أقرت المحكمة الإدارية بالرباط مبدأ الاقتطاع من الأجر للمضربين في دعوى قضائية رفعها موظف عمومي ضد كل من رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، ووزير العدل المصطفى الرميد، ووزارة الاقتصاد والمالية محمّد بوسعيد، والخازن العام للمملكة نور الدين بنسودة، معتبرة إياه قانونيا لكنها بررت عدم تطبيقه في هذه القضية لكون الادارة خرقت "المسطرة الواجبة قبل الاقتطاع بعدم توجيه انذار بهذا الاقتطاع قبل مباشرته". وبررت المحكمة بالتنصيص على أن "حق الاضراب مضمون دستوري، إلاّ أنه من حق رئيس الإدارة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بضمان استمرارية نشاط المرفق العام، وفرض ضوابط قانونية وإجرائية تضمن عدم إساءة استعمال حق الإضراب لضمان السير العادي للمرافق الإدارية والقوانين المرعية، بما فيها حق اللجوء إلى الاقتطاع من الأجر طبقا لقاعدة الأجر مقابل العمل التي أقرها الاجتهاد القضائي في العديد من قراراته". المحكمة أفادت أيضا بأن هذا النظام يعمل به في العديد من الأنظمة القانونية المقارنة، اعتبارا لكون الأجر يؤدى مقابل قيام الموظف بالوظيفة المسندة إليه بصرف النظر عن طبيعة العلاقة التي تربطه بالإدارة وفق ما يستشف من الفصلين 26 و42 من قانون الوظيفة العمومية، مشيرة أن "الإضراب باعتباره انقطاعا عن العمل يعد تغيبا لا يندرج ضمن حالات التغيب المرخص به قانونا بصرف النظر عن مشروعيته، دون أن يشكل ذلك الإجراء عقوبة إدارية أو مصادرة لحق الإضراب المضمون دستوريا، ما دام انه لا يمنع حق الموظف وحريته في ممارسة الاضراب؛ غير أن تصرف الإدارة وتفعيلها لقرار الاقتطاع من الأجر، يظل خاضعا لرقابة المشروعية من طرف قاضي الإلغاء". وقال الطاعن إن الاقتطاع جاء دون اشعار مما أثر سلبا على التزاماته الاسرية والاجتماعية، وفي هذا الاتجاه تقدم بطلب لوزير العدل والحريات قصد استرجاع تلك المبالغ المالية المقتطعة بغير مبرر، على حد قوله مطالبا بالتعويض عن الضرر الحاصل له. مقابل ذلك توصلت المحكمة حسب منطوق الحكم بمذكرة جوابية من الوكيل القضائي للمملكة بصفته نائبا عن رئيس الحكومة ووزير العدل والحريات ووزير الاقتصاد والمالية والخازن العام للمملكة، والرامية الى عدم قبول الدعوى لخرق المادة 20 من القانون المحدث للمحاكم الادارية لعدم بيان وسائل الطعن، طالبا من المحكمة "رفض الطلب لمشروعية قرار الاقتطاع لان حق الاضراب وإن كان حقا دستوريا فهو لا يمارس بشكل تعسفي، وأن المعني تغيب مدة أربعة أيام دون مبرر مشروع، وأن الاجر يكون مقابل العمل، وأن الادارة احترمت المسطرة القانونية ووجهت استفسارا حول أسباب التغيب". مبررات الحكومة رفضها نائب الطاعن، مبرزا أن "تغيبه ليس تغيبا غير مشروع وإنما كان في اطار ممارسة حق الاضراب، المضمون دستوريا"، مشددا على أن "الاقتطاع كان مفاجئا ولم يسبقه اي استفسار، والتمس الحكم وفق سابق كتاباته".