لا حديث بين سكان مدينة أبي الجعد والمناطق المجاورة لها، طيلة الأيام الماضية، إلا عن الحزن والقلق اللذيْن يخيمان على نفسية أفراد مجموعة من العائلات، بعدما تناهى إلى علمهم أن أبناءهم كانوا يحاولون الوصول إلى الجزر الإسبانية عبر "قوارب الموت"، انطلاقا من سواحل مدينة الداخلة، ولم يظهر لهم أثر أو تصل حولهم أخبار إلى حدود الساعة. وانقسم متتبعو الشأن المحلي بمدينة أبي الجعد إلى فئتين، الأولى تترقب وتنتظر بكثير من الأمل خبر وصول فوج المهاجرين إلى وجهتهم ونجاحهم في تحقيق "الحلم الأوربي"، رغم مرور أيام على اختراقهم أمواج البحر، فيما فقدت الفئة الثانية الأمل في بقاء المعنيين بالأمر أحياء إلى حدود الساعة، ولم يعد أملها يتعدى النجاح في العثور على جثث الضحايا في أقرب وقت ممكن. أسر تنتظر بفارغ الصبر والد أحد المفقودين قال إن "الهجرة بين مدينة الداخلة والجزر الإسبانية تتطلب عادة يومين أو ثلاثة أيام، لكن المفقودين في الوقت الراهن قضوا أزيد من 26 يوما دون أن تتوصل أسرهم بأي خبر حول مصيرهم"، موضحا أن "عدد الشبان المفقودين الذين تعرف أسرهم يبلغ حوالي 15 شابا، لكنه يجهل العدد الحقيقي الذي خاض تلك الرحلة الغامضة". وأشار المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، إلى أن "واقعة العثور على عدد من الجثث قبل أيام قليلة بسواحل الداخلة دفع الأسر إلى ربط الاتصال بالمصالح المعنية هناك، قبل أن يتبين أ ن الجثث التي عثر عليها تعود لمهاجرين غير شرعيين ينحدرون من دول إفريقية من جنوب الصحراء، وليس بينهم أي شاب من مدينة أبي الجعد والمناطق المجاورة لها". وناشد الوالد مختلف المسؤولين، وهو المطلب الذي تتقاسمه باقي الأسر المعنية، ضرورة "التدخل العاجل بهدف العثور على الشبان المفقودين، سواء كانوا أحياء أو أمواتا"، خاتما تصريحه بالإشارة إلى أن "الأسر تلقت وعودا من السلطات المحلية والأمنية بمدينة أبي الجعد بالقيام بما في وسعها لحل هذا المشكل، وتتمنى أن تنجح في الوفاء بوعدها". منظمة حقوقية على الخط تفاعلا مع الواقعة، أصدر المكتب الجهوي للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد لجهة بني ملالخنيفرة "نداء للبحث عن شباب الهجرة السرية"، أشار من خلاله إلى أنه "يتعاطف مع أسر ضحايا الهجرة السرية المفقودين في عرض البحر من أبناء مدينتي أبي الجعد وواي زم". ودعا التنظيم الحقوقي السلطات المعنية، عبر ندائه الذي تتوفر جريدة هسبريس الإلكترونية على نسخة منه، إلى "تكثيف البحث عن المفقودين على أعلى مستوى، والعمل على تحديد مصيرهم، وكذلك التكفل بنقل ودفن المتوفين منهم". وجاء في النداء الموقع من طرف بنداود بِسْمِ، الرئيس الجهوي للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد بجهة بني ملالخنيفرة، أن "المكتب الجهوي يدعو كل المسؤولين عن الشأن المحلي والإقليمي والجهوي إلى العمل على تنمية الجهة، حتى لا يضطر أبناؤها إلى الهجرة على متن قوارب الموت والارتماء في أحضان عصابات البشر". تحركات نائب برلماني من جانبه، نشر خليفة مجيدي، رئيس المجلس الجماعي لأبي الجعد، ونائب برلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة بإقليم خريبكة، "تدوينة" عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، افتتحها بالتأكيد على أنه يحس بما يحس به آباء وأمهات شابات وشبان المنطقة الذين ركبوا الأمواج، بحثا عن تحقيق أحلامهم، ويشاركهم شعور الخوف الممزوج بالحزن. وجاء في "التدوينة" المعنونة ب"نشرة إخبارية لساكنة كل من مدينتي أبي الجعد ووادي زم": "انطلاقا من مسؤولياتي، فقد بادرت منذ شيوع هذا الخبر المؤلم إلى إجراء العديد من الاتصالات مع جهات متعددة بهدف الوقوف على ظروف ملابسات وحيثيات الأحداث". وأكد خليفة مجيدي، عبر "تدوينته"، "القيام بكل المبادرات التي من شأنها تسريع وتيرة العثور على المختفيات والمختفين من بنات وأبناء المنطقة"، مضيفا أنه يخبر الجميع بأنه يباشر بشكل مسترسل القيام بالمتعين، في إطار ما يخوله القانون للتواصل مع الجهات المعنية بالموضوع.