أجمع المتدخلون في الندوة التي نظمتها مؤسسة يدا في يد للتنمية المستدامة، بمدينة مكناس، الثلاثاء، على أن التغيير الجذري في الموقف الإسباني من قضية الصحراء المغربية، الذي عبرت عنه رسالة رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، إلى ملك المغرب، يشكل صفعة قوية لخصوم الوحدة الترابية، ومنعطفا غير مسبوق في العلاقات المغربية الإسبانية. ميلود بلقاضي، رئيس المرصد المغربي للدراسات الإستراتيجية والسياسية، قال في مداخلته خلال هذه الندوة، التي نظمت في موضوع "العلاقات المغربية الإسبانية: قراءة في رسالة رئيس الحكومة الإسبانية إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله"، (قال) إن "القراءة المتمعنة لرسالة المسؤول الإسباني تؤكد أنها رسالة استثنائية، إن في شكلها أو في مضمونها"، مبرزا أنها "تؤشر على تحول جيوسياسي، اعتبارا لكون إسبانيا، من الناحية السياسية والأخلاقية، هي المسؤولة بطريقة مباشرة عما يقع في الصحراء المغربية". وأوضح بلقاضي، الذي أشار إلى أن الموقف الإسباني الجديد هو نتيجة عمل سنوات، أن "ما يميز رسالة سانشيز هو تحمل المسؤولية والجرأة السياسية في اتخاذ القرار في هذا الوقت بالذات"، مبرزا أن "إسبانيا هي أكثر دولة أوربية وضوحا بموقفها هذا من قضية الصحراء المغربية". وشدد المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، على أن "رسالة بيدرو سانشيز حملت عدة معطيات أساسية، منها الاعتراف الواضح لإسبانيا بحماية الحدود الترابية للبلديين، واعتبار مشروع الحكم الذاتي أساسا لتسوية الخلاف وليس النزاع؛ فضلا عن وصف المغرب بالحليف الإستراتيجي لإسبانيا". وأضاف بلقاضي أن "الموقف الإسباني الجديد من قضية الصحراء ستكون له نتائج جد مهمة على ملف الوحدة الترابية للمغرب؛ لكون إسبانيا تفهم كل كواليس النزاع المفتعل، وتعرف جيدا ماذا تريد الجزائر"، مؤكدا أن "هذا الموقف سيضع حدا لأحلام حكام الجزائر بخلق كيان وهمي". وتابع متحدث الجريدة بأن "إسبانيا يمكنها أن تؤثر في مواقف باقي الدول الأوربية والأمريكية اللاتينية والإفريقية"، معتبرا الموقف الإسباني من قضية الوحدة الترابية "بمثابة ثاني انتصار تاريخي بعد الاعتراف الأمريكي بالوحدة الترابية للمغرب". من جانبه، أكد عبد الواحد اكريم، الأكاديمي المتخصص في العلاقات المغربية الإسبانية، في مداخلته خلال هذه الندوة، أن "رسالة رئيس الحكومة الإسبانية أدخلت، اليوم، العلاقات المغربية الإسبانية منعطفا تاريخيا غير مسبوق"، مبرزا أن "هذه الخطوة كان بإمكان إسبانيا القيام بها منذ سنوات، لكن السياق التاريخي وغياب الواقعية السياسية لم يكن يسمح لها بذلك". ويرى اكريم، في تصريح أدلى به لهسبريس، أنه "انطلاق من هذا التحول في الموقف الإسباني من الحياد إلى دعم المقترح المغربي سيتم تشكيل محور سياسي جديد هو محور الرباطمدريد"، مبرزا أن "الموقف الإسباني الجديد لا رجعة فيه، كما أن له دلالة خاصة؛ لكون إسبانيا، فضلا عن أنها المستعمر سابقا، تعرف أكبر نشاط للبوليساريو". وفي مداخلتها خلال فعاليات هذه الندوة، قالت نادية لعشيري، أستاذة باحثة في مسلك الدراسات الإسبانية بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، إن "الموقف الإسباني الجديد يشكل حدثا تاريخيا في العلاقات بين المغرب وإسبانيا"، مبرزة أن هذا القرار "يشكل صفعة قوية للجزائر، ويضع حدا لكل محاولاتها الدنيئة ضد الوحدة الترابية للمملكة المغربية". وأشارت الأستاذة الجامعية ذاتها، في تصريح لهسبريس، إلى أن "المغرب وإسبانيا بدآ صفحة جديدة في علاقتهما، تنبني على الثقة والشفافية والندية والمصالح المشتركة"، مبرزة أنها، فضلا عن توقفها عند أهمية مواصلة العمل وسط المجتمع المدني الإسباني، ركزت في مداخلتها على أهمية العلاقات الإنسانية التي تجمع بين الشعبين المغربي والإسباني. أما نعيمة بن فايدة، عن الجهة المنظمة للندوة، فترى أن تطور موقف إسبانيا من قضية الصحراء المغربية، إضافة إلى كونه مكسبا سياسيا واضحا يكرس علاقات بلدين جارين ويعيدها إلى الطريق الصحيح، فإنه يفتح بابا جديدة للدبلوماسية الموازية، خصوصا تلك التي يحركها النشطاء المدنيون، للإطلالة على دول أمريكا الجنوبية. وأضافت المتحدثة نفسها في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بصفتها رئيسة مؤسسة "يدا في يد للتنمية المستدامة"، أن هناك تحركات تتم فعلا في هذا الإطار مع عدد من التنظيمات الجمعوية الناطقة باللغة الإسبانية في أمريكا الجنوبية، ولها امتدادات بالمملكة الإيبيرية، وفق مقاربة تشاركية مع خبراء في الشؤون اللاتينية، وسيأتي وقت للكشف عن نتائجها التي تخدم القضية الوطنية الأولى للمغاربة وفق التوجيهات السامية للملك محمد السادس.