تعاني الأمة العربية من الانحدار في منعطف تاريخي خطير، يهدد لافقط استقرار وسلامة الكيانات القطرية القائمة ، بل سلامة الانسان العربي ، وممتلكاته وثرواته وأرضه وعرضه وهويته، ما يؤشر لكارثة تاريخية ، لم تحصل للعرب حتى في اسوء حالات الانحطاط التي مروا بها بعد سقوط دولتهم في بغداد على اثر الاجتياح التتري. وأبناء الامة ، المميزين بوعيهم وفهمهم لحقيقة الامور ، سوف لن يكونوا بمعزل عن نتائج هذه الكارثة او الكوارث ، ما يستدعي وقفةً سريعة وجادة من كلِّ الجهات التي تتوق إلى الحرية والديمقراطية، خاصة النخب الممثلة بالمفكرين و العلماء والفئات الطليعية والمثقَّفة، ان تبادر للعمل في البحث عن معالجات منطقية وعلمية للخروج من دائرة الفتن والاحتراب الداخلي، والانطلاق كجنود يفرض عليهم الظرف واجب التقدم إلى ساحات التصدي لموجة التخريب والدمار والقتل التي يتعرض لها ابناء الوطن العربي بمختلف مكوناتهم، بخطط ومؤامرات تحاك من الخارج وتنفذ من قبل عناصر في الداخل تتلاعب بعقول البسطاء من ابناء امتنا وتدفع بهم بموجة جنون للقتل والانتحار ايضا. ما يعني ان مايجري هو ليس الا حالة من غياب الوعي او الغيبوبة التي تشبه حالة ذاك المصاب بصرعة المشي نائما ليقوم باعمال لايمكن ان يرتضيها في صحوته . فالازمة هي ازمة وعي وعقل وفكر قبل اي شئ اخر ما يتطلب من النخب المثقفة الملتزمة بقضايا امتها وشعوبها ان تعلن هي الاخرى حربها على التخلف والجهل واللاعقلانية ، من خلال خطط وحملات توعية تستنهض العقل والعقلانية . وإلا فالجميع سيكونوا على قوائم الضحايا في فتن مجنونة ، تهدد الهوية العربية – الاسلامية ، والانسان. ان الحرب الدامية في العراق بكل صوّرها العنيفة مذهبياً وسياسياً،والاغتيالات التي تلاحق المناضلين في تونس ولبنان والملفات الداخلية التي بدأت تفاصيلها تنتشر بخطورة متناهية في فلسطين ويظل الاحتلال .ومصر التي تكتوي ساحاتها بلهيب نيران الفتنة التي توحي بالانتشار كالنار في الهشيم ،ما لم تتحرك النخب الواعية للخروج من سكونها . وسوريا العروبة التي تعيش مع الأسف حربا أهلية حصدت الاخضر واليابس ، كما في ليبيا واليمن تحت ذرائع لاعقلانية تتغطى باطلا بالمطالبات العرقية والدينية والمذهبية والقبلية ، رغم انها تعايشت على مد التاريخ بخير وسلام ووحدة المصير والهدف .مايستدعي حركة سريعة تتضافر فيها القوى،والاطياف من أجل العيش الامن ، وتجاوز حالة التخلف وفشل عمليات التنمية التي حصلت مشوهة لتضع المواطن بموقف الانسان المازوم الذي لايمتلك الا الانتحار . فالجميع عربا ومسلمين معنيين ومستهدفين وتحت سيف التهديد بالعدوان أو بالتدخل والإذلال والسلب والنهب والتدمير . ليس هناك من دلائل او مؤشرات لانتهاء الازمة التي تصعدها تلك المطالب والشروط والتدخلات الفظة المستهتره بالإرادة العربية والتي تهدف لاخراج العرب والمسلمين من مسار التاريخ. خطوة نحو الفناء. ان الغرب يتربص بالأمة العربية لأجل ان ينفذ المخططات الصهيونية العالمية بان يتم اضعاف وتفتيت الدول العربية الكبرى وان تتحول الى دويلات صغيرة من الممكن السيطرة عليها في أي وقت، عاجزة عن حماية نفسها او تحقيق حاجاتها كدول مستقلة . تلك هي اهدافهم ، ولن تقودنا هذه الكارثة الا الى تفتيت الوطن العربي،ونهب خيراته وثرواته ، ولن يكون هناك في المعادلة من هو رابح او خسران ، في النهاية ، بل هناك ضحايا فقط . ان الاصلاح لا يبنى على القتل والتدمير وإراقة الدماء ولا التصريحات الفضفاضة أو الخطب الرنانة مهما كانت بلاغتها وأيا كان قائلها بقدر ما يقام على أسس عملية وخطوات تنفيذية وآليات سياسية تترجم هذه الأقوال إلى الممارسات العملية، لايحتمل وضع الوطن العربي الحالي أنصاف الحقائق وأنصاف الروايات وغياب الحلول العقلانية والاطروحات البناءة، التي ستعطي أفقا أسود للمستقبل العربي ..تدفعهُ إلى غياهب التطرف والانغلاق وما يعزز توجهات نبذ الآخر ورفضه،اننا يا عرب امةواحدة .. نراها فقدت توازنها ويستمر الوضع الاسوء اكثر ماهو عليه. يقول الله سبحانه وتعالى {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِإِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }آل عمران103.