ينتشلني الفاسبوك من وحل الصمت، ويرفعني التويتر من وطن العبث، تنقذني مدونتي الثائرة من عمى الطاعة، يطير بي اليوتوب إلى ما وراء الحدود، أشتم به رائحة الثورة هناك، وعبق الحرية هناك، هناك وهناك أرى أشخاصا لا يركعون عندما يصافحون، لا يقبلون الأيادي عندما يحترمون، يصرخون بأعلى صوت عندما يرفضون لكنهم لا يقمعون من شرطتهم، لا يسحلون من قمصانهم، لا يسقطون ضربا وهراوة... بالأنترنت متنفسي، يومياتي مع الكرب والغضب...مع السخط والقنط...بالأنترنت أكتب عن حمير السلطان، عن قصة الحرية والرعية، عن وزراء التقية، عن قانون الهمجية، عن أفكار الرجعية ولحي الظلامية وخطر السلفية، عن قرارات في خدمة العلية، في الأنترنت أرسم الوطن كعكة، أخذوا كل شيء وتركوا للشعب ما في الصحن من فتات وبقية. بالأنترنت أتحرر وأتنفس... بالأنترنت أكتب عن حبي للرجل وللمرأة بكل علانية، بعالمي الافتراضي فقط أتحدث في نوافذ الشات مع الرجال بأريحية من دون أن أطالب بخلوة شرعية أو أحاكم لأني ضبطت بين أربع جدران في علاقة جنسية. بالأنترنت أقيم من دون أوراق إقامة رسمية ولا أتشبه بحمار الطاحونة لأؤدي سومة الكراء الشهرية. بالأنترنت أتجول دون أن تستوقفني السيارة البوليسية وتطلب مني أوراق التعريف الرسمية فقط لأني أتجول في الساعات الليلة بعد أن خنقني الوطن بقوانينه السادية... "ادخل باكرا، وإن خرجت فلا تكن عاصيا، سر جنب الحيط، وبارك في عمر سيدك صبحا وعشية! " أما بعد... فالموضوع كابوس المدونة الرقمية.... أخذتم كل شيء، أحكمتم رقابتكم على القنوات المغربية، قنوات تدفع تكاليفها من جيوب المغاربة بملايين الدراهم والنتيجة رأي واحد، خطاب رسمي، أخبار بائدة مستهلكة، محتوى عاهر فكريا، ونشرات إخبارية خائنة لأولويات الشعب، نشرات إقصائية وتهكمية على وعي مواطن مغربي أمسكوا بقرونه ليحلبوا جيوبه ضرائبا. الإعلام المغربي له مقص الرقابة، يمارس التسطيح بسياسة "العام زين"... خنقونا سمعيا بصريا وهرولوا ليخنقونا إلكترونيا بمدونة ديكتاتورية تعيدنا إلى عصر الفاشية. باقتراح من صاحب مقولة لو كانت "الديكتاتورية تطبق في بعض المجالات، لتطور المغرب بسرعة أكبر". مدونة الحفيظ العلمي في مادتها 24 تنص على احترام الطابع التعددي لتيارات الفكر والتعبير والرأي" لكنها تلزمك باحترام الدين الإسلامي، والوحدة الترابية والاحترام الواجب لشخص الملك والنظام الملكي... أية حرية تركتم وقد ضربتهم الحق في مناقشة منجزات الملك باعتباره مسؤولا قبل أن يكون مقدسا. أية حرية وأنتم تضربون حرية المعتقد وحرية مناقشة حقوق الشعوب في تقرير مصيرها. ستحرمني المدونة الرقمية، من أن أغضب في جداريات فاسبوكي من طقوس البيعة والانحناء وتقبيل اليد، ستحرمني المدونة من أن أسب المخزن وأنتقد العفو الملكي لأني حسب المدونة لا أحترم الملك، ستحرمني من أن أطالب برحيل بنكيران لأني وكما جاء في المادة 73 "أخالف المعتقدات السياسية السائدة لدى العموم" فمن هم العموم؟ وما هي المعتقدات السياسية السائدة؟ وإن كانت سائدة أليس من حقي رفضها؟ ستحرمني المدونة أن أتساءل عن حقي من الجميلين في الجنة بعد أن وعد الله الذكور بالحور العين، وسيحرمني من مناقشة جور قسمة الإرث وسطحية الحجاب، ونصف شهادة جعلتنا أنصاف نساء، ونقصان العقل والدين، ستحرم المدونة المئات من التصريح علنا في معلوماتهم على صفحات التواصل الاجتماعي بلا دينتيهم، بمسيحتيهم، بيهوديتهم، ببوذيتهم... ستوحد الآراء والميولات والأهواء، ستجعلنا متشابهين جدا مقهورين جدا جدا. ستحرمني المدونة من حميميتي، ستسلط علي أشخاص من مخزن العهد الجديد يراقبون ما أكتب، ما أعلق، ما أنشر وما لي نية نشره...ستمنح الحق للقضاء ليغلق حسابي، موقعي، وسيمنع الولوج إليه وستفعل كل ما تراه السلطة مناسبا لها بمقتضى المادة 32. اختنقت في وطني وأنا أستقل زحمة الحافلات العمومية وتراكم الأجسام فوق بعضها في قطارات الأعياد، وأنا أتجول في الشارع خوفا من نظرة المجتمع، وأنا أمسك بيد حبيبي خوفا من "لاراف" الشرطة، اختنقت في وطني وأنا أبحث عن عمل، وأنا أصرخ أمام البرلمان، وأنا أمسك أحشائي بين يدي وأبحث عن طبيب المداومة في المستشفيات العمومية، اختنقت في وطني وأنا أقمع من المدرس ثم الأستاذ ثم المحاضر. اختنقت في الكاريانات وفي أحسن الأحوال بالسكن الاقتصادي، اختنقت بالقروض البنكية، اختنقت من صناديق الاقتراع ومن وعود المنتخبين الكاذبة، من ظلم القضاء، من إدارة الرشوة...اختنقت فقرا، إهانة، ذلا، بردا، تهميشا، جوعا... اختنقت من نصب تذكاري للحرية يخلد في الذكرى المئوية ويصادق عليها في المواثيق الدولية ولا أثر لها بالحياة اليومية. اختنقت من كل شيء فاعطوني الأنترنت على الأقل واتركوني أتنفس في سلام. أذكياء جدا نحن إن أعلنا العصيان الإلكتروني، وأغبياء جدا نحن إن صدقنا أن المشروع قد تم تعليقه...تريدون جس النبض... جسوا ما شئتم منه لكنها لن تمر... وإن مرت فابنوا السجون وعلوا الأسوار، وحاكمونا جميعا بتهمة "الحرية"...سجن وسط سجن... لايهم. https://www.facebook.com/zhor.baki https://www.facebook.com/ecrivaine.zhor.baki?ref=hl