بسم الله الرحمان الرحيم.. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.. أحبابي الكرام: ما أعظم الافتقار إلى الله.. وما ألذ الانكسار على بابه..وما أجمل تذوُّق طعم الاقتراب منه سبحانه.. وأنت ساجد بين يديه. ترفع شكواك.. وتتضرع وتبتهل.. حينها تشعر أن كل همومك تتلاشى خلف أسوار الإنكسار.. وأنَّ وخزات الخذلان تنمحي وراء أستار الافتقار.. حينما تقف على عجزك.. وتتبرأ من حَوْلِك وطوْلِك.. تبدو لك معالم جنة فيحاء مكتوب على بابها: لا حول ولا قوة الا بالله..وحينما تغسل مَراراتِك بدموع التوجه لمن بيده الأمر..حينها وعندها تصبح إنسانا جديدا..تحمل عقلا جديدا..وتتسامى روحك..وتعلو ثم تعلو حتى تصل إلى سدرة منتهى الطالبين..فترى من آيات ربك ما يُسكِّنُ روعك… ويدخلك في ضمان المَعِيَّة…التي من دخلها كان آمنا ضامنا…فيالله..ما أشد شرودنا عن الله..وبيده أمرنا…وهو المدبِّر الحكيم..حقا..إن شرودنا عن هذه الحقيقة التي هي من أبرز معالم الإيمان..لمِن أبرز دلائل ضعف إيماننا..إنَّ ربك ومن حسن فعله بك..يوصد أمامك الأبواب اختبارا..ويبتليك بخذلان الناس رحمة منه بالغة. ليحُوشَك إليه..ليدلك عليه..ليقول لك: أتقصد الفقراء المحاويج..وأنا الغني الحميد.. أتطلب من الضِّعاف..وأنا الرزاق ذو القوة المتين… حقا إنها أحوال يقلب الله فيها من أحَبَّ مِن عباده..ليقطعوا الرجاء من الناس..فيتوجهوا إلى رب الناس..الذي يعلم السر والنجوى..ويكشف الضر والبلوى..فاللهم لك الحمد عليك.. أحبابي: الأيام دُوَلْ..يوم نصر..ويوم كسر..يوم اشتهار..ويوم انحدار.. يوم غنى..ويوم عَنَى.. فطوبى لعبد أخذ من يوم نصره ليوم كسره…ومن يوم اشتهاره..ليوم انحداره..ومن يوم غِناه..ليوم عَناه ..ياصاحب المال..أنت أفقر الناس..لو كنت تدري..تجمعه..تحرسه..تحتال له..ثم تُخرَجُ رغما وتتركه..وياصاحب الشهرة إن اتكأت على الناس فأنت واهم..فغدا تزول الشهرة..فتنفض عنك جوقة التطبيل ..ليبحثوا عن مشتهر آخر..وياصاحب القوة أنت ضعيف لو كنت تدري..فاليوم تجري وسهام البلايا تتربص بك وأنت لا تدري… خلاصة الكلام..إياك ثم إياك ثم إياك ثم إياك..أن تتعلق بمخلوق..فإن المخلوق ضعيف..والضعيف سِمتُه الخِذلان ..عش مع الناس على تقدير الحذف..ففي التعلق بهم الحتف…وكن مع الله وبالله ولله..وارفع الأكف إذا نام الأنام..وقل يارباه..مسكينك فقيرك عبدك..يرجو نوالك..يطلب إحسانك..ومرِّغ الجبهة في تراب الذلة..وأظهر الافتقار والقلة..فستخرج غنيا سويا مُصانَ الجناب..بدل أن تريق ماء وجهك في أودية السراب… إلهي: إِلَيْكَ وإِلَّا لَا تُشَدُّ الرَّكَائِبُ: وَمِنْكَ وإلا فالمُؤَمِّلُ خَائِبُ.. وَفِيكَ وإِلَّا فَالغَرامُ مُضَيَّعٌ: وَعَنْكَ وَإِلاَّ فَالْمُحَدِّثُ كَاذِبُ.. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري.