"قرار الزيادة في المحروقات أملته المصلحة الوطنية"،عفوا اقصد نظام المقايسة على حد تعبير السادة الوزراء "بوليف،الازمي،الخلفي...". نعم في مغربنا العزيز لم نعد نفهم شيئا واختلط علينا الحابل بالنابل ،فهل من شدة ذكاء وفصاحة أهل الحكومة أم من قوة بلادتنا ؟أم أننا لم نعد ندرك النظريات الاقتصادية الجديدة والمستحدثة التي أضحت صناعة مغربية بامتياز في ظلال حضرة الحكومة الموقرة التي لا تتوانى في استبلادنا. فالحكومة الموقرة وبحالتها المتأخرة تزج بنا في غياهب الضياع الاجتماعي وتزيد من فتحات الأفواه الجائعة ،تحت مشجب ومسمى المصلحة الوطنية ،لدرجة أننا لم نعد نفهم معنى هذا المصطلح الرنان والهلامي ،ومع ابتكار نظرية جديدة وهي أن الزيادة في الأسعار وإثقال كاهل المواطن الفقير والبسيط تعني فيما تعنيه حماية المصلحة الوطنية ،وهذا على حد تعبير ناطقها الرسمي،وعلى قدر هوس الزيادة الذي أصاب الحكومة سرد لنا الزيادة في كل الأرقام ونسب النمو في جميع القطاعات وعلى اختلافها لدرجة تحس وكأنك في بلاد أخرى غير المغرب،وهذا قد يؤدي بنا للوصول إلى نتيجة منطقية مفادها أن المواطن البسيط لا يندرج ضمن حسابات تحقيق المصلحة الوطنية بمعنى إنها تشمل فقط "مواطنين خمسة نجوم". نعم وعلى حد تعبير الوزير كل شيء على ما يرام وعجلة التنمية تسير بخطى ثابتة والممزوجة بنبرة التفاؤل الزائدة، وهذا دون أن يتملكه التلعثم في الكلام أو تأسره حمرة الخدين ،بالنظر إلى هول الكلام ومجافاته لواقع الحال والأحوال والمغالطات التي يثويها،وهو مدرك تمام الإدراك شتان بين الأرقام والحسابات والأوزان.... من جهة والمعيش اليومي للمواطن من جهة ثانية،الذي أصبح يضيق من هذه السياسات المتبعة التي لا تعرف إلا المد التصاعدي في الأسعار في حين المستوى المعيشي في تنازل مستمر. فكل أفواه الوزراء تتفوه تباعا بكلمة المصلحة الوطنية في الدفاع عن سياساتهم اللاوطنية أصلا،والتي تخدم فئات قليلة على حساب الفئات العريضة من المجتمع المغربي ،والحكومة دائما ما تجد اليسر والحزم والعزم في استهداف المواطنين المطحونين ،بينما يشتد عليها السبيل ويتوقف بها المسير في زحمة الخوف والارتباك والتراجع عندما يرتبط الأمر بفئات معلومة راكمت الثروات بلا حسيب ولا رقيب ،وبالتالي تختزل المصلحة الوطنية في هذا الإطار ولا تشمل باقي المواطنين. فأضحى الأمر يخضع لمعادلة بسيطة بمعنى اتخاذ أي تدبير لا وطني ولا يخدم الشعب في كليته يكفي أن تعتلي منصة الخطابة وتقول "من أجل المصلحة الوطنية"،كتبرير مخز وواهي بعيد عن الحق والحقيقة بعد السماء عن الأرض. وما لا يستساغ في سلوكيات الحكومة هي هذه الحالات من التفاخر والتشدق بالزيادة والخطابات الرنانة المدافعة والمسوغات التبريرية المسردة ،وهي ماضية على العهد في الزيادة دون كلل أو ملل من الانتقادات ودون حياء أو حشمة من الأباطيل والأسانيد التي تعتمدها مما يجعلها تفقد شخصيتها الوطنية رغم ادعائها الدفاع عن المصلحة الوطنية ،فأين المواطنين من هذه المصلحة الوطنية المزعومة. إن مفهوم المصلحة الوطنية يقتضي البحث عن تحصيل المنفعة ودرئ المضرة عن الجميع دون تفضيل فئات على حساب أخرى،أو اعتماد إستراتيجية إغناء الأغنياء وإفقار الفقراء ،كما إن إصلاح صندوق المقاصة يتطلب النهج القويم والمحكم واعتماد استراتيجيات تستند إلى مقاربة شمولية لمختلف الإشكالات التي تثقل كاهل ميزانية الدولة وليس فقط البحث عن المواطن العادي وجعله كبش الفداء من اجل تقوية سلطة وسطوة الأغنياء من خلال إعادة النظر في جملة من التدابير التي يشكل الفساد منطلقها حيث يفقد نسبة 2 بالمائة من النمو الاقتصادي ،وهي حسبة أحد رجالات الحكومة ،وإعادة النظر في كتلة الأجور،ومحاربة الصناديق السوداء والتعويضات الضخمة التي يتلقاها كبار المسؤولين ،وهي التي تشكل النزيف الحقيقي لخزينة الدولة والسعي وراء تحقيق العدالة الضريبية ،ومحاربة كل أشكال الريع الاقتصادي،السياسي،الحزبي،الثقافي...، وأما إستراتيجية استهداف المواطنين المعسورين فلن تمر بسلام ويسر في زمن الاحتجاج الشعبي الذي يمكن أن يستفيق وينبعث من جديد.