في سابقة هي الأولى من نوعها، أصدرت محكمة الأسرة بالعاصمة الرباط قرارا قضائيا ترفض من خلاله طلب الزوج إجبار الزوجة على معاشرته جنسيا مع النفاذ المعجل. وتعود تفاصيل القرار إلى 9 مارس الماضي، بعد رفض المحكمة طلب الزوج بناء على أن المعاشرة الجنسية وما يقتضيه واجب المساكنة "الشرعية" بحسب المادة 51 من مدونة الأسرة هي في الوقت ذاته واجب وحقّ لكلا الزوجين. واعتبرت الهيئة في حكمها أن الهدف من المعاشرة الجنسية داخل مؤسسة الزواج لا يتمثل فقط في تلبية رغبات غريزية وقضاء عابر للوطر، بل قرنها المشرع بآداب المعاشرة التي يجب التقيّد بها من طرف الزوجيْن عند صفاء الجو بينهما. ولا يتصور قط احترام هذه الآداب متى وجد ما يكدر صفو الحميمية ويقوض انجذاب الشريك لشريكه، أضاف الحكم مؤكدا عدم جواز تنفيذ المعاشرة الجنسية من طرف الزوجة جبرا بعد الحكم بها قضاء. ومضت محكمة الأسرة بالرباط في تفسير الحكم باعتبار أن ذلك يجافي مقاصد الشرع من الجماع المتمثلة في بعث السرور عند الزوجين معا توطيدا للعلاقة بينهما، وذلك وفق نص الحكم الذي نشره موقع "المفكرة القانونية" التي تهتم بالاجتهادات القضائية في المغرب. سميرة موحيا، رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء، استقبلت الحكم بارتياح باعتباره مجسدا لروح المساواة بين الجنسين كما أنه فرصة لتدعيم المطالب المتعلقة بتعديل مدونة الأسرة وحذف نقاط الدونية والتمييز. وأضافت موحيا، في تصريح لهسبريس، أن القرار يربط الحقوق المعنوية للنساء بالمادية كذلك، رافضة الاستمرار في تكريس قضية الطاعة؛ ف"المرأة المغربية وصلت مستويات عالية وهي الأخرى كيان مستقل". وسجلت الفاعلة الحقوقية النسوية أن الحكم يكرس مبدأ التراضي في العلاقة الزوجية وبناءها على أساس الحب والاحترام عوض الاجبار، منبهة إلى أن التشريع المغربي لا يجرم الاغتصاب الزوجي. وشددت رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء على ضرورة تدعيم الهيئات بقاضيات نساء، مثمنة حضورهن في القرار الحالي باعتبارهن مطلعات على أمور يفهمها النساء دون غيرهن، مع أهمية الانفتاح على محاكم الاستئناف والنقض كذلك.