صاحب الجلالة الملك محمد السادس "" ترددت كثيرا في كتابة هذه الرسالة إلى جانبكم الشريف، إثر الحكم الظالم الصادر في حق زميلنا المدون محمد الراجي، لا لشيء سوى أنه عبر عن رأيه غيرة و حبا لهذا الوطن ، فكان جزاؤه سنتين سجنا و غرامة 5000 درهم تأديبا له على ما صدر منه، وكأن حب هذا البلد يا صاحب الجلالة في منطق قضاة مملكتكم الشريفة جريمة لا تغتفر، مع أن شعبكم الوفي علمتموه في النشأة الأولى التربوية من أسلاك التعليم أن حب الأوطان من الإيمان ، فكان الراجي وفيا لهذه المقولة و لو بكلمة قلم يخطها بمداد قلبه و روحه غيرة على خيرات هذا البلد الذي استرعاكم الله رعايته . انفكت يا سيدي عقدة ترددي ، بحلول ذكرى عظيمة، في هذا اليوم المبارك، من هذا الشهر الفضيل، هذا اليوم؛ الذي هو العاشر من رمضان الخير ، يذكرنا بذكرى غالية عليكم و على جميع المغاربة و المسلمين، إنها ذكرى فتح مكة، ذكرى ما ترون أني فاعل بكم ، ذكرى الخير ، ذكرى الأخ الكريم و ابن الأخ الكريم ، ذكرى اذهبوا فأنتم الطلقاء . أي نعم سيدي، ها هو جدكم المصطفى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم يعلنها مدوية في سماء مكة ، بعد ثمان سنوات من هجرتها، يعود إليها كريما عزيزا عفوا على من اضطهده و حاصره و آذاه و نكل به ، و عذب صحبه و لاحق خيراته ، و أعلن الظلم و العدوان ضده، ها هو يعود إلى مكة بجيش جرار وهو خرج منها مستخفيا، فكان هذا اليوم يوم مرحمة لا ملحمة، فوقف الرسول صلى الله عليه وسلم خطيبا فيهم : فقال لهم : اذهبوا فأنتم الطلقاء .. صاحب الجلالة .. بمناسبة هذه الذكرى العظيمة ذكرى المرحمة ، في شهر الرحمة و المكرمات ، اغتنمها فرصة لأتوجه إلى مقامكم لتصدروا أوامركم السامية ، بإطلاق السراح الفوري ، للزميل المدون محمد الراجي المتهم بحبه لهذا الوطن ، ولي اليقين، أنكم اطلعتم على مقاله الذي لم يمسسكم فيه بسوء، سوى أنه عبر عن رأيه بحرية ، لأنكم بشرتموه في خطاباتكم السامية أننا نعيش زمن العهد الجديد ، عهد الديمقراطية و الحرية و الحداثة... إن قضاة مملكتكم الشريفة – يا سيدي- لم يقدروا كل هاته المعاني الراقية ، مما يسيء إلى سمعة بلادنا و إلى سمعتكم يا صاحب الجلالة ، إن هؤلاء القضاة الذين حكموا على الراجي باسمك إنهم يسيئون إليك، و ما أعظم مثل هذه السيئة في هذا الشهر العظيم شهر الرحمة و العفو و الغفران ، هؤلاء القضاة أوقفوا الراجي وكأنه مجرم ، اختلاس أموال الخزينة العامة للدولة ، أو زور الانتخابات البرلمانية و المحلية، أو نشر الفساد في البلاد و العباد، حاكموه و كأنه تأبط " الكلاشينكوف " و تلثم و هاجر المدينة إلى جبال الأطلس الكبير وأعلن الحرب على الصغير و الكبير ، على الحاكم و المحكوم ، هؤلاء يا سيدي إنهم يسيئون إلى مغرب الدروس الحسنية في هذا الشهر المبارك ، هذه الدروس التي هي تحت رعايتكم و بإشرافكم حيث تلتقي الحكمة مع أختها البصيرة، هذه الدروس التي يتلى فيها كلام الحق سبحانه الذي أمر بالعدل و القسط ، هذه الدروس التي ذكرنا فيها وزيركم في الأوقاف و الشؤون الإسلامية أحمد التوفيق ، في درسه الذي بعنوان " النصيحة شرط في البيعة، عمل علماء المغرب ماضيا وحاضرا، انطلاقا من قوله تعالى : " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط، لا إله إلا هو العزيز الحكيم" ، إن هؤلاء القضاة نسخوا كل مجهود وزيركم المحترم في تبيان " وأولوا العلم قائما بالقسط" حيث قال :"فيكون المستفاد من هذه الآية الكريمة أن الله تعالى الذي بنى كل شيء خلقة على القيام بالقسط ، و بنى القسط على أساس التوحيد ، يرسم للعلماء مهمتهم في هذا القيام الملزم برعاية حقوق الله و حقوق العباد " يا صاحب الجلالة .. إن الذي يسمع بأن مدونا حوكم محاكمة المجرمين في مملكتكم الشريفة و في تغييب تام لهيئة الدفاع ، لا يزيده سماع كلام وزيركم المحترم في الأوقاف و الشؤون الإسلامية أمام حضرتكم المولوية، سوى الحسرة على المفارقة بين الكلام المرسل في دروسكم الحسنية و واقع محاكم بلدنا .. ولهذا سيدي، من قيادتكم الرشيدة و حكمتكم السديدة أن أعلنتم في خطابكم السامي الأخير، مبادرة وطنية لإصلاح القضاء ، حيث جاء على لسانكم" شعبي العزيز، إن النهج القويم للإصلاح يرتكز على ترسيخ ثقة المواطن في سيادة القانون والأمن القضائي. ومن هنا، نحرص على مواصلة تحديث جهاز القضاء وصيانة استقلاله وتخليقه، ليس فقط لإحقاق الحقوق ورفع المظالم، وإنما أيضاً لتوفير مناخ الثقة والأمن القضائي، كمحفزين على التنمية والاستثمار" صاحب الجلالة.. وفي الاخير أتقدم على مقامكم العالي، بالإسراع للضرب على أيدي المفسدين الحقيقيين الذي يريدون سلب الثقة من قلوب المواطنين في الجهاز القضائي ، و التي وعدتم بها شعبكم العزيز ، كما أني آمل أن يتم إطلاق سراح زميلنا المدون محمد الراجي ليصوم مع أسرته الصغيرة ما تبقى من شهر رمضان ويشهد معهم عيد الفطر المبارك . و السلام على مقامكم العالي مصطفى عبد الرحمن 11/09/2008