"تمّ إعفائي من منصبي انتقاماً بقرار وقّعه بنكيران دون علمه بحيثيات قضيّتِي"، هذا هو عنوان ملف إبراهيم السايسي، قائد سجن ممتاز بالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، الذي تم إعفاؤه من منصبه في 21 شتنبر الماضي، بعد أشهر من إصداره تقريرا أثناء فترة تدريبه يتحدث عن اختلالات داخل السجن المحلي سلا1، إذ يتهم السايسي المندوبية باستخدامها ما وصفه بمنطق الانتقام بعد كشفه لما أسماها تجاوزات داخل الإدارة وأخرى في حق السجناء. ويطالب إبراهيم، الحاصل على دبلوم عال في علم الإجرام بنيويورك، خلال حديثه مع هسبريس، بفتح تحقيق عاجل من طرف رئيس الحكومة، عبد الاله بنكيران، في حالته، التي يقول إنها من بين حالات كثيرة، "هناك عدة شكايات رفعت لدى القضاء تتهم مندوبية إدارة السجون بالاختلالات في إدراتها"، مشيرا إلى أن ما يتم تداوله إعلاميا حول الوضعية "السوداء" داخل السجون صحيح "عاينت ذلك شخصيا حين بدأت العمل في السجن المحلي بسلا1..". بداية القصة.. يروي إبراهيم، (رقم إداري 13289) أنه مباشرة بعد تخرجه من فترة التدريب بإفران، تم إلحاقه كمتمرن بالمندوبية الجهوية لإدارة السّجون بسلا، حيث اشتغل لأسبوعين على تقرير من 3 صفحات حول الأوضاع بالسجن المحلي سلا1، وبالضبط بمصلحة الاستقبال والتوجيه، إذ لاحظ عدة اختلالات من بينها، عدم احترام السجن للقواعد المتعلقة بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية طبقا لقانون السجون رقم 28/23، إضافة إلى الخصاص المسجل في العنصر البشري، والوضعية غير السليمة داخل المكاتب (ضيقة وغير مجهزة..)، زيادة على عدم توفير آليات قانونية لاطلاع السجناء على القانون المنظم للسجون.. وتحدث التقرير، الذي حصلت عليه هسبريس، عما أسماه "أشياء لا بد من تصحيحها" داخل المعقل، من قبيل التمييز في إقفال الزنازن عن الجميع وطلب السجائر من السجناء وضعف التسيير الاحترافي للأحياء وبيد من حديد، فيما أشار إلى أن مدير المؤسسة السجنية لا يزور المضربين عن الطعام ولا حتى مرافق مؤسسته، فيما ختم إبراهيم التقرير بالقول "خلال أسبوعين من التدريب لم أرى أو أصادف مدير المؤسسة في أي مكان ماعدا قاعة الزيارة أو في مكتبه". يقول قائد سجن ممتاز المعفى من منصبه لهسبريس إن هذا التقرير كان الدافع المباشر في غضبة المندوبية الجهوية بسلا، التي قررت ترحيله عقابيا إلى السجن المحلي بالراشيدية، ليقرر بدوره الترافع في المحكمة الإدارية ضد القرار حول "الشطط في استعمال السلطة" ويحكم القضاء لصالحه، وبالتالي إرجاعه بعد مدة إلى مديرية الجهوية بسلا. قرار الإعفاء.. بعد عودته إلى سجن سلا1، التحق إبراهيم بمكتبه بتاريخ 24/12/2012 دون مهمة إلى جانب قائدة سجن ممتازة، "كان يقول لي مدير السجن حينها: اصبر حتى يفرج الله"، قبل أن تغادر زميلته المكتب إلى موضع آخر، ويتم تكليفه بمهام الاستقبال والتوجيه إلى غاية يونيو 2013، قبل أن يتم إعفاؤه نهائيا من منصبه بتاريخ 21/09/2013، وأن يشطب على اسمه من أسلاك المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج. يعلق إبراهيم على القرار بأنه غير قانوني وبأن رئيس الحكومة وقعه دون علم بحيثيات الملف أو اطلاع عليه، متهما المندوبية بالكذب والزور في حقه، "لم يتم استدعائي من طرف أي لجنة تأديبية ولم تراسلني المندوبية في شأن يخص مخالفتي للقوانين الجاري بها العمل داخلها"، يقول إبراهيم السايسي. ويستند المتحدث على قانون الوظيفة العمومية في الفصول 5 و6 و7، "النصوص واضحة تقول إن العقوبات التأديبية التي يمكن أن تصدر على الموظف المتمرن هي الإنذار والتوبيخ والإقصاء المؤقت لمدة لا يمكن ان تتجاوز شهرين مع الحرمان من كل أجرة.. وهي نصوص لم تتعامل بها المندوبية مع حالتي.. إذاً قرارها باطل وغير قانوني"، مشيرا أن الإدارة لم تستدعيه لأي مقابلة أو مجلس تأديبي أو لحضور اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء التابعة للمندوبية. ويثير إبراهيم قرارا سبق للمندوبية أن قامت بالتوجيه له، في حالة يقول إنها نادرة، بتهمة "إخراج الطعام من قاعة الأكل نحو المرقد وإصراره على تناول وجبة الغذاء بشكل يخالف الضوابط المعمول بها وعدم الامتثال للأمر الصادر إليه من طرف مؤطره" أثناء فترة التدريب بإفران، حيث تم إقصاؤه بشكل مؤقت عن العمل وبدون أجرة لمدة شهرين، وهو القرار الذي يصفه السايسي بالانتقامي والظالم.