الإثنين 15 شتنبر 2014 الحرية الغربية حرية منقوصة، مسموح بها لكل أحد إلا من يخالف المزاج الغربي العام، والإسلام بتشريعاته، وما فيه من مبادئ وقيم، يمثل أحد أبرز التحديات التي يواجهها الغرب، ويسعى إلى تخطيها، لا عن طريق التعايش معه، وإنما بمواجهته: إما عسكرياً عن طريق التدخل العسكري؛ ويكون ذلك في الغالب في البلدان العربية والإسلامية، وإما عن طريق التضييق على المسلمين في الداخل الإسلامي أو الخارج، بدعوى محاربة التطرف والإرهاب. ومن الحريات التي يتعنت ضدها الغرب، ويسعى بكل السبل إلى إنهائها: الحجاب الإسلامي، ولهذا تكثر الضغوطات الغربية على أبناء الجاليات الإسلامية، لفرض زيٍّ معين. والحجاب في حد ذاته ليس هو المستهدف، بل المستهدف المرأة بصفة عامة. فالغرب يدرك أن أولى خطوات انحراف المرأة المسلمة تخليها عن حجابها، ولهذا يسعى الغربيون بكل السبل إلى نشر ثقافة السفور، بل ثقافة كشف الرأس والعري بشكل عام، ولم يتوقف الأمر عند حد إبداء الرغبة ونشر هذه الثقافة، بل صار أمر خلع الحجاب عند بعض الدول الأوربية كفرنسا- على سبيل المثال- أمراً حيوياً، بل أساسياً. وإلى هذا الحد قد يبدو الأمر طبيعياً عند البعض، سيما مسؤولي الدول الغربية، فبحسب زعمهم: من حق كل دولة أن تفرض شروطها على من يحل بها من الطوائف والملل، رغم مخالفة هذا الأمر لفحوى الحرية التي يتغنى بها الغرب ويدعو إليها أتباعه. أما ما ليس طبيعياً فهو ما قامت به الحكومة المغربية، حيث طالب مسؤولون مغاربة، المدرسات اللواتي تم تعيينهن مؤخرًا، ضمن الفوج الجديد لمدرسي اللغة العربية والثقافة المغربية بأوروبا، بتجنب وضع الحجاب أثناء مزاولتهن لعملهن بالمؤسسات التعليمية الفرنسية. حيث ناشد مدير مركزي بوزارة الشؤون الخارجية -بحسب تقارير صحفية- المدرسات اللواتي تم تعيينهن بفرنسا بأن يتخليْن عن الحجاب، خاصة داخل مقرات عملهن، نظرًا لسنِّ فرنسا قانونًا يمنع الرموز الدينية والحجاب منها في أماكن العمل، داعيًا إلى عدم وضع أي غطاء على الرأس قد يُفهم على أنه "حجاب إسلامي". ألهذا الحد وصل بنا الحال؟ وإلى هذا الحد صارت شعائر الإسلام وفرائضه أمر هيناً؟ فبأي حق تطلب فرنسا أو غيرها من دول أوروبا هذا الطلب الذي يتدخل في شؤون المسلمات الخاصة؟ بل الشؤون الدينية الخاصة بالمسلمين عامة، والتي لا يحق لأي شخص التدخل فيها. فقد كان على المسؤولين المغاربة التصدي لمثل هذه الأمور التي يُعتدى فيها على حرمات الإسلام، فالمغرب ليست بالدولة الهينة، فكان من الممكن تطبيق شروط معينه تتفق مع زيِّ المرأة المسلمة وحجابها، لا أن تتوجه حكومة المغرب للمغربيات بطلب لخلع الحجاب بالكلية، في مشهد انبطاحي عجيب. ثم هل يحق للمغرب أو لأي بلد إسلامي فرض شروط الإسلام وقوانينه على الغربيين؟ كالحجاب مثلاً، فهو فريضة إسلامية، هل تجرؤ حكومة المغرب أو غيرها من الحكومات الإسلامية على دعوة الغربيين بالالتزام بالضوابط الإسلامية، ومنها ارتداء النساء الغربيات الراغبات في الدخول إلى الأراضي العربية بالحجاب الشرعي؟ ساعتها ستقوم الدنيا ولن تقعد، فزعاً من التضييق على الحريات؛ فما الفارق إذاً بين هذه الحالة وحالة التضييق على المسلمات في فرنسا؟