بمبدأ أخف الضررين، انتصر أطباء متخصصون في السرطان لتعامل بديل مع التدخين، من أجل التقليل من مخاطره بوسائل لتغطية خصاص التبغ عند المدمنين، اعتمادا على رؤية "التقليل من المخاطر"، (Harm Reduction). تم هذا في إطار مؤتمر طبي دولي، استقبلته جامعة محمد السادس لعلوم الصحة بالبيضاء، اختتم ثالث أيامه الجمعة 11 فبراير الجاري. "التقليل من المخاطر" أو "الحد من الأضرار" منهج ينبه على الحاجة إلى تعامل بديل ذكي، مع قضايا الإدمان، وغيرها من الإشكالات الإنسانية، عبر سياسات عمومية تنطلق من أن الإنسان ليس مثاليا، ويجب عدم التعامل مع نزواته بمبدأ الكل أو لا شيء، من أجل علاج أنجع وأكثر واقعية. البروفيسور ديفيد خياط، الرئيس السابق لمصلحة الأنكولوجيا الطبية (علم السرطان) بمستشفى بيتيي-سالبيتريير بباريس الفرنسية، الرئيس السابق للمعهد الوطني للسرطان بفرنسا، مع تشديده على الضرورة الصحية البالغة لوقف التدخين، تحدث عن ضرورة اللجوء إلى وسائل بديلة في حالة عدم القدرة على التخلص من الإدمان. واستشهد البروفيسور بأبحاث حول ما يسبب السرطان ودور دخان الأوراق التي يلف فيها التبغ في ذلك، وإحصائيات تظهر أن 64 في المائة من المصابين بالسرطان يستمرون في التدخين رغم تسببه في مرضهم، والواقع التاريخي الذي أثبت أن المنع غير مجد بل يقوي فقط التجارة في الأسواق السوداء وشبكات الاتجار غير المشروع (مثل منع الخمور في أمريكا بداية عشرينيات القرن العشرين، إلى حدود مطلع الثلاثينيات). وتابع شارحا: "لوقف استنشاق الدخان، وتقليل نتائجه الضارة، يمكن اللجوء إلى السجائر الإلكترونية، أو التبغ المسخن، أو نوع التبغ الذي يوضع تحت الشفاه". البروفيسور المتحدث نفى أن تكون هذه الوسائل منعدمة الضرر؛ لكنه شدد على أنها أقل ضررا من استنشاق أوراق لف التبغ المحترقة، انطلاقا من مبدأ "عدم القول بمنع السياقة بسبب حوادث السير، بل الحث على استعمال حزام السلامة، أو التشجيع على استعمال الواقي من الشمس بدل (المنع) من التعرض لأشعتها".. بدوره، أكد ياسر السفياني، البروفيسور بكلية الطب والصيدلة بالرباط، أن "التدخين بجميع أنواعه، الكلاسيكي والإلكتروني، مضر بالصحة؛ لأنه يستعمل التبغ الذي له علاقة واضحة لا شك فيها بالسرطان"، وعلى أن الحل الأمثل يبقى "هو عدم التدخين على الإطلاق، منذ البداية". ثم استدرك البروفيسور السفياني قائلا في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: "التقليل من المخاطر نتحدث عنه، لأنه رغم جميع سياسات الدول المتقدمة، الأسكندنافية والأمريكية وفي فرنسا، لمحاولة التقليل من استعمال التبغ بمختلف أنواعه، تبقى دائما نسبة تستعمله من 25 إلى 30 في المائة من المواطنين، رغم السياسات التحسيسية، والزيادة في الثمن، ورغم منع التدخين في الفضاءات العمومية". وزاد البروفيسور بكلية الطب والصيدلة بالرباط: "هذه النسبة التي لم تستطع السياسات الصحية الوطنية منعها من التدخين هي التي نتوجه إليها. لا نجري إشهارا لهذه المنتجات (البديلة عن السيجارة)، ولا نقول إنها جيدة؛ بل نقول إن الناس الذين لم يستطيعوا التوقف عن التدخين رغم جميع الحلول والإمكانات الطبية، يتبين أن تقنيات التبغ المسخن لها ضرر أقل من التبغ الكلاسيكي؛ لأنها لا تستعمل الأوراق المحترقة التي تدخن، والتي تسهم بخمسين أو ستين في المائة في السرطان".