أصبحت مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، الرائدة عالميا في مجال الاستراتيجية الصناعية للفوسفاط ومنظومة البيئة الصناعية المندمجة، فاعلا رئيسيا في التأسيس لثورة خضراء حقيقية في القارة، وذلك بحكم التزامها بخدمة أنشطة زراعية مستدامة ومزدهرة في إفريقيا. وبهذا المعنى، واتساقا مع سياسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الرامية الى إرساء تعاون فاعل جنوب–جنوب ورابح–رابح، لا تدخر المجموعة، الغنية بخبرة قوية، أي جهد لتسخير خبرتها في خدمة الفلاح الإفريقي، وهو خيار يبرره فخر المملكة بالانتماء الى إفريقيا، وإيمانها بإمكانات النمو الهائلة التي تكتنزها القارة. وفي إطار هذه الرؤية، تم إنشاء وحدات لإنتاج الأسمدة بالتعاون مع إثيوبيا ونيجيريا، ي توقع أن يمتد نفعها مستقبلا الى مجموع القارة. وكانت مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط قد وقعت في 2016 شراكة مع إثيوبيا بقيمة أكثر 2.4 مليار دولار لبناء مصنع لإنتاج الأسمدة يعتمد على البوتاس والغاز الطبيعي المنتج من قبل إثيوبيا، وحمض الفوسفوريك الذي تنتجه المجموعة. وتم تخصيص هذه المنشأة الصناعية، الأكبر في إفريقيا بعد مصنع الجرف الأصفر، لتزويد السوق بمجموعة من منتجات الأسمدة المناسبة لاحتياجات المحاصيل والتربة المحلية، وأيضا لضمان إمدادات موثوقة وبأسعار معقولة من مغذيات النباتات لفائدة المزارعين الاثيوبيين. وتؤمن هذه الوحدة، الواقعة في منطقة ديري داوا، والمصممة وفقا لمعايير دولية، طاقة إنتاجية تبلغ 2.5 مليون طن من المدخلات سنويا، وهو ما سيتيح لإثيوبيا اكتفاء ذاتيا من الأسمدة مع توفير فرص للتصدير. وينضاف الى ذلك استثمار آخر بقيمة 1.3 مليار دولار، بما من شأنه أن يمكن هذه المنصة من إنتاج 3.8 مليون طن سنويا، وكفاية الحاجة الى الأسمدة لدى مزارعي البلاد، البالغ تعداد سكانها حوالي 100 مليون نسمة. ومن المتوقع أن تكون هذه المنشأة متكاملة تماما، إذ سيتم تزويدها بجميع البنيات التحتية الضرورية؛ من خدمات لوجستية؛ وإمكانات وصول إلى المدخلات، وتخزين ونقل، بما من شأنه أن يجعلها تؤمن أسمدة مناسبة بأسعار تنافسية للمزارعين المحليين. وستتمثل المرحلة الثانية من هذه الشراكة في زيادة الطاقة الإنتاجية للمصنع إلى 3.8 مليون طن سنويا بحلول 2025، بما سيمكن البلاد من تلبية النمو المتوقع في الطلب. وفي متم المرحلة الثانية، سيكون المصنع مكونا من تسع وحدات؛ بما فيها وحدتان للأمونياك، ووحدة لإنتاج الأسمدة، ووحدتان لإنتاج اليوريا وأخرى للمزج والتعبئة. ومن المتوقع أن يوفر المشروع منصة للتخزين على مستوى ميناء جيبوتي بهدف الاستجابة للاحتياجات من المواد الخام اللازمة، على أن تمكن هذه المنصة من إدارة إمدادات حمض الفوسفوريك المشحونة من المغرب. وسيستفيد هذا المشروع، الذي سيوفر 500 منصب شغل بدوام كامل، من ادماج الموارد الطبيعية الإفريقية لإنتاج الأسمدة للمزارعين الأفارقة انطلاقا من مواد أولية. واستجابة لنفس الدافع، وحدت مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط والصندوق السيادي النيجيري جهودهما من أجل تطوير منصة صناعية بنيجيريا من أجل انتاج الأمونياك والمنتجات المشتقة، للمساعدة على تحسين الإنتاجية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي والتنمية القروية. وتأتي هذه الاتفاقية لتنضاف إلى الاتفاقيات التي أبرمتها مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط وجمعية منتجي وموردي الأسمدة بنيجيريا ومجموعة دانغوت للصناعات، خلال زيارة جلالة الملك الأخيرة الى نيجيريا. ومن المنتظر أن تمكن هذه الشراكة بين مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط ومجموعة دانغوت للصناعات، من إحداث منصة إفريقية مندمجة لإنتاج وتوزيع الأسمدة لفائدة المنطقة ككل، وبالتالي المساهمة في تطوير وتحديث القطاع الفلاحي باتجاه الزيادة في إنتاجية الأراضي الزراعية وتحسين الظروف المعيشية للمزارعين الأفارقة. ومن أجل ضمان النجاح الكامل لهذه الشراكة، تعمل مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط من أجل إحداث خارطة تخصيب للأراضي النيجيرية بالتعاون مع معاهد البحوث الزراعية المحلية وشركاء جامعيين. وهكذا، تم ، في هذا الإطار، دراسة أكثر من 3000 موقع على طول نيجيريا، بغرض تصميم صيغ جديدة لأسمدة تتواءم مع التربة والمحاصيل. كما تقود المجموعة مبادرة تدعى "أغروبوستر" وتروم دعم الفلاحين (المواد المخصبة والأسمدة) وتأطيرهم (حصص التكوين). ويندرج في هذا السياق المختبر التابع لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، الذي سيعمل على الانتقال إلى أبعد المناطق لتزويد صغار المزارعين في نيجيريا بمعلومات عن تربة أراضيهم ولتلقينهم الممارسات التي تعزز من أدائهم. كما ستساهم هذه المبادرات المختلفة في تأمين إمدادات الأسمدة للمزارعين، وتطوير الزراعة وتعزيز الأمن الغذائي، بما يتماشى مع رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس لقارة إفريقية مزدهرة ومتطورة على الدوام.