موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    موتسيبي: كأس أمم إفريقيا للسيدات المغرب 2024 ستكون الأفضل والأنجح على الإطلاق    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب        صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    وهبي: أزماتُ المحاماة تقوّي المهنة    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    فاطمة الزهراء العروسي تكشف ل"القناة" تفاصيل عودتها للتمثيل    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حزب العدالة والتنمية المغربي والمشاركة السياسية
نشر في هسبريس يوم 06 - 11 - 2013

تمهيد: لعبت الحركات الإسلامية في سياق الربيع الديمقراطي دورا أساسيا، مما بوأها مكانة استراتيجية داخل الحقل السياسي. لكنها واجهت تحديات صعبة أثناء القيام بمهامها على مستوى تدبير الشأن الوطني، نظرا لأسباب داخلية وخارجية، مع تباين من منطقة إلى أخرى، حسب السياق والمآل.
وفي هذا الإطار سنحاول مقاربة المشاركة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي، خاصة بعد الربيع الديمقراطي. اعتمادا على المحاور التالية:
أولا:التأسيس والمشروع:
تأسس حزب العدالة والتنمية سنة 1967 ، من قبل المناضل المرحوم الدكتور عبد الكريم الخطيب رفقة مجموعة من إخوانه. والذي كان يحمل اسم"الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية". وهو حزب سياسي وطني، يسعى انطلاقا من المرجعية الإسلامية، وفي إطار الملكية الدستورية، القائمة على إمارة المومنين، إلى الإسهام في بناء مغرب حديث، وديمقراطي، ومزدهر، ومتكافل. مغرب معتز بأصالته التاريخية، ومسهم ايجابيا في مسيرة الحضارة الإنسانية. ويعمل على تأطير المواطنين، والمشاركة في تدبير الشأن العام، وترسيخ قيم الاستقامة، والحرية، والمسؤولية، والعدالة، والتكافل.
وذلك من خلال منهج سياسي مرتكز على الالتزام والشفافية والتدرج، وإشراك المواطنين، والتعاون، مع مختلف الفاعلين، ساعيا إلى تمثل ذلك من خلال ممارسته اليومية، وبرامجه النضالية، وواضعا المصالح الوطنية العليا فوق كل اعتبار.(1).
وقد رفضت الإدارة الترخيص لحركة الإصلاح والتجديد، تشكيل حزب التجديد الوطني، ولرابطة المستقبل الإسلامي ، تأسيس حزب الوحدة والتنمية. وفتح الحوار مع الدكتور الخطيب رحمه الله، من أجل انضمام فصيل من الحركة الإسلامية إلى الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية، وبعد مشوار من التواصل، قبل الأمين العام للحزب، شريطة احترام الأسس التالية: الإسلام- الملكية الدستورية- نبذ العنف(2).
ومن المفاجآت المقدرة، أن سنة 1996 عرفت حدثين مهمين: أولهما التوحد بين حركة الإصلاح والتجديد، ورابطة المستقبل الإسلامي بعنوان جديد:"حركة التوحيد والإصلاح". وثانيهما انضمام أعضاء من الحركة الموحدة إلى حزب"الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية". وتم عقد مؤتمر استثنائي في نفس السنة.
ثانيا: المشاركة في الانتخابات التشريعية 1997- 2002-2007.
بهذا النفس الوحدوي، شارك الحزب في الانتخابات التشريعية سنة 1997. لكن بعدد محدود من المرشحين ، حصل فيها على تسعة مقاعد، والتي تطورت إلى 14 مقعدا ، خلال الولاية النيابية (1997-2002). وكان شعار الحملة الانتخابية هو:" من أجل نهضة شاملة، أصالة- عدالة- تنمية".
وخلال سنة 1998 تم تغيير اسم الحزب من"الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية" إلى " حزب العدالة والتنمية". وفي سنة 2002، حصل حزب العدالة والتنمية على 42 مقعدا. مما أثار انتباه المهتمين والمتتبعين. لكن الأحداث الإرهابية التي عرفها المغرب سنة 2003، كادت أن تخلق متاعب للحزب لولا رؤيته الاستباقية التي انطلقت من التنديد بما وقع(3). وحكمة جلالة الملك الذي ألقى خطابا ساميا يوم 22 ماي 2003، منددا بالتطرف الديني واللاديني. وفي سنة 2007 شارك حزب العدالة والتنمية، في الانتخابات التشريعية، وحصل على 46 مقعدا. مما تأكد للجميع أن هذا الحزب في تطور مطرد، رغم الإكراهات، مما بدأ التفكير في المضايقة عليه، لكن دون التفريط فيه، لأنه أصبح معادلة صعبة في المشهد السياسي، خاصة وأنه تربى في المعارضة لمدة 14 سنة. إلا أن انطلاق الربيع الديمقراطي، في تونس وغيرها غير المعادلة. كيف ذلك؟
ثالثا: الربيع المغربي ودستور 2011:
عرف المغرب على منوال مجموعة من دول منطقتنا، أحداثا واحتجاجات، خلال 20 فبراير، تطالب بإصلاحات سياسية ودستورية، تفاعل معها جلالة الملك من خلال خطاب 9مارس 2011، حيث رسم خريطة طريق لدستور جديد، اعتمدت فيه المقاربة التشاركية، وهي سابقة في التاريخ السياسي المغربي، مما ترك انطباعا وارتياحا، لدى أغلبية المغاربة.
وتمت المصادقة على الدستور يوم 1 يوليو 2011، بنسبة 9.909.356 "نعم"، و154. 067 "لا"(4).
ومن خلال المقتضيات الجديدة، توسعت اختصاصات السلطة التشريعية من خلال ما يلي(5):
- المعارضة مكون أساسي في المجلسين.
- يجرد من صفة عضو في أحد المجلسين ، كل من تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه.
-ينتخب أعضاء مجلس النواب بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات.
- يمكن جمع البرلمان في دورة استثنائية.
- تشكيل لجان نيابية لتقصي الحقائق.
- يصوت البرلمان على القوانين ، ويراقب عمل الحكومة، ويقيم السياسات العمومية.
- لرئيس الحكومة ولأعضاء البرلمان على السواء حق التقدم باقتراح القوانين.
- يخصص يوم واحد على الأقل في الشهر لدراسة مقترحات القوانين، ومن بينها تلك المقدمة من قبل المعارضة.
وللإشارة فالعناوين المقدمة في فهرست الدستور تبرز القفزة النوعية التي حققها دستور 2011، بالمقارنة مع دساتير" 62- 70-72- 92- 96". والتي جاءت كالتالي:
- أحكام عامة.
- الحريات والحقوق الأساسية.
- الملكية.
- السلطة التشريعية.
- السلطة التنفيذية.
- العلاقات بين السلط.
- السلطة القضائية.
- المحكمة الدستورية.
- الجهات والجماعات الترابية الأخرى.
- المجلس الأعلى للحسابات.
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
- الحكامة الجيدة.
- مراجعة الدستور.
- أحكام انتقالية وختامية.
رابعا: أطروحة حزب العدالة والتنمية:(6)
ومادام حزب العدالة والتنمية ، سيترأس تحالفا حكوميا مكونا من أربعة أحزاب:(حزب الاستقلال- الحركة الشعبية- وحزب التقدم والاشتراكية)، فقد استغل مؤتمره العادي في نسخته السابعة من أجل تقديم أطروحة أمام المؤتمر،- والذي بالمناسبة تميز بنجاح كبير اعتبره المتتبعون الجلسة الافتتاحية النوعية في التاريخ السياسي المغربي،- من أجل رسم خريطة الطريق الفكرية والسياسية للمرحلة. باعتبارها أطروحة سياسية جديدة، من أجل مرحلة سياسية جديدة، والتي تضمنت المحاور التالية:
بعد جرد مستفيض، حول المناخ الدولي والإقليمي، خلصنا إلى أن إرادة الشعب من قدر الله، والاستبداد مفسدة، والفساد رأس الداء، والإصلاح يجب أن يتم بقرار واع، ومبادرات استباقية.
وبعد مرحلة التحكم السياسي، والتراجع الحقوقي، وقع انفراج بعد التصويت على الدستور، وتنظيم انتخابات اطمأنت لها الأغلبية. رفع حزب العدالة والتنمية، شعارا محوريا مفاده: لا إصلاح بدون استقرار، وبناء عليه، ركزت الأطروحة على البناء الديمقراطي، والتشاركي.
معتمدا على الاختيار الديمقراطي، والإصلاحات الدستورية والسياسية. انطلاقا مما يلي: المرجعية الإسلامية- ملكية ديمقراطية قائمة على إمارة المومنين- صيانة الحريات العامة وحقوق الإنسان- فصل السلط والتوازن بينها- برلمان ذو مصداقية وبصلاحيات واسعة وحكومة منتخبة ومسؤولة- استقلال القضاء- جهوية متقدمة، بضمانات دستورية- الحكامة الجيدة- التنزيل الديمقراطي للدستور- --
وبناء على ذلك ، رسم حزب العدالة والتنمية، منهجية لهذا البناء الديمقراطي. انطلاقا من الاستثناء المغربي، والمشاركة السياسية من داخل المؤسسات، ونزاهة الاستحقاقات الانتخابية، اعتماد منطق الشراكة: الشراكة مع المؤسسة الملكية من أجل علاقة متوازنة، ومنتجة، وشراكة مع الأحزاب السياسية والمؤسسات المنتخبة، ثم مع المجتمع المدني، وسائر الفاعلين الاقتصاديين، والاجتماعيين...
وتنزيلا لما سطر أعلاه، وضع حزب العدالة والتنمية معالم مشروع مجتمعي يعتمد على: الشق السياسي والمؤسساتي ، وبلورة نموذج مجتمعي، وطني يعبأ له الجميع، واعتماد شراكات الدولة مع المجتمع الدولي، والدفاع على المرجعية الإسلامية للدولة والمجتمع، والانتقال من الدفاع إلى المبادرة، باعتبار أن الإسلام له دور فعال في صناعة القوة، في التجربة التاريخية، والحضارية، للأمة، بناء على الوسطية والاعتدال. وتنزيل مبادئ الإسلام وأحكام ومقاصده، من خلال كسب بشري متغير. لذلك فحزب العدالة والتنمية حزب سياسي، مدني ذي مرجعية إسلامية، له برنامج سياسي، مدني يعمل على تطبيقه وفق القواعد الديمقراطية، وتجيب على الأسئلة المطروحة سياسيا باعتبارها من قضايا تدبير الشأن العام. كما ميز الحزب بين الاشتغال الحزبي، والسياسي، من حيث الأدوات والخطاب، والاشتغال الدعوي الديني، وهذا لايعني الفصل التام بين الدين والسياسة. أنذاك يتم الاشتغال بقضايا المرجعية والهوية، من الناحية السياسية بأدوات الخطاب السياسي.
والإقرار بمبدأ عدم الإكراه في العقيدة، يجرنا إلى مبدأ حرية الإبداع، وحماية الحرية الفردية، والجماعية، ولكن ليس الإقرار بمبدأ شاذ للحرية. لأن الملاءمة واجبة بين الحرية والمسؤولية. والتوفيق بين الكونية والخصوصية، مع احترام مجالات ومرجعيات مختلفة، لأنه ليس هناك تعبير مطلق، ونهائي، لكافة القضايا .
انطلاقا مما ذكر، وضع حزب العدالة والتنمية برنامجا تنمويا، ركز على الإنسان محورا للتنمية، والانفتاح الاقتصادي، والمبادرة الحرة، والملكية الفردية، المواطنة، والشراكة الاقتصادية، وإعادة الاعتبار لقيمة العمل.
كل ما ذكر يحتاج على المستوى الحزبي، التأطير والتكوين ، وتعميق الثقافة والممارسة الديمقراطية، والانفتاح وتدبير الموارد البشرية، وتهيئ الكفاءات والأطر. والتمايز بين السياسي والحزبي، وتفعيل التواصل والإنتاج السياسي.
خامسا: الانتخابات التشريعية ل2011 ومنطق التحالف الحكومي:
بعد التصويت على دستور 2011، نظم المغرب انتخابات في نفس السنة، بتاريخ 25 نونبر. حيث تميزت برفع اليد من قبل الإدارة، مما فتح المجال لانتخابات ، ليست كمثيلتها من حيث النزاهة، مما جعل حزب العدالة والتنمية، يحتل الرتبة الأولى، ب107 مقاعد. وكون الدستور ينص على أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب السياسي، الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب.(7). فقد فتح رئيس الحكومة مشاورات طويلة مع جميع الأحزاب، إلا من أعلن اصطفافه في المعارضة، ومن اجل تنصيب الحكومة عرضت الحكومة المكونة من (العدالة والتنمية- حزب الاستقلال- الحركة الشعبية- التقدم والاشتراكية). على البرلمان الخطوط العريضة للبرنامج الحكومي. والذي توج بتصويت بالأغلبية المطلقة من مجلس النواب، حتى تصبح الحكومة منصبة دستوريا.
وقد اعتمد البرنامج الحكومي (8)على ثلاث ركائز: العمل المندمج- المقاربة التشاركية- ربط المسؤولية بالمحاسبة. وخمس توجهات كبرى:
أولا: تعزيز الهوية الوطنية، الموحدة، وصيانة تلاحم وتنوع مكوناتها، والانفتاح على الثقافات والحضارات.
ثانيا: ترسيخ دولة القانون والجهوية المتقدمة والحكامة الرشيدة الضامنة للكرامة،والحقوق والحريات والأمن والقائمة على المواطنة الحقة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، والحقوق بالواجبات.
ثالثا: مواصلة بناء اقتصاد وطني، قوي ومتنوع الروافد القطاعية والجهوية ، وتنافسي،ومنتج، للثروة، وسياسة اقتصادية ضامنة للتوزيع العادل لثمار النمو.
رابعا: تطوير وتفعيل البرامج الاجتماعية بما يضمن الولوج العادل إلى الخدمات الأساسية، خصوصا التعليم، والصحة، والسكن. ويكرس التضامن وتكافؤ الفرص، بين الأفراد والأجيال والجهات.
خامسا: تعزيز التفاعل الإيجابي مع المحيط الجهوي والعالمي، وتقوية الأداء العمومي، لخدمة المغاربة المقيمين في الخارج.
سادسا: التحديات المطروحة أمام الحكومة:
سأتناول هذا المحور انطلاقا من ثلاث نقط:
1/ فوز العدالة والتنمية:
ذهب الدكتور ميلود بلقاضي ، أستاذ القانون الدستوري، والمؤسسات السياسية(9) إلى أن فوز حزب العدالة والتنمية ب 107 مقاعد، يمثل ظاهرة سوسيولوجية تستحق البحث لأربعة أسباب:
1/ التصاعد التدريجي المثير للحزب.
2/ تجاوزه نسبة 25 في المئة، من عموم المقاعد النيابية، المخصصة لمجلس النواب، رغم تعقيدات القوانين القانونية.
3/ 23 دائرة انتخابية بمقعدين.
4/ الفوز في أكبر المدن المغربية.
إن فوز الحزب بهذه الانتخابات سوف يقدم خدمات مهمة للدولة، نقدمها على الشكل التالي:
1- تقوية شرعية الدولة وتلميع صورتها خارجيا.
2- إعطاء مصداقية أكثر لنتائج هذه الانتخابات.
3- إمكانية احتواء الحراك الاجتماعي.
4- البرهنة على أن مواجهة الفساد لن يتحقق من خارج المشاركة السياسية.
5- الحد من اكتساح الحزب إذا بقي في المعارضة.
6- ترسيخ مبدأ التداول على السلطة.
7- التأكيد على احترام الدولة، لإرادة الشعب في التغيير.
8- البرهنة على أنه بقدر ما فاز حزب العدالة والتنمية، فبقدر ما فازت الدولة سياسيا.
2/ الواقعية السياسية لحزب العدالة والتنمية:
ذهب الأستاذ رشيد مقدر(10) بأن حزب العدالة والتنمية يمتاز بالواقعية السياسية، والتي تتجلى في احتكاك حزب العدالة والتنمية المباشر، بمعترك الصراع الإيديولوجي، والمنافسة الانتخابية. واعتماد رؤية سياسية إصلاحية، راهنت على العمل من داخل المؤسسات، الرسمية، ووعيه لمنطق الحكم، والدولة والسياسة. وسعيه لفهم السياسات، العمومية المنتهجة من لدن الحكومات السابقة. وتقييمها من موقع المعارضة السياسية.
3/ حماية الإصلاح الديمقراطي:
من خلال ما تقدم فالمغرب أمامه مهمة حضارية تتجلى في مساهمته ضمن شرفاء هذا الوطن من أجل حماية الإصلاح الديمقراطي، من خلال ما يلي (11):
تجنب البلاد سيناريو المجهول، واستكمال المهام واستحقاقات المرحلة السياسية، وإقرار سياسات اجتماعية واقتصادية عادلة، وتطوير الخطاب السياسي، بالتركيز على المرحلة وفعالية الزمن السياسي، وتحفيز أوراش الإصلاح. والجواب السياسي للحراك الشعبي، الذي تفاعل معه المغرب الرسمي.
وتأهيل الحقل الحزبي، وتمرينه على الحياة الديمقراطية السليمة، وكسب جولات الأخلاق، والتخليق والتدافع بشرف ، والوفاء بالمواثيق والعهود حتى مع المخالفين.
سابعا: محطات من العمل الحكومي:
إن الاهتمام بالحكومة يمتح مشروعيته من كونها تأسست في مرحلة دقيقة سياسيا، على مستوى منطقتنا حيث تعج باحتجاجات شعبية تندد بالاستبداد والفساد. وفي تحالف حكومي يقوده العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية، وفي نطاق الدستور الأول في عهد الملك محمد السادس.
وكون المرحلة انتقالية، فإنه من الواجب تهييء ترسانة قانونية ، تلاؤما مع المقتضيات الدستورية الجديدة. لذلك ولأول مرة في التاريخ السياسي المغربي وضعت الحكومة مخططا تشريعيا(12) والذي ركز على قسمين:
- الإطار العام للمخطط التشريعي.
-المضامين التأسيسية للمخطط التشريعي.
وقد ركز القسم الأول على المبادئ الموجهة، ومراحل الإعداد، والنتائج المتوصل إليها، ومضامين التدابير التشريعية الواجب اتخاذها لتنفيذ بعض مقتضيات الدستور، المعطيات المتعلقة بمشاريع النصوص التشريعية المقترحة من قبل السلطات الحكومية، والتدابير والإجراءات المقترحة من الإنجاز والمواكبة.
أما القسم الثاني فتضمن التدابير التشريعية الواجب اتخاذها لتنفيذ بعض أحكام الدستور، من حيث القوانين التنظيمية، والقوانين الجديدة المتعلقة بمؤسسات الحكامة، والتدابير التشريعية الجديدة، وميثاق المرافق العمومية، تطبيقا للفصل157 من الدستور، ومشاريع القوانين المقترحة من قبل القطاعات الوزارية، من حيث قوائم مشاريع القوانين المقترحة مصنفة حسب القطاعات الوزارية، وجدول تفصيلي بالمجموع العام للنصوص المقترحة.
إضافة إلى الملاحق.
ورغم زمن الحكومة القصير ، فقد استطاعت أن تحقق انجازات مهمة يمكن الإشارة إليها من خلال ما يلي:
من أجل فهم ما وقع لا بد من استحضار الأزمة الاقتصادية العالمية والحراك الديمقراطي والسياق العام الذي عاشه المغرب من 20 فبراير إلى الخطاب الملكي ل9 مارس والتصويت على دستور 2011 و انتخابات 25 نوفمبر2011.
إن الحكومة أنجزت عملا مثمرا ، إلا أن هناك تحديات كبيرة لكن الأفق واسع ومليء بالأمل.
إن محاربة الاستبداد وفتح مجالات الإصلاح حري بأن يفتح شهية الجميع للخوض في هذا الموضوع. حسب تقديري فإن المعادلات الصعبة التي تواجه الحكومة هي التالي:
-الإصلاح في إطار الاستقرار.
-التوفيق بين الخيارات الاقتصادية والمتطلبات الاجتماعية.
-الحفاظ على البنية المالية والاقتصادية من التأثر بالأزمة الاقتصادية.
ومن أجل مقاربة الموضوع أعلاه يمكن التركيز على ما يلي:
إن أهم قيمة نعتز بها هو أن إرادة الإصلاح مشتركة بين الجميع. أما الاستثناء فلا يقاس عليه.خاصة على مستوى التنزيل الديمقراطي للدستور، والتخليق والحكامة...وبناء المؤسسات التي تشكل الرئة التي يتنفس من خلالها الإصلاح.كما أصبحنا نرى الاهتمام بالسياسة وبالمؤسسات..وهذا مؤشر مهم.والابتعاد عن المحسوبية والزبونية في كثير من القضايا وذلك بفضل نضال الجميع.وهناك حركية داخل الأحزاب السياسية من أجل الحضور الديمقراطي...ولم يبق مستقبلا إلا العمل على الجدية والمشروعية لأن الشعب هو الذي يريد. وقد رفعت الأيادي الخفية التي تشوش على العملية الانتخابية.ولم يبق أمامنا إلا الاختيار الديمقراطي الذي صوتنا عليه جميعا.
وكون المحور القيمي هو الأساس فقد انبثقت عنه قيم متعددة يمكن تلخيصها فيما يلي:
لقد دعمت الحكومة صندوق التماسك الاجتماعي ب2مليار درهم ونصف. و خصص لصندوق التماسك الاجتماعي 160مليون درهم، والذي ستستفيد منه ابتداء حوالي 40ألف امرأة. يهم النساء المطلقات اللواتي لايملكون أزواجهم صرف النفقات على أزواجهن. ومن أجل التقليص من الجفاف الذي ساد قبل أمطار الخير تم تخصيص 2 مليار درهم مع رفع الدعم لصندوق التنمية القروية إلى 2 مليار درهم...أما التقاعد لبعض الفئات الذي كان هزيلا جدا فقد رفعته الحكومة إلى 1000درهم. وتم تخصيص 13 مليار درهم للحوار الاجتماعي الذي نتمنى أن يخرج بنتائج ترضي الجميع..وبغية في الرفع من المستوى التعليمي خصص للتعليم حوالي 42مليار درهم وتماشيا مع منطق التغطية الصحية فقد رصدت للصحة 12مليار درهم. وفي هذا الإطار تمت عملية التخفيض من ثمن الأدوية بنسب تتراوح بين 50 و80 في المائة. وتطور دعم الأدوية من 600مليون درهم إلى مليار و400مليون درهم. وقد يبلغ عدد المستفيدين أكثر من 8 ملايين مستفيد. وقد حصلوا على البطاقة حوالي 6ملايين.
ومن أجل مكافحة الفساد وتخليق الحياة العامة وربط الإدارة بالمواطن. فقد تمت إحالة تقارير المجلس الأعلى للحسابات على القضاء. واستقبال الشكايات من قبل مصالح الحكومة.ومواجهة ريع السكن الوظيفي لكل من أنهى خدمته بالقطاع العام. والإعلان عن مجموعة من اللوائح من باب الشفافية والوضوح وإخضاع الكل لاحترام دفتر التحملات...وفي هذا الإطار تم تنظيم المرافق العمومية بناء على الشفافية والمساواة وتحمل المسؤولية.
وانطلاق العمل برسم السياسات العمومية بناء على مقتضيات الدستور. وهذا يجرنا للحديث على الشق التشريعي، حيث وضعت الحكومة مخططا للتشريع حتى يكون الجميع على بينة. وقد صادق المجلس الحكومي على أكثر من ثمانين نصا قانونيا.من بينها قانون تنظيم هم التعيين في المناصب والذي بدأ يحررها من الزبونية والاحتكار.ويطلق العنان للفعاليات أن تبسط كفاءتها أثناء الترشيح للمناصب. إضافة إلى إصدار الحكومة لأكثر من 3000 قرار حكومي من أجل النظر في قضايا مستعجلة. مع التنسيق مع هيآت المنافسة والنزاهة. وتشجيعا لأداء الضرائب تم الإعفاء من الديون المترتبة عن التأخير والتي قدرت ب36مليون درهم. وإنعاشا للعقار تم رصد 6مليار درهم، وفرض ضريبة على الأراضي التي تعدت 5 سنوات .والأراضي التي أدمجت في المدار الحضري.
وقد وضعت الحكومة آليات بغية محاربة الفساد وذلك من خلال: الشفافية وتكافؤ الفرص وربط المسؤولية بالمحاسبة والامتياز بالاستحقاق. ومن الأمثلة على ذلك اقتطاع أيام الإضراب ورد الأراضي غير المستثمرة إلى حظيرة الدولة ثم التوظيف عن طريق المباراة...
ودعما للتمدرس فإن برنامج تيسير أضاف 1000طفل بمعدل 460 أسرة:700ألف مستفيد والتفكير مستقبلا في التنسيق مع كل المصالح المركزية والمحلية من أجل التوزيع العادل للمساعدات.
وتم دعم صندوق التنمية القروية بمليار درهم سنة 2012 ومليارين درهم 2013
لكن المشكل المطروح هو صندوق المقاصة الذي انطلق من 4مليار درهم إلى 52 مليار درهم وهذا من الإصلاحات الجوهرية المعتكفة عليها الحكومة، إضافة إلى صندوق التقاعد، والنظام الضريبي...
ومن القضايا الاستراتيجية كذلك العمل على إخراج البنوك التشاركية خلال سنة 2013 وإحالتها على البرلمان. وقد استفاد الطلبة من هذا الإصلاح وإن كان قليلا على أمل تطويره في المستقبل وذلك بزيادة 200 درهم لطلبة الإجازة و300 درهم لطلبة الماستر.مع تخصيص 50 ألف منحة للتدريب قصد التهيئ للعمل...
كل هذا يتم متوازيا مع ترشيد النفقات العمومية والتي وفرت لمالية الدولة5مليار درهم..ومحاربة للموظفين الأشباح تم اعتماد المراقبة الالكترونية وتهيئ تقرير سنوي في الموضوع والتبليغ بهم واتخاذ إجراءات تأديبية في حق الحالات المتورطة....
ومزيدا من الشفافية تم الإعلان على أكثر من 400 مباراة وتم توخي الشفافية على قدر المتاح وتشكيل لجنة للمتابعة. والاهتمام بالتعليم والصحة....
ومحاربة للرشوة انطلق المشروع بالتدرج انطلاقا من اللوحات الاشهارية...والدفاع عن المبلغين ..
ومن الناحية الاقتصادية فقد اتخذت إجراءات مهمة نذكر منها :تبني لجنة الاستثمار مشاريع قدرت ب38 مليار درهم وإعطاء الحق في 20 في المائة للمقاولات الوطنية المتوسطة والصغرى..والرفع من نسبة الاستثمارات الخارجية إلى 19 في المائة. والإعفاء من عقوبة التأخير في السداد. وتشجيع المقاولات غير المهيكلة للالتحاق بغير المهيكل. وتبني مراسيم مهمة تتعلق بالصفقات العمومية والشراكة بين القطاع الخاص والعام والحماية التجارية غير الجمركية...والسعي إلى التحكم في العجز..مع ترشيد النفقات العمومية ..وتشجيع الاستثمار ووضع لجنة خاصة تهتم بحل كل المشاكل العالقة...مما شجع المستثمرين الدوليين والمغاربة على فتح وتطوير المجال الاستثماري...أما المؤسسات العمومية فنذكر على سبيل المثال لا الحصر المكتب الشريف للفوسفاط الذي بلغ رقم معاملاته 56مليار درهم سنة 2011 وتخصيص 120مليار درهم إلى حدود 2020.....
وتسعى الحكومة إلى تهيئ مرسوم يسهل على الموظفين الاستفادة من السكن الوظيفي الذي يستغلونه...كما وضعت خطة لتطوير البحث العلمي..انطلاقا من الهيكلة والتعزيز والتحفيز والتعبئة والشراكة والحكامة والدعم ولذلك تم الرفع من الميزانية بنسبة 10 في المئة...
كما تعمل الحكومة على بسط الحكامة القضائية وذلك من خلال تعميم التكنولوجية والرفع من جودة البنيات التحتية للمحاكم والمرافق العمومية بغية إحداث التناغم بين الشكل والمضمون الذي يسعى الحوار الوطني حول إصلاح العدالة أن يحققه اعتمادا على مقاربة تشاركية...كما نستحضر التطور الذي عرفته الدبلوماسية المغربية.
إضافة إلى ما ذكرت يمكن الإشارة إلى إجراءات أخرى يمكن أن نوجزها فيما يلي:
- إشراف المحررين القضائيين على تعييناتهم أمام وزير العدل والحريات وطاقم الوزارة بكل شفافية ووضوح.
-تخصيص 238 مليون درهم لإنعاش برامج دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة.
- تخصيص برنامج امتياز 120 مشروعا. ومساندة 700 مشروع، وإنماء بنسبة 25 في المئة.
- تقليص نفقات اقتناء السيارات بنسبة 44 في المئة.
- التقدم في رتب التنافسية العالمية من 73 إلى 70.
- توقيع مؤخرا 8 عقود تهم الاستثمار في مجال السيارات بمبلغ 600 مليون درهم و5700 منصب شغل.
- ارتفاع نسبة الطلبة المستفيدين من المنح من 185 ألف طالب إلى 216 ألف طالب. والمنح من 700 مليون درهم إلى مليار و 200 مليون درهم.
نخلص مما سبق أن هذه محطات مساهمة منا في تسويق العمل الحكومي . وللإشارة فإن الحكومة عازمة على توثيق كل أعمالها. وهذا عمل سيفتح نقاشا جديا داخل المجتمع تفعيلا للديمقراطية. وتبقى هذه وجهة نظر قد تتدافع مع رؤى أخرى وهذا هو عمق التداول الديمقراطي. المهم أن نضع قاطرة الإصلاح على سكة واقعية ومتينة.....
ولا شك أن ما أنتجته الحكومة يفوق بكثير ما ذكرت خاصة على مستوى التجهيز والنقل والسياحة والإدارة العمومية والمؤسسات الترابية ..
وفي تقديري إن المغرب شكل نموذجا على المستوى الإقليمي وهو في حاجة إلى مجهودات الجميع من أجل إنجاح المرحلة الانتقالية، وضبط إيقاع التنمية الحضارية للأمة المغربية . والاجتهاد في التنزيل الديمقراطي للدستور.والمعركة المفصلية اليوم بين الفساد بشتى أشكاله والإصلاح بكل امتداداته.(13).
وفي هذا الإطار نشير إل أن التحديات كبيرة ، ومن الواجب أن ننهج أسلوب الحكمة والتعقل في التعامل مع قضايا متعددة، نحو التفعيل الديمقراطي للدستور، وحسن تدبير العلاقات بين المؤسسات الدستورية وعلى رأسها المؤسسة الملكية، والحفاظ على الاستقرار، وزرع الثقة، وتحسين مناخ الأعمال، وغرس مبادئ الشفافية والحكامة الجيدة، وبناء دولة الحق والقانون، والمؤسسات. والحفاظ على المسار الإصلاحي الذي رسمناه جميعا. وبناء علاقات خارجية مرنة مبنية على التعاون ومساندة القضايا العادلة في العالم بالحكمة والتعاون.
وفي هذا الإطار، اتخذت الحكومة على عاتقها فتح الأوراش الكبرى، التي ظلت عالقة ، وتحتاج إلى جرأة سياسية نحو: إصلاح العدالة، والإدارة، وصندوق المقاصة، والتقاعد، والنظام الجبائي، والضريبي، والقانون التنظيمي للمالية، والتربية والتكوين، والنظام البنكي في أفق إحداث أبناك تشاركية ضمن المنظومة البنكية، وأوراش أخرى، بمقاربة تشاركية، بناء على الاختيار الديمقراطي الذي أصبح ثابتا من ثوابت الأمة الجامعة.
ثامنا: العمل البرلماني
يتكون البرلمان المغربي من مجلسين: مجلس النواب، ومجلس المستشارين، وبعد دستور 2011، أعيد انتخاب أعضاء مجلس النواب ، يوم 25 نونبر 2011، وقد حصل حزب العدالة والتنمية على 107 مقاعد، متبوعا بحزب الاستقلال الذي حصل عل 60 مقعدا، والذي انسحب مؤخرا من الحكومية، وأعيد تشكيل حكومة في نسختها الثانية بانضمام حزب التجمع الوطني للأحرار إلى التحالف الحكومي، في تفاعل ديمقراطي مهم. أما مجلس المستشارين فقد أخرت الاستحقاقات المتعلقة بة إلى 2015/2016. وليس لحزب العدالة والتنمية تمثيلية داخل هذا المجلس، لكن له شراكة مع نقابة" الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب"، إضافة إلى وجود تمثيلية محترمة للأحزاب المشكلة للتحالف داخل هذا المجلس.
وقد بوأ الدستور مجلس النواب الصدارة من حيث الاختصاصات ، والذي يضم تمثيلية نسائية تقدر بوجود 60 نائبة برلمانية، و30 نائبا من فئة الشباب، بناء على لوائح وطنية تقدم من قبل الأحزاب للتباري يوم الاقتراع.
- فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب:(14)
إن عجز الوسطاء السياسيين عن القيام بأدوارهم التقليدية. عرض البلاد لخطر فقدان الاستقرار. إذ اضطر جزء مقدر من الشعب المغربي إلى أخذ زمام المبادرة بيده, بعد أن لمس هذا العجز. فحمل مطالبه السياسية والاجتماعية وخرج بها إلى إلى الشارع بشكل مباشر يوم 20 فبراير 2011. لابد من الانتباه أيضا إلى أن حقل الوساطة السياسية وإن كانت السمة الغالبة عليه هي المحافظة. فإنه لا يخلو من قوى إصلاحية داخله سواء عند النظر إليه مجتمعا. أو عند النظر إلى كل حزب على حدة.
والتحدي الكبير اليوم على البرلمان، هو تفعيل الدستور. ليس كميا من عدد القوانين، التنظيمية، والقوانين المرتبطة بتنزيل بعض المؤسسات الجديدة. أو ترسيخ بعض المهام والاختصاصات في مختلف القطاعات، والمجالات، ولكن أيضا وأساسا نوعيا بما هو روح ومضمون جاء به الدستور.
و"استشعارا منا لجسامة هذه المسؤوليات سواء ما تعلق منها بالتشريع أو بمراقبة عمل الحكومة أو تقييم السياسيات العمومية، قررنا إعداد برنامج تكويني شامل ومتكامل لفائدة نواب فريقنا من أجل تمكينهم من الاضطلاع بمهامهم على أحسن وجه."
قدم فريق العدالة والتنمية مقترحات قوانين تنظيمية وعادية، ليس بإيعاز الحكومة. همت الميثاق الجماعي، والمحكمة الدستورية، ولجنة تقصي الحقائق، وكفالة الأطفال المهملين، والتربية البدنية والرياضة، ومدونة الأسرة، والمراقبة المالية للدولة، وحق تأسيس جمعيات المجتمع المدني...
ومن أهم المحطات السنوية بالبرلمان مناقشة مشروع قانون المالية، وقد اعتبر فريق العدالة والتنمية مشروع 2013 بانه مشروع الأمل والثقة والتنمية والتضامن.(16).
ويوزع الفريق المداخلات على الشكل التالي: الشق السياسي، الشق الاقتصادي، الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامي والمغاربة المقيمين بالخارج، والداخلية والسكنى والتعبير وسياسة المدينة، العدل والتشريع وحقوق الإنسان، المالية والتنمية الاقتصادية، القطاعات الاجتماعية، القطاعات الانتاجية، البنيات الأساسية والطاقة والمعادن، التعليم والاتفاق والاتصال.
كما ينظم الفريق أياما دراسية تهم قضايا متعددة نموذج تطوير المنظومة القانونية للفنان بالمغرب(17). ومن أهم إبداعات فريق العدالة والتنمية على مستوى التواصل السياسي مع المواطنين والمواطنات هو : فتح مكاتب الاتصال، وطبع دوريات فردية وجماعية، والقيام بالتأطير العام ، ثم ما اصطلح عليه بقافلة المصباح، حيث يتوزع النائبات والنواب البرلمانيين على سائر جهات المملكة من أجل تطبيق سياسة القرب وتأطيرالمواطنين، ودعمهم في حل مشاكلهم حسب المتاح. (18).
وقد تتخذ قضايا المواطنين أشكالا متنوعة نحو: الأسئلة الكتابية والشفوية والمراسلات والملتمسات...
وللإشارة فإن حزب العدالة والتنمية يتوفر على نظام داخلي(19) والذي ركز على: الفريق النيابي، وأجهزة الفريق والاختصاصات، والعمل البرلماني، والتكوين والمالية، والحقوق والواجبات، وإدارة الفريق...
ومن ميزات فريق العدالة والتنمية أنه غالبا ما يوثق لعمله، لذلك أصدر مجموعة من الرسائل، من ضمنها التقرير السنوي(20).
وقد اعتمد في هذا التقرير على المحاور التالية: تدبير الشأن الداخلي للفريق، الأداء النيابي للفريق، الأداء التواصلي والإعلامي للفريق.
إن أهم النقط التي تطرق إليها هذا التقرير انصبت على : مراجعة النظام الداخلي للفريق، ولقاءات واجتماعات أجهزة الفريق، وتخليق العمل البرلماني، وإنجاح التنسيق مع الفرق البرلمانية، والتكوين المستمر واللقاءات الدراسية، وإدارة الفريق، والأداء التشريعي الجيد، وحضور رقابي متميز، وطلب عقد اللجان، والقيام بالمهام الاستطلاعية، وأداء دبلوماسي فعال ومسؤول، ورصيد هام من الأسئلة الكتابية والشفهية والملتمسات، وزيارة تضامنية مع قطاع غزة، واستقبال هيآت دبلوماسية ووفود دولية، وحصيلة محترمة على مستوى الشعب البرلمانية الدولية، والتواصل الدائم مع رئاسة مجلس النواب و أعضاء الحكومة،واستضافة شخصيات من عالم الفكر والسياسية والاقتصاد، واستضافة علماء ودعاة، واستقبالات راتبة، وتنظيم قافلة المصباح، والزيارات الميدانية وفتح مكاتب الاتصال، والتواصل الالكتروني، والمنشورات.....
ومن حيث الأجرأة نذكر بعض الأعمال نحو: زيارة قطاع غزة بمشاركة 20 نائبا ونائبة في يناير 2013. واستقبال وفد فلسطيني يرأسه وزير الحكم المحلي في غزة، ومن حيث الوظيفة الرقابية فقد قدم فريق العدالة والتنمية خلال سنة 2012-2013 2278 سؤالا كتابيا للقطاعات الحكومية. وقد شكل الفريق نسبة 69 في المئة، من مجموع الأسئلة الكتابية. وفي نفس السنة قدم الفريق 1015 سؤالا شفويا، بمعدل 46 في المئة. كما بلغ طلبات عقد لجان 74 طلبا خلال السنة نفسها. إضافة إلى مقترحات قوانين، وتجويد وتحسين المشاريع المقترحة من قبل الحكومة.
نخلص أن الفريق البرلماني يحاول من خلال عمله، وموقعه في الأغلبية أن يتدارك نقائص الحكومة، من أجل إسنادها بطرق موضوعية، مع الاحتفاظ بالتواصل الدائم مع المواطنين.
نخلص مما سبق أن حزب العدالة والتنمية ، يمتلك قواعد في منهج العمل السياسي. كما أكد على ذلك الأستاذ محمد يتيم(21)،باعتبار أن العمل السياسي، مجال متجدد، ومتحرك، تخلط فيه المفاسد والمصالح. ومن أهم معالم هذا المنهج، إعمال النظر، والحذر من الهوى،وتحري الصحة والدليل، وحسن الظن....
وقد ميز السيد عماد الدين أديب عندما قوم تجربة العدالة والتنمية، ما بين الدولة"النظام الملكي"، والسلطة التنفيذية"الحكومة". مستشهدا بتصريح رئيس الحكومة المغربي" عبد الإله بن كيران:( إذا أراد المغاربة شخصا يصطدم بالملك فليبحثوا لأنفسهم على شخص غيري)، مضيفا( إن المغرب هو الذي سيدفع ثمن أي نزاع بين الحكومة والمؤسسة الملكية)(22). ومعقبا بأن هذا تصريح لرجل حكيم وقوي يدرك أن السياسة كما يقول "أرسطو" هي علم الرئاسة وليست علم الصدام المفتعل مع القوى الأخرى.
لهذا الاعتبار عندما شكل حزب العدالة والتنمية تحالفا مع ثلاثة أحزاب، اتفقوا على المبادئ التالية: التشارك في العمل- الفعالية في الإنجاز- الشفافية في التدبير- التضامن في المسؤولية.(23).
لهذه الاعتبارات كلها، ظل رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، يردد دوما، بأن العمل مع المؤسسة الملكية بمنطق التعاون، ولا التنازع. والتوافق معها ضروري لإنجاح التجربة، والعدالة والتنمية ليس حزبا إسلاميا ، فكل الأحزاب تقبل بالدستور الذي ينص على الإسلام دين الدولة. وخصوصية الحزب لاتنفي وجود علاقات طيبة للحزب مع الخارج. مركزا على إعادة التوازن للمجتمع المغربي، منهيا نداءاته بأن وقت السياسة قصير، والبقاء لله.(24).
الهوامش:
1/ وثائق الحزب المرجعية. الرسالة. www.pjd.ma
2/ مرجع سابق.
3/ بيان صادر يوم 17-05- 2003.
4/ المملكة المغربية الجريدة الرسمية. 28 شعبان 1432/ 30 يوليو 2011. ع/5964 مكرر. السنة المئة.
5/ المرجع السابق.
6/المرجع السابق الفصل 46.
7/ حزب العدالة والتنمية. المؤتمر الوطني السابع. شراكة فعالة في البناء الديمقراطي، من أجل الكرامة والتنمية والعدالة الاجتماعية. دجنبر 2012.
8/البرنامج الحكومي. يناير 2012. Cg.gov.ma
9/ ميلود بلقاضي. على هامش فوز العدالة والتنمية. www.hespress.com
10/ المركز العربي للأبحاث، ودراسات السياسات، دراسة مجلة "سياسات عربية" ع. 3 يوليو 2013، (تأملات في التجربة السياسية لحزب العدالة والتنمية المغربي في الحكم). رشيد مقدر، www.dohainstitute.org
11/ خالد الرحموني، حماية الإصلاح الديمقراطي، 28-أكتوبر 2013،www .pjd.ma
12/ المملكة المغربية، رئيس الحكومة، المخطط التشريعي، برسم الولاية التشريعية، التاسعة، يناير 2013.، كما وافق عليه مجلس الحكومة 22 نوفمبر 2012.
13/ محطات من العمل الحكومي. نورالدين قربال، www.hespress.com
14/ التحديات التشريعية للأغلبية، البرلمانية، الحالية، مشاركة عبد الله بوانو رئيس فريق العدالة والتنمية في منتدى وكالة المغرب العربي للأنباء، بتاريخ 25- يناير 2013.
16/ قانون المالية لسنة 2013، السنة التشريعية الثانية، 2012-2013، الولاية التشريعية التاسعة، 2011-2016.
17/ أشغال لقاء دراسي ، الثلاثاء 28 مايو 2013، القاعة المغربية، مجلس النواب، الولاية التشريعية 2011- 2016.
18/ قافلة المصباح في دورتها السادسة، من 28-31 مارس 2013. تحت شعار : جميعا لدعم أوراش الإصلاح.
19/ النظام الداخلي، لفريق العدالة والتنمية، لمجلس النواب، السبت 14 ذو القعدة 1434، الموافق 21 شتنبر 2012،
20/ التقرير السنوي حول حصيلة فريق العدالة والتنمية، بمجلس النواب، السنة التشريعية الثانية 2012- 2013. الولاية التشريعية التاسعة 2011- 2016.
21/ محمد يتيم، قواعد منهج العمل السياسي، موقع حزب العدالة والتنمية، 2- 11- 2013.
22/ عماد الدين أديب، موقع حزب العدالة والتنمية ، 2-11-2013.
23/ ميثاق الأغلبية . يناير 2012.
24/ حوارات رئيس الحكومة، مؤخرا مع "الشرق الأوسط، وقناة المجد" نونبر/ 2013


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.