أختلف مع الزميل علي أنوزلا في الكثير من كتاباته..خاصة عندما ينهي بعض مقالاته ب"الثورة آتية لا ريب فيها"..لاقتناعي أن التغيير بالمغرب يجب أن يحصل في إطار التداول السلمي للسلطة من داخل المؤسسات بضغط من الشارع وشرفاء هذا الوطن..إلا أن اختلافي معه..وعكس الكثير من الزملاء..هو ما يدفعني لاحترامه والدفاع عنه..لأن هذا الوطن يتسع لنا جميعا حتى ولو تباينت مواقفنا..ولأن المغرب لا يمكن أن يكون دولة للحق والقانون إلا إذا كانت لدينا صحافة متعددة في خطوطها التحريرية ومتوحدة في احترامها لأساسيات وأخلاقيات المهنة. اللقاءات القليلة التي التقيت فيها بالرجل..أثبتت لي مستوى أخلاقه العالية وسعة صدره ومدى تقبله للحوار..أنوزلا ليس كالعديد من مدراء النشر بالمغرب..الذين يترفعون عن الإنصات للمبتدئين في عالم مهنة المتاعب..وأذكر جيدا أن الرجل ذاته..ولما كنت أريد تنظيم ندوة بالمعهد العالي للإعلام والاتصال عن حرية التعبير في الفضاء الإلكتروني..لبى الدعوة دون مقدمات ودون أي تردد..كما أنه لم يبخل على مجموعة من زملائي بمقعد الدراسة بتوجيهاته ودعمه بل حتى وفتحه لمقرات "لكم" أمامهم رغم قلة الإمكانيات..فالمهنية العالية التي يمتاز به أنوزلا والتي جعلته لا يدخل في عدد من المعارك الصحافية الفارغة، يدركها كل من عرفه عن قرب حتى ولو كان الاختلاف مع أفكاره هو سيد الموقف. هؤلاء الذين يحاربون الرجل اليوم..سواء منهم أولئك الذين دفعوا في اتجاه اعتقاله أو أولئك الذين أصدروا بيانات تحريضية ضده..ليسوا سوى حلقة من مسلسل طويل بدأ منذ زمن طويل..بدأ من إصداره للجريدة الأولى سنة 2008 ولاحقه وهو يفتتح موقعه الإلكتروني سنة 2010، وطوال سنوات من الملاحقة، لم يكفهم أن اتهموه بالمثلية الجنسية وبالعمل مع المخابرات الجزائرية وبالترويج لأطروحات البوليساريو، بل أصروا على الدخول في جدال صحافي حول مدى صواب نشر فيديو للقاعدة وتحويله إلى صد اتهام حول مدى جرعة الوطنية في دماء أنوزلا، رغم أن نية "لكم" من نشر الشريط، ليست هي التحريض ضد المغاربة، ولكن هي الإخبار الذي يدخل في صميم العملية الإعلامية، والدليل أن قنوات عالمية مشهورة، بثت لقطات من فيديوهات القاعدة لتقديم الصورة كاملة للرأي العام. لا يمكن لحزب الاستقلال أن يزايد على أحد في الوطنية وهو الذي رفع شعار "دجاجتان لكل مواطن" في إحدى حملاته الانتخابية..ولا يمكن لكائن سياسوي كشباط أن يعطي دروسا في الأخلاق وهو الذي عاث فسادا في فاس وحوّلها إلى مزرعته الصغيرة..ولا يمكن لحزب الأحرار أن يتشدق علينا بالوحدة الترابية وهو الذي صنعته الدولة في وقت ما للتضييق على الأحزاب الديمقراطية..كما أنه لا يمكن لإنسان كيونس مجاهد أن يعلمنا أخلاقيات المهنة وهو الذي جعل من نقابة الصحفيين وسيلة للاسترزاق وللاستغلال السياسي، ولو أراد تعليم أخلاقيات الصحافة لعلّمها لجريدته التي نبشت في الحياة الخاصة لعدد من الناس..ولا يمكن ل"صحافي" كعبد الله البقالي أن يزايد على أحد وهو الذي غيّر معالم جريدة العلم من مدافعة عن المغرب إلى مدافعة عن حزب الاستقلال، مستخدما في ذلك قواميس السب والتحقير والاستهزاء بالآخرين، حتى صارت "العلم" مدعاة للضحك والسخرية. ولا يمكن كذلك لمصطفى الخلفي، الذي كنا نتوسم خيرا في صعوده إلى وزارة الاتصال، أن تصل به الوقاحة حد القول إن ما نشره موقع "لكم" يعتبر دعوة صريحة لأعمال إرهابية، وهو الوزير المنتمي إلى حزب وجّه له البعض تهمة التشدد والتشجيع على الإرهاب سنة 2003، فانبرى مجموعة من الصحافيين، ومن بينهم أنوزلا ذاته، للدفاع عن هذا الحزب الإسلامي وضمان حقه في المشاركة السياسية. فالخلفي الذي جلس على كرسي الوزارة ونسي أنه كان صحافيا يوما ما، لم يبين فقط مقدار ضعفه السياسي والمهني، ولكنه أكد على أنه صار من حماة المخزن بامتياز، وأن كل غزواته الكلامية عن نهاية عهد العقوبات السالبة للحرية، لا تصلح سوى للتحنيط في متاحف النفاق السياسي. أنوزلا اليوم يحتاج من الدولة أن تراجع موقفها باعتقاله وأن تطلق سراحه في أقرب وقت، يحتاج من الجسم الصحافي أن يُوَّحد قواه ويخرج من نقابات العار إلى نقابات تدافع عن كرامة الصحافي وليس كرامة السياسي، يحتاج من المواطن المغربي أن يعرف أن من يسيء إلى قضيته الوطنية هم من ينتفعون منها وليس من ينتقدون تدبيرها، يحتاج من الجمعيات الحقوقية أن تتبنى ملفه وتدافع عن حق الصحافة في الإخبار والإعلام، باختصار..يحتاج لنا جميعا..وإلا فقد يكون المثل" إنما أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض" هو ما ينتظرنا في المستقبل ! https://www.facebook.com/ismailoazzam