حوض اللوكوس.. الأمطار الأخيرة تنعش حقينة السدود بأكثر من 50 مليون متر مكعب    مجلس الحكومة يناقش حصيلة العمل مع البرلمان    الشابي يشيد بقتالية الرجاء بعد الفوز على النادي المكناسي    اضطرابات في حركة الملاحة بين الجزيرة الخضراء وطريفة وطنجة    أمطار وثلوج مرتقبة اليوم الثلاثاء بالمغرب    الحبس والطرد من الإمارات.. تفاصيل قضية الفاشينيستا روان بن حسين في دبي    صيدلاني يشجع الشك في "الوعود الدعائية" للعقاقير الطبية    علماء: الإكثار من الدهون والسكريات يهدد المواليد بالتوحد    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    نهضة الزمامرة يعيّن الفرنسي ستيفان نادو مدربًا جديدًا خلفًا لبنهاشم    سعيد الناصيري ينفي الإساءة إلى الفنان حجيب    المسرح يضيء ليالي الناظور بعرض مميز لمسرحية "الرابوز"    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    توقيف شخص متورط في سرقة وكالة لتحويل الأموال بطنجة تحت التهديد    "الهاكا" ترفض 49 شكاية تتعلق بحرية الإبداع وتدوينات ومقالات في صحف إلكترونية    البنك الدولي يكرّم لبنى غالب بجائزة القيادة في النوع الاجتماعي    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    فتح باب الترشيح للاستفادة من دعم مشاريع النشر والكتاب هذا العام    توقع استمرار هطول الأمطار أو الزخات رعدية مع هبوب رياح حتى يوم السبت في العديد من مناطق المغرب    أمانديس تُحيي اليوم العالمي لحقوق المرأة بأنشطة مميزة في طنجة وتطوان    انتقادات لاذعة تطال نيمار لمشاركته في "كرنفال ريو"    دعم إفريقي لترشيح بوعياش لرئاسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان    عمليات ‬واسعة ‬للتوسيع ‬والتحسينات ‬بمطارات ‬المغرب ‬بهدف ‬بلوغ ‬80 ‬مليون ‬مسافر ‬    توقعات أحوال الطقس ليوم الثلاثاء    الوداد الرياضي يستعد لمواجهة اتحاد طنجة بغيابات وازنة    المرصد الموريتاني للعدالة والمساواة يدين تصريحات النائب السنغالي    كيف يؤثر الصيام في رمضان على الصحة ويحسنها؟    14 مدينة هندية من بين العشرين عالميا ذات الهواء الأكثر تلوثا    الذهب يرتفع إلى هذا المستوى    ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.. باريس سان جرمان يسعى للثأر من ليفربول    كاف تفتح طلبات البث التليفزيوني لبطولاتها    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    غواتيمالا.. إعلان حالة التأهب وإجلاء المئات إثر ثوران بركان فويغو    الصين تختم اجتماعات القيادة السنوية    أداء متميز للرجاء الرياضي يحلق به عاليا من العاصمة الإسماعيلية    مهنيو قطاع سيارات الأجرة يطالبون الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بوقف بث إعلان شركة "إندرايف"    تناول السمك يتيح تطور الشخصية الاجتماعية عند الأطفال    الجزائر بين العزلة الدولية وسراب النفوذ أوحينما لا تكفي الأموال لصناعة التحالفات    حتى ‬لا ‬تبقى ‬الخطة ‬العربية ‬الإسلامية ‬لإعمار ‬غزة ‬معطلة ‬    قمة ‬جزائرية ‬تونسية ‬ليبية ‬لنسف ‬القمة ‬العربية ‬الطارئة ‬في ‬القاهرة    الصين: متوسط العمر بالبلاد بلغ 79 عاما في 2024 (مسؤول)    تنظيم الملتقى الأول ل''رمضانيات السماع و المديح للجديدة    الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.. من الشعارات الانتخابية إلى محكّ السلطة    ‬"وترة" يدخل دور العرض بعد رمضان    شخصيات عربية وإفريقية وأوروبية بارزة تنعى الراحل محمدا بن عيسى    اليسار ينتقد عمليات الهدم بالرباط ويطالب السلطات ب"احترام القوانين"    الجديدي يفرض التعادل على الحسنية    غضب شعبي يجتاح سوقا بصفرو    دليل جديد يتوخى توعية المغاربة بمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب    مركز في بني ملال يحتفل بالمرأة    برعاية إبراهيم دياز .. أورنج المغرب تطلق برنامج Orange Koora Talents    جماعة بني بوعياش تنظم ورشة لإعداد برنامج عمل الانفتاح بحضور فعاليات مدنية ومؤسساتية    بعثة تجارية ألمانية لتعزيز التعاون الاقتصادي في قطاع الفواكه والخضروات    ملخص كتاب الإرث الرقمي -مقاربة تشريعي قضائية فقهية- للدكتور جمال الخمار    "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ..؟" !!(1)    دراسة: الكوابيس علامة مبكرة لخطر الإصابة بالخرف    الأمازِيغ أخْوالٌ لأئِمّة أهْلِ البيْت    القول الفصل فيما يقال في عقوبة الإعدام عقلا وشرعا    









هل تخشى الأحزاب من إجراء الانتخابات الجماعية والجهوية؟

كثر الجدل هذه الأيام حول الصمت المفاجئ والمريب فيما يتعلق بالإعداد للانتخابات الجماعية والجهوية وحول ضرورة إجرائها خلال هذه السنة، خاصة وأنها تعتبر أساس انتخابات مجلس المستشارين، الغرفة الثانية للبرلمان التي لا زالت خاضعة للدستور القديم الذي تم نسخه بمجرد نشر الدستور الجديد لسنة 2011.فقبل أشهر قليلة كان مآل المؤسسات المنتخبة في ظل الدستور القديم، من جهات وجماعات ترابية اخرى، محسوما من قبل الفاعلين السياسيين فيما يخص ضرورة الإسراع بالتجديد الشامل لهذه المؤسسات المنتخبة.
فمجلس المستشارين الحالي يوجد حاليا في وضعية منافية للدستور الجديد، والذي رغم انه سمح باستمراره بشكل مؤقت ووضع مهمة أساسية له تتمثل في إصدار القوانين الانتخابية بشكل شبه حصري، فإن المجلس الدستوري أكد على الطابع المؤقت للغرفة الثانية بالبرلمان ورفض أي تجديد لعضويته؛ والجهات والجماعات الترابية الأخرى القائمة حاليا تتنافى وضعيتها القانونية والسياسية مع الإطار الدستوري الذي يسود المغرب حاليا، خاصة على مستوى الديمقراطية المجالية المرتقبة بناء على نوعية الاختصاصات والنظام المالي والدور التنموي.
لكن أمام هذه الحقائق الدستورية والمسلمات القانونية والسياسية، يلاحظ صمت مريب ومثير للشكوك من قبل الأحزاب السياسية بخصوص الانتخابات الجماعية والجهوية وانتخاب مجلس المستشارين، وهو الموقف السلبي الذي قد يفسَّر بالتخوف من هيمنة حزب معين على تدبير المدن والجهات الكبرى والمتوسطة.
احتمالات إجراء الانتخابات خلال سنة 2013
لقد حاولت بعض الأحزاب السياسية التقليل من أهمية التجديد الشامل للمؤسسات المنتخبة بعد الانتخابات التشريعية ليوم 25 نونبر 2011، وبعد تشكيل الحكومة الجديدة بقيادة العدالة والتنمية.وعقب نتائج الانتخابات الجزئية بطنجة ومراكش وإنزكان، بدأت مخاوف العديد من الأحزاب السياسية تبرز بشكل أكثر جلاء، وحتى ضمن التحالف الحكومي نفسه، وبدأ بعضها في دفع أو تشجع وزارة الداخلية ولو بشكل ضمني على تأخير الانتخابات الجهوية والجماعية لغاية 2015.
فقد بدأ الحديث يلوح هذه الأيام حول احتمال تأجيل الانتخابات لما بعد سنة 2013، حتى "يُتاح لوزارة الداخلية الوقت الكافي للإعداد الجيد للانتخابات، والتشاور الموسع مع الأحزاب، وضمان إجراء الاستحقاقات في ظروف سياسية أحسن...." مما يثير الشكوك حول الخلفيات الحقيقية لهذه الدفوعات، وحول الأسباب الحقيقية للرغبة في دفع الانتخابات لما بعد سنة 2013.
إن التنزيل القانوني لفصول الدستور لن يتطلب إلا لأشهر قليلة، على اعتبار أن وزارة الداخلية أعدت مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالجهوية خلال شهر شتنبر الماضي بناء على تقارير اللجنة الملكية المكلفة بملف الجهوية المتقدمة، ولن تتطلب مناقشة المشروع بالبرلمان بغرفتيه لأكثر من أربعة أشهر على أبعد تقدير.
والتشاور مع الأحزاب السياسية يمكن أن ينطلق الآن، ولن يتطلب أكثر من شهر، ويتعين أن يشمل جميع المحاور الأساسية المتعلقة بالإعداد الجيد للانتخابات بما فيها القضايا السياسية المرتبطة بمشروع القانون التنظيمي للجهات والجماعات الترابية، وتشكيل لجنة عليا لمتابعة العمليات الانتخابية، والاتفاق على جدولة زمنية ملائمة لتنظيم مختلف المراحل الانتخابية.
وبالتالي يعتبر شهر يوليوز القادم ملائما لبداية إجراء الانتخابات عبر تسبيق محطة الغرف المهنية التي لا تتطلب جهدا كبيرا من وزارة الداخلية، وتكون موازية لانتخاب مناديب العمال وأعضاء اللجن الثنائية بالوظيفة العمومية.
وتقتضي الحكامة السياسية أن تجرى الانتخابات الجهوية والجماعية في يوم واحد وباقتراع واحد، توفيرا للمصاريف الهائلة التي تتطلبها الانتخابات، والتي تفوق المليار درهم لكل استحقاق انتخابي، وحتى نضمن انتخاب مجلس المستشارين خلال بداية أكتوبر، وبالتالي يمكن معها افتتاح البرلمان بغرفتيه بشكل دستور خلال الجمعة الثانية لأكتوبر من هذه السنة.فأجل ستة أشهر جد كافية للحكومة للإعداد لجميع العمليات الانتخابية بشكل عادي وطبيعي، ودون أية تأثيرات سلبية على طريقة التدبير السياسي.
لكن بالمقابل تثار تساؤلات حقيقية حول خلفيات بعض الخرجات الإعلامية لبعض الأحزاب السياسية، والتي تستبعد إجراءات الانتخابات خلال هذه السنة.ويضاف إلى ذلك الإشكال السياسي الذي تسبب فيه حميد شباط، الأمين العام الجديد لحزب الاستقلال، حينما أصر على مقاطعة حزبه لجميع الاجتماعات التنسيقية للأغلبية الحكومية، ومن ضمنها كل من الفرق البرلمانية واللجان المكلفة بصياغة تصور أحزاب الأغلبية للتنظيم الجهوي واللمركزي.فإذا كانت الأغلبية الحكومية غير قادرة، بفعل مقاطعة شباط للتنسيق، غير قادرة على بدء التشاور بين أحزابها، فكيف ستستطيع الحكومة بدء التشاور مع أحزاب المعارضة.
خلفيات التخوف من إجراء الانتخابات:
إن حالة الانتظارية التي يعيشها المغرب ولمدة سنتين تؤثر بشكل سلبي على السير الطبيعي لجميع المؤسسات الدستورية، وإذا تم ترحيل هذه الوضعية للسنوات القادمة فإن ذلك يعني بالضرورة ان هذه الحكومة ستعيش كامل ولايتها في وضعية مؤقتة واستثنائية لا تستطيع معها العمل بشكل طبيعي.
وهنا يحق لنا أن نتساءل حول الأهداف والخلفيات الحقيقية للرغبة في تأجيل الانتخابات الجهوية والجماعية وانتخابات مجلس المستشارين لغاية سنة 2015، بل إن الشك والريبة يبلغان أوجهما عندما يتزامن ذلك مع الخرجات الأخيرة المفاجئة لحميد شباط وتجميده للعمل السياسي داخل الحكومة.
فالرغبة في التعديل الحكومي لا تبرر بأي حال من الاحوال هذا الدفع المريب في اتجاه شلل سياسي كامل داخل التحالف الحكومي، والمقصود هنا بالأساس جمود التنسيق وتوقيف كافة الإصلاحات أو الاستحقاقات الانتخابية التي تتطلب تشاورا داخليا وبينيا بين الأحزاب السياسية.
فهذا المنطق الذي أصبحت تنهجه هذه الأحزاب، وبالخصوص الأمين العام الجديد لحزب الاستقلال، لا يمت في الواقع بأية صلة للرغبة في التطبيق الكامل للدستور الجديد.فإذا كانت رغبة جميع الأحزاب المشاركة في الحكومة راغبة في التوافق القبلي على محاور كبرى للعمل المشترك، بما يضمن تنزيل التحالف الحكومي جهويا ومحليا، فهذا أمر منطقي وواقعي ومعمول به في أرقى الديمقراطيات الغربية.
وحزب العدالة والتنمية مدعو بالفعل لطمأنة أحزاب التحالف الحكومي وتأكيد رغبته في العمل المشرك ميدانيا، لأن هذا الأمر سيمثل تقوية لهذا التحالف وليس إضعافا له كما يعتقد البعض، وسيساعد الحكومة على تنزيل أجزاء هامة من محاور الإصلاح على المستوى المجالي.
لكن أن تنحو بعض الأحزاب منحى خاطئ يروم تعطيل العملية السياسية بسبب التخوف من هيمنة حزب العدالة والتنمية على الخريطة السياسية الجهوية والجماعية، فهذا مناقض ومتعارض مع السياق السياسي الحالي ومع روح ومنطوق الدستور الجديد للممكلة.
فهذه التساؤلات إذن تعتبر منطقية ومشروعة بخصوص احتمالات تنظيم الانتخابات خلال سنة 2012، وبخصوص تخوفات بعض الفاعلين السياسيين ومن ضمنهم حميد شباط من النتائج المحتملة لهذه الاستحقاقات الديمقراطية.
وقد يكون الصراع السياسي الحالي بين شباط والتحالف الحكومي خلفيته الأساسية تكمن في تخوفه شخصيا من نتائج الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، خاصة بعدما شهدته دائرة إنزكان خلال الانتخابات التشريعية الجزئية الشهر الماضي.
وربما تكون رغبة شباط في الحصول على طمأنة من أحزاب التحالف الحكومي إحدى الخلفيات الأساسية لهجومه السياسي على الحكومة، خاصة وأن أي إخفاق لحزب الاستقلال خلال الانتخابات الجهوية والجماعية سيجعل موقعه السياسي ضعيفا داخل حزب الاستقلال الذي تعود حصد أكبر عدد من المقاعد في الجماعات المحلية.
وقد تكون مشكلة حميد شباط الأساسية تتلخص في رغبته في عقد اتفاقات سياسية بينه وبين العدالة والتنمية من اجل ضمان عمودية فاس أولا، كي لا يبدأ ولايته بهزيمة شخصية في معقله الانتخابي الحصين، ثم في التفاوض القبلي حول بعض الترتيبات المتعلقة بما بعد نتائج الانتخابات الجهوية وما بعد انتخابات مجلس المستشارين القادم، وربما حول منصب رئيس مجلس المستشارين الذي قد يرغب حميد شباط في منحه للوزير السابق توفيق احجيرة.
وبين هذه الخلفيات السياسية المفترضة وبين الحسابات السياسية القابلة للتفاوض، شريطة أن يتم التعبير عنها بشكل واضح، قد يتم التوافق على أي تعديل حكومي جزئي، ولو بسيط وشكلي، وسيكون ذلك كافيا بالنسبة لحميد شباط حتى يبدو للرأي العام أن جزءا مهما من مطالبه قد تحقق، ويتم حفظ ماء وجهه أمام حلفائه داخل حزب الاستقلال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.