إنسان مريض يجوب الشوارع دون رعاية صحية ولا قدرة مادية على تأمين الدواء، ولا مستشفيات تستقبله ولا أطباء يعاملونه معاملة مواطن يستحق الشفاء، هو إنسان كئيب، عصبي، يائس من البلاد ومن التغيير ومن الحاضر ومن الحياة.. ولو أن كلمة "مريض" تفي بالغرض وتختصر المضمون غير أن الشرح في مجتمع أصبح المرض عنده من المسَلّمات أمر واجب لتحريك الضمائر وإلقاء الضوء على أنين اضطر إلى السكات. لا يخفى على أحد شكل المستشفيات العمومية بالمغرب، وسخها ونفاياتها ورمادية حيطانها وأرضياتها والعناكب الساكنة بأسقفها ومرافقها النتنة بروائح الإهمال ومعاملات طاقمها ابتداء بالحارس إلى عاملات النظافة إلى الممرضات إلى الأطباء إلى رؤساء أقسام التخصصات والطبيب المدير، ازدراء وافتراء وتبخيس للصحة ووساطة ورشوة ومحسوبية وأولوية للصديق والعائلة وتأخير للمواطن البسيط.. حيث نفسية المواطن في الحضيض. إنها باختصار شبح وكابوس يتبع المواطن المغربي من مولده إلى مرقده يحمل هم المرض أن يضطر إلى الموت في أروقة الفساد المسماة مستشفيات. غير أنها في رمضان، مع صيام ضمائر العباد تبدو وكأنها قبور للأموات. يرمى فيها الجريح بدمه يراق لا يحمله أحد ولا يراه أحد لأنه لا يملك ورقة أو وثيقة أو منظرا في مستوى الاهتمام، ضمائر صائمة عن اسم رب الإسلام، ضمائر نائمة عن معنى المشفى والمستشفى والشفاء والتمريض والتطبيب.. في كلمة اسمها: الرحمة أوجدها الرحمان. يبدو أن الدولة تسير في خطى إصلاح هذا النظام الصحي نفس مسيرتها في إصلاح باقي المنظومات، وكأن مسيروها ليسوا أناسا بشحم ولحم يعرفون معنى الألم في سكات. بل هو أول الأولويات. إصلاح نظام الصحة ومراقبته ومراقبة المسؤولين عن تدهوره ومحاسبتهم ومحاسبة مهملي صحة الناس هو أول ما يجب أن تبدأ به أي حكومة وطأت عتبة الوزارات. تأمين صحي للجميع ليس مطلبا، وليس حقا، وليس أمرا مستعجلا فحسب، إنما هو فريضة يجب أن يقيمها المسؤولون قبل فتح أفواههم بأية أجندات. تأمين صحي للجميع، ورعاية الفقير والمسكين واليتيم والسائل والمحروم والمتسول والمتشرد والسكران والمدمن والميسور والغني والشيخ والصبي هو أساس قيام مجتمع سليم يستطيع أن يفكر ويقرر ويعطي شيئا لهذا البلد. ومواطنون معتلون يجوبون شوارع المملكة يعملون ويعيشون بالمرض في صمت هو قمة الظلم الواقع على العباد. فحص مجاني، وتحاليل مجانية، ودواء لكل فرد يعيش على هذه الأرض أمر من العيب أننا لا زلنا نطالب به في مقالات! برلمان رمضان ينعي صحة المواطن المغربي! www.facebook.com/elMayssa