شيعت جنازة الناشر المصري الكبير محمد مدبولي حسين، الشهير بلقب (الحاج مدبولي)، ظهر أول أمس السبت، بعد ان وافته المنية مساء الجمعه، عن عمر يناهز السبعبن عاما، واهو يعتبر رمزا من رموز حركة النشر في مصر، وتعتبر مكتبته جزء لا يتجزأ من معالم منطقة وسط القاهرة. "" بدأ الحاج مدبولي رحلته حين كان في السابعة من عمره، حيث كان يقوم بتوزيع الصحف في منطقة وسط القاهرة، في ميدان طلعت حرب، ولم يلتحق بالدراسة في أي مدرسة، ولكنه أحب العلم والثقافة من خلال عمله فعلم نفسه بنفسه. وكان من أوائل الكتب التي بدأ بنشرها مسرحيات لعدد كبير من الكتاب العالميين مثل جان بول سارتر وصموئيل بيكيت وغيرهما، خصوصا أن دور النشر التابعة للدولة لم تكن في ذلك الوقت تهتم بهذا النوع من الكتابات رغم نشاطها في اصدار مئات من امهات الكتب سنويا. كما أهتم في السنوات الأخيرة بنشر موسوعات في الفلسفة والتصوف والتاريخ دون أن ينحاز لشخص أو تيار، ومن أبرز منشوراته موسوعة تاريخية من ستة آلاف صفحة عنوانها "تاريخ مصر من بدايات القرن الأول الميلادي حتى نهاية القرن العشرين من خلال مخطوطة تاريخ البطاركة لساويرس ابن المقفع". وعرف عن الناشر المصري حرصه على توفير الكتب المحظور طبعاتها وتداولها في مصر ومنها كتب لمحمد حسنين هيكل، ورواية "أولاد حارتنا" للروائي المصري نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل في الآداب حيث ظلت تطبع في بيروت منذ الستينيات لكنها كانت تتاح لمن يطلبها من مكتبة مدبولي. وتعرض مدبولي عام 1991 لتهديد من متشددين بسبب توزيعه رواية عنوانها "مسافة في عقل رجل"، وفي العام نفسه صدر حكم قضائي بسجنه للسبب نفسه حيث وجهت للرواية تهمة ازدراء الأديان، وتضامن المثقفون مع مدبولي، وأوقف الرئيس حسني مبارك تنفيذ الحكم. وظل كثير من الكتب التي يصدرها مدبولي موضع شك من طرف السلطات ومنها بعض مؤلفات نوال السعداوي واخرها كتاب "الشيوخ المودرن وصناعة التطرف الديني". وآثار الناشر المصري ضجة عندما تخلص من كتابين للكاتبة المصرية المثيرة للجدل نوال السعداوي لتعرضهما للدين، وللذات الإلهية، وهما رواية "سقوط الأمام"، ومسرحية "الإله يقدم استقالته من اجتماع القمة". وعلل مدبولي حرقه ل3 آلاف نسخة وتحمله لخسائر تجاوزت ال70 ألف جنيه مصري بأنه رجل لا يحب المساس بالمشاعر الدينية، وآثار قرار مدبولي المخاوف من أن تكون خطوته "تمهيدا لناشرين آخرين ليقوموا برقابات داخلية إلى جانب الرقابة التي تفرضها الدولة.