة وتطهيراً. 9. في النهاية، أنا عن نفسي، وإخواني الذين يعينونني، وضعنا اللغة الصينية ضمن اللغات التي ستتم ترجمة سلسلة (رحلة اليقين) إليها بإذن الله تعالى. هذا دورنا الأساسي: الدعوة والمدافعة والاشتغال بأمر الله الشرعي، لا المبالغة والتنازع في الانشغال بأمره القدري. والله تعالى أعلم.